صاندي تايمز: لقاح “سبوتنيك في” أصبح أداة بوتين للسخرية من الأوروبيين والتأثير عالميا
عربي تريند_ نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعده ماثيو كامبل حول استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاح “سبوتنيك في” الروسي للسخرية من الأوروبيين.
وتساءل كامبل: “ما الذي يجمع بين مئات الآلاف من متابعي منصات التواصل الاجتماعي واسم له صداه لكسب العقول والقلوب؟”. الجواب هو عبارة تستدعي التنافس بين القوى العظمى وإطلاق أول مركبة فضائية في العالم عام 1957 “سبوتنيك”. فما كان رمزا للنصر السوفييتي، أصبح لقاحا ضد كوفيد-19 ورمزا للفخر الروسي وهو أيضا أداة لتوسيع الخلاف في أوروبا حول طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي الكارثية مع مكافحة فيروس كورونا وتوفير اللقاحات وسط الشكوك في لقاح أوكسفورد أسترازينيكا.
وبدأت روسيا بالترويج للقاح “سبوتنيك في” في أوروبا وحول العالم، بنفس الطريقة والحماس الذي تجلبه مسابقات الأغنية الأوروبية “يوروفيجين”. وعرضت على منصات التواصل الاجتماعي رحلات مجانية إلى روسيا تشمل التطعيم ضد كوفيد 19. وتستهدف الحملة بشكل مباشر الأوروبيين المحبطين من عدم قدرة حكوماتهم على توفير اللقاح لهم. وفي رسالة على حساب “سبوتنيك” في انستغرام، يرد هذا السؤال: “ألم تشارك في مسابقتنا بعد؟”. وحثّت الرسالة المستخدمين على إرسال صورهم بعلامة النصر “في” ووعد بربح إجازة صيف في روسيا.
بدأت روسيا بالترويج للقاح “سبوتنيك في” في أوروبا وحول العالم، بنفس الطريقة والحماس الذي تجلبه مسابقات الأغنية الأوروبية “يوروفيجين”. وعرضت على منصات التواصل الاجتماعي رحلات مجانية إلى روسيا تشمل التطعيم ضد كوفيد 19
ووُعد المتابعون للحساب بأنهم أول من سيتلقون دعوة إلى روسيا لتلقي حقنة “سبوتنيك” في إطار برنامج سياحة اللقاح. وقال متابع لحساب سبوتنيك: “أرغب بالتأكيد في القدوم، وعلينا الانتظار طويلا في ألمانيا” للحصول على اللقاح.
ومن الصعب التأكد فيما إن كانت تعليقات كهذه صادقة. لكن بريتش شيفر، الخبير في عمليات التضليل الرقمية بصندوق مارشال الألماني الأمريكي لديه شكوكه، مضيفا: “لقد استثمروا كثيرا في حملة سبوتنيك”. وقال إن حساب سبوتنيك على انستغرام زاد عدد متابعيه بنسبة 600% في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، ووصل إلى 250 ألف متابع. و”سواء كان المتابعون آلياً أم لا، يظل السؤال قائما، وربما كانت حسابات أوتوماتيكية” في إشارة إلى المعلومات الأتوماتيكية التي استُخدمت في حملات روسية سابقة و”تظل احتمالا عندما تتعامل مع روسيا”.
وتضيف الصحيفة أن الحملة على ما يبدو باتت تثمر، في الوقت الذي بدأت فيه دول أوروبا البحث عن طرق لشراء اللقاحات. وأخبر وزير الصحة الألماني جينز سبان، نظراءه في أوروبا يوم الأربعاء أن برلين قد تتفاوض مع موسكو لشراء لقاح سبوتنيك، مع أن هيئة تنظيم الأدوية في الاتحاد الأوروبي لم تصادق على استخدامه بعد. وقال وزير ولاية بافاريا ماركوس سودير، إن منطقته تتحدث مع المنتجين الروس لشراء 2.5 مليون حقنة. وتريد النمسا شراء ملايين الحقن منه. وحصلت المنطقة المستقلة في إيطاليا سان مارينو على 7.000 حقنة. وحتى لا تترك وحيدة، تفاوضت إيطاليا مع روسيا لتصنيع اللقاح.
وأدى لقاح سبوتنيك في بعض الدول لمعارك سياسية، فقد أجبر رئيس وزراء سلوفاكيا إيغور ماتوفيتش على الاستقالة بعد ثورة المعارضة عليه لشرائه مليوني حقنة من سبوتنيك. وفي الدولة الجارة، التشيك، انتصر اللقاح، حيث عزل الرئيس ميلوس زيمان، حليف بوتين، وزير الصحة يان بلاتني لرفضه دعم الصفقة مع روسيا لشراء سبوتنيك.
وفي الوقت الذي يحاول فيه بوتين (68 عاما) نشر لقاح سبوتنيك حول العالم، إلا أنه لم يظهر نفس الحماسة للترويج له داخل روسيا نفسها. ولم يتم تطعيم سوى نسبة 6% من السكان. وبحسب استطلاع أخير، تُعارض نسبة 62% التطعيم. وعندما حصل بوتين على الحقنة الأولى من اللقاح تم ذلك بعيدا عن الأضواء. وعندما سُئل عن السبب الذي جعله لا يتبع مثال القادة الآخرين الذين تلقوا التطعيم أمام عدسات الكاميرا، أجاب أنه لا يريد أن يكون مثل “قرد ممثل”.
لم يتم تطعيم سوى نسبة 6% من السكان في روسيا بلقاح “سبوتنيك في”. وبحسب استطلاع أخير، تُعارض نسبة 62% من الروس التطعيم باللقاح
ويقول خبراء الشأن الروسي إن موسكو ترى في اللقاح على أنه وسيلة للتأثير في الخارج أكثر من كونه أداة لحماية المواطنين الروس. وقال جاكوب كالينسكي، الزميل بالمعهد الأطلنطي والخبير في مختبر التشخيص الرقمي: “يلعب الكرملين لعبة طويلة، وهو مهتم بنشر الفوضى والانقسام في أوروبا وتقويض مصداقية الديمقراطيات بشكل عام”. وقال: “أعتقد أنه من الحكمة الشك” في هذه الجهود.
وترى جوانا هوسا، الزميلة في المعهد الأوروبي للشؤون الأوروبية: “من الناحية المثالية، فاللقاح لا علاقة له بالسياسة، لكن تم تسييسه منذ البداية، وبالتحديد روسيا واختيارها اسم اللقاح”. وأدت مصادقة بوتين على استخدام اللقاح في آب/ أغسطس الماضي، إلى موجة من الفخر القومي. ويقول كيرل ديمترييف، مدير وحدة الاستثمار التي تقف وراء اللقاح، لشبكة “سي إن إن”: “دُهش الأمريكيون عندما سمعوا صوت المركبة الفضائية بنفس الطريقة مع اللقاح، ووصلت روسيا أولا”.
وأعلن مذيع التلفزيون الروسي: “قبل ستين عاما أو يزيد، كل عناوين الأخبار كانت تردد كلمة سبوتنيك الروسية”. وتحتوي المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي تقارير إيجابية عن اللقاح الروسي، بما فيها واحدة من مجلة “لانسيت” الطبية التي قالت إن فعالية اللقاح تصل إلى 90%، مع خريطة تظهر عدد الدول في العالم التي تستخدمه وتضم عددا من دول أمريكا اللاتينية التي ظلت تعتمد على أمريكا، لكن وصول سبوتنيك ترك آثار جيوساسية دائمة.
يستخدم الروس اللقاح لبناء مصداقية دولية ومكانة، ويقولون إننا لا نحتاج الاتحاد الأوروبي، ولكن الاتحاد الأوروبي هو من يحتاج سبوتنيك
وقالت هوسا: “لا يوجد منتج لقاح استثمر جهودا كبيرة على منصات التواصل مثل الروس”. وتضيف: “يكشف ذلك عن أهمية الأمر لهم، ويستخدمونه لبناء مصداقية دولية ومكانة، ويقولون إننا لا نحتاج الاتحاد الأوروبي، ولكن الاتحاد الأوروبي هو من يحتاج سبوتنيك”.
وكما في تقاليد الحرب الباردة، اتُهمت روسيا بالتضليل وخاصة حول اللقاحات الأخرى، مثل فايزر الذي يعتبر المنافس الأكبر للقاح سبوتنيك. كما استهدفت الحملة أيضا المسؤولين الأوروبيين الذين انتقدوا لقاح روسيا. ومن هؤلاء مديرة وكالة الأدوية الأوروبية كريستا ويرثمور- هوتش، والتي تقوم وكالتها بتقييم فعالية سبوتنيك ومتابعة الإجراءات الروسية وتطابقها مع المعايير الأوروبية في عمليات الفحص السريري.
وفي الشهر الماضي، حذرت كريستا ويرثمور- هوتش الأوروبيين من منح ترخيص استخدام طارئ لسبوتنيك قبل أن تقدم وكالتها الرأي النهائي. وقالت إن التسرع سيكون مشابها “للروليت الروسي”. فردّ الروس على أن تصريحاتها مؤامرة لتقويض اللقاح.