العالم تريند

اتهامات ماكرون لتركيا بالتدخل في الانتخابات الفرنسية.. مخاوف حقيقية أم تجييش لليمين وتبرير لخسارة متوقعة؟

عربي تريند_ وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لقاء تلفزيوني اتهامات مختلفة لتركيا كان أبرزها ما قال إنه سعي أنقرة للتأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا، والتي تشير تكهنات واستطلاعات رأي إلى تراجع شعبية ماكرون فيها، واحتمال خسارته لصالح اليمين المتطرف الذي يبدو أن ماكرون يسعى لاجتذاب أصواته من خلال تجييش اليمين وتعزيز الخطاب القومي ومعاداة الأتراك والمسلمين.

وقال ماكرون في إشارة إلى تركيا، ضمن فيلم وثائقي بثته قناة التلفزيون الفرنسية “فرانس 5”: “بالتأكيد. ستكون هناك محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة. هذا مكتوب والتهديدات ليست مبطنة”، مؤكداً وجود “محاولات تدخل” تركية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر أن تجري عام 2022.

الخارجية التركية أصدرت بياناً رفضت فيه اتهامات ماكرون ووصفتها بـ”الخطيرة”، واعتبر المتحدث باسم الخارجية حامي أقصوي أن “تصريحات ماكرون جاءت متناقضة مع علاقات الصداقة والتحالف القائمة بين تركيا وفرنسا”، معتبراً أن التصريحات “أدليت عن قصد بهذا الشكل، قبيل قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي”.

ماكرون: “بالتأكيد. ستكون هناك محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة. هذا مكتوب والتهديدات ليست مبطنة”.

وبينما حذر أقصوي من أن تصريحات ماكرون “تتسبب في إقصاء المجتمعات ذات الأصول الأجنبية في البلاد”، أكد أن “تركيا ليست لديها أية أجندة في فرنسا، سوى تأمين رخاء واستقرار وانسجام الجالية التركية هناك، والبالغة عددها قرابة 800 ألف نسمة”، والتي يعتقد أنها ستكون المتضرر الأكبر من حملة ماكرون الأخيرة.

في السياق ذاته، أعرب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك، عن أمله في أن “يصحح الرئيس الفرنسي تصريحاته الأخيرة”، وشدد جليك على أنه “يجب على أي دولة عندما تتهم دولة أخرى أن تقدم أدلة ملموسة تثبت ادعاءاتها، وفي خلاف ذلك لا مكان للشكوك والظنون في التعاملات الدبلوماسية”، وتابع: “يجب على الدولة التي توجه اتهامات من هذا القبيل لدولة أخرى، الاعتراف بمدى هشاشة نظامها الديمقراطي والانتخابي، بدلا من توجيه الاتهامات للآخرين”.

واعتبر جليك أن “تصريحات ماكرون التي اتهم فيها تركيا أنها تستخدم مسجدا هناك (في فرنسا) مثل حديقتها الخلفية، لا تمت للواقع بصلة، وهي لغة المتطرفين والفاشيين في أوروبا”. وأضاف جليك: “المسلمون في فرنسا جزء من الثقافة الأوروبية، وأشخاص جيدون ومسالمون للغاية”، لافتا إلى أن “هذه الخطابات تزعجهم أيضا مع الأسف، كما تخل بتوازن النظام العام في فرنسا، وتلحق الضرر بعلاقاتنا الثنائية“.

ونهاية العام الماضي، تفجر خلاف تركي فرنسي كبير عقب تصريحات للرئيس الفرنسي وُصفت بأنها معادية للإسلام، حيث ردت عليه تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان بخطاب حاد على مدى أسابيع عبر تصريحات رسمية وحملات إعلامية واسعة، كان أبرزها وصف أردوغان لماكرون بأنه بحاجة إلى “فحص قدراته العقلية”.

لكن الأبرز من التصريحات الرسمية، كانت الحملات الإعلامية الواسعة التي قادها الإعلام التركي الناطق بلغات مختلفة ومنها قنوات التلفزيون الرسمي التركي بلغاتها المختلفة والتي أبرزت على نطاق واسع تصريحات ماكرون التي اعتبرت “معادية للإسلام” والدعوات الواسعة التي انتشرت على نطاق واسع لمقاطعة البضائع الفرنسية.

يُعتقد على نطاق واسع أن ماكرون يحاول من خلال تصعيد حملته ضد تركيا والمسلمين إلى استغلال ذلك في محاولة للحصول على أصوات اليمين المتصاعد في فرنسا، واتهام تركيا بالتأثير على نتيجة الانتخابات الفرنسية في حال هزيمته

واعتبر ماكرون أن وسائل الإعلام التركية ضللت تصريحاته في محاولة لإثارة الرأي عام ضده، وهو ما فُهم على أنه إشارة من ماكرون إلى أن التدخل التركي ربما يكون على طريقة الحملات السابقة والمتمثلة في إبراز تصريحاته التي توصف بأنه “عنصرية” و”معادية للإسلام”.

لكن وسائل الإعلام التركية على الرغم من تطورها وتوسعها، إلا أنه لا يوجد من ضمنها أي وسيلة إعلام ناطقة باللغة الفرنسية، وإن كانت الحملات السابقة التي قادها الإعلام التركي واسعة واستهدفت ماكرون، فإنها ضغطت عليه أمام الرأي العام العربي والإسلامي ولم تصل إلى المجتمع الفرنسي والناخبين الفرنسيين بشكل خاص بأي طريقة. ويقتصر التأثير التركي من الداخل الفرنسي على المواطنين من أصول تركية الذين يبلغ عددهم قرابة 800 ألف، ويصوتون بناء على توجهاتهم الداخلية المختلفة، حيث لا تمتلك الحكومة التركية تأثيراً مباشراً على قرارهم الانتخابي باستثناء شرائح أصغر بكثير مرتبة بالجالية وجمعيات منظمة قريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

وعلى عكس ما يصوره ماكرون من أنه يخشى التدخل التركي، فإنه يُعتقد على نطاق واسع أن ماكرون يحاول من خلال تصعيد حملته ضد تركيا والمسلمين في البلاد إلى استغلال ذلك في محاولة للحصول على أصوات اليمين المتصاعد في فرنسا، واتهام تركيا بالتأثير على نتيجة الانتخابات الفرنسية في حال هزيمته، حيث تشير التكهنات والاستطلاعات إلى تراجع شعبية ماكرون لصالح اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان.

وفي محاولة لاجتذاب أصوات اليمين، صعّد ماكرون على تصريحاته وإجراءاته ضد المسلمين في فرنسا، واستهدف بشكل خاص الجمعيات الإسلامية والأئمة الأجانب وخاصة الأتراك منهم، وعمل وزير الداخلية الفرنسي على توقيف أئمة ومراقبة مساجد واتخاذ إجراءات واسعة ضد جمعيات دينية وتركية بشكل خاص تحت عنوان “قانون محاربة الانفصالية”، كما يتوقع أن يوسع ماكرون من هذه الإجراءات كلما اقترب موعد الانتخابات.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى