صحة وجمال

أرقام خيالية تجنيها شركات صناعة الأدوية من مرضى الاكتئاب

لا يعاني مرضى الاكتئاب، الذين تجاوز عددهم الـ300 مليون شخص حول العالم، مما يعيشونه من حالة حزن متواصل وأعراض نفسية وجسدية قد توصلهم للتفكير بإيذاء النفس أو الانتحار فحسب؛ فعليهم دفع نحو 6.5 مليار دولار سنوياً لشركات الأدوية للحصول على العلاج باهظ الثمن لمرضهم.

ويعيش أصحاب هذا المرض النفسي الخطير، الذي تصنّفه منظمة الصحة العالمية على أنه الأكثر انتشاراً حول العالم، في حالة استنزاف صحي ومالي متواصلة؛ فالعقاقير الطبية اللازمة لعلاجهم باهظة الثمن، لكونها محمية ببراءات اختراع، ما يعني أن شركات معيّنة تحتكرها وتحدّد سعرها دون أي سقف.

وبحسب تقرير نشرته مؤسسة “أبحاث السوق” الأمريكية (TMR)، في مايو الماضي، فقد بلغت قيمة سوق أدوية الاكتئاب العالمي 6.5 مليار دولار في العام 2017، مرتفعة من 6.4 مليارات دولار في 2016، و4.6 مليارات في 2015.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع معدّل حدوث اضطرابات الاكتئاب الكبرى قد يؤدّي إلى نمو سوق الأدوية، خاصة في الصين والهند وآسيا وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، خلال الفترة من 2018 لـ2026.

وفي أرقام مشابهة، توقّع تقرير أصدرته منظمة “Medpace” الأمريكية البحثية، في أكتوبر الماضي، أن ينمو سوق الأدوية من 4.6 مليارات دولار عام 2015 إلى 7.3 مليارات في العام 2024.

إلا أن موقع “Mordor Intelligence” الأمريكي المتخصّص بجمع وتوثيق المعلومات والدراسات المتعلّقة بالأسواق العالمية قدّر حجم السوق العالمية لأدوية الاكتئاب في 2017 بـ11.6 مليار دولار.

وتوقّع الموقع أن تسجّل سوق أدوية الاكتئاب العالمي نمواً سنوياً مركّباً يبلغ 1.8%، خلال الفترة ما بين 2018-2023.

وتحقّق شركات الأدوية العالمية من بيعها لأدوية الاكتئاب المحميّة ببراءة الاختراع التي تملكها أرباحاً تقدَّر بـ3 مليارات دولار سنوياً.

وتشير بيانات شركة “Statista” المختصّة بأبحاث السوق إلى أن شركات الأدوية الأمريكية حقَّقت أرباحاً بملايين الدولارات من بيع الأدوية النفسية عام 2016.

وذكرت أن شركة أدوية “Yreka” حقّقت أرباحاً بلغت 4.4 ملايين دولار، تلتها شركة “Vyvanse” محقّقة أرباحاً بنسبة 3.1 ملايين دولار.

ويتناول حالياً عدد كبير من الأمريكيين مضادات الاكتئاب. ومنذ عام 2010، ارتفع عدد الأمريكيين الذين تناولوا مضادات هذا المراض بنسبة 60%، وفقاً لما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، في أبريل الماضي.

وقُدِّر معدّل الإصابة بالاكتئاب في الولايات المتحدة عام 2017 بنحو 16.1 مليون شخص بالغ، أي نحو 7% من السكان، وفقاً للمعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية.

ومن المتوقّع أن تحتلّ أمريكا الشمالية المركز الأول في استهلاك أدوية الاكتئاب بحصة 40% عام 2020، تليها أوروبا بحصة 34%، ثم آسيا والمحيط الهادئ بـ20%، وأمريكا اللاتينية 4%، وأخيراً الشرق الأوسط وأفريقيا بحصة قد تصل إلى 2% فقط، بحسب دراسة لشركة “zionhealth” الطبية الأمريكية.

ولكن الأرباح الضخمة التي تحقّقها شركات أدوية الاكتئاب ربما لن تدوم طويلاً مع اقتراب معظم أدوية علاج الاكتئاب المعروفة من نهاية صلاحية براءات الاختراع التي تمتدّ لـ20 عاماً، ومن ثم سيصبح بإمكان أي شركة تصنيعها بثمن قليل.

وقد يؤدّي ذلك إلى انتشار غير مسبوق لأدوية الاكتئاب، وقد تستفيد شركات الأدوية الصغيرة بالدول النامية من ذلك.

لكن شركات الأدوية الأمريكية ستطرح أصنافاً جديدة من أدوية الاكتئاب ببراءات اختراع جديدة لمواجهة هذه الأزمة.

وبحسب “zionhealth” فإن 3 فئات جديدة من هذ الأدوية معروضة حالياً على هيئة الغذاء والأدوية الأمريكية للموافقة عليها، وإذا ما تم ذلك فمن المتوقع أن يقفز حجم السوق لـ7 مليارات و300 مليون دولار بحلول 2024.

ومع إضافة العلاجات الأخرى للاكتئاب؛ مثل الاستشارات النفسية والمنتجات غير التقليدية، يتوقَّع أن يتجاوز الحجم الإجمالي لسوق علاجات الاكتئاب الـ18 مليار دولار، بحلول العام 2024.

وتعكس كل هذه الأرقام مدى الانتشار الكبير للمرض، حيث صنّفته منظّمة الصحة العالمية العام الماضي، على أنه أكثر الأمراض انتشاراً في العالم.

وقالت إن عدد المصابين بالاكتئاب قد ارتفع بأكثر من 18% منذ العام 2015، حيث كان عددهم آنذاك 322 ميلون شخص.

وكشفت عن أن غالبية المصابين يفتقدون الرعاية الصحية الكافية، ففي البلدان ذات الدخل المرتفع هناك 50% لا يحصلون على العلاج، بينما في البلدان منخفضة الدخل يرتفع المعدّل إلى 80 و90%.

ويعود ذلك إلى نقص التمويل؛ حيث لا يُنفق سوى 3% من ميزانيات الصحة في جميع الحكومات على الصحة العقلية.

ويسبب الاكتئاب تأثيرات كبيرة على الإنسان؛ أهمها شعوره بحزن دائم، ونقص الطاقة، وفقدان الشهية، وقلة النوم، والشعور بالقلق، والتفكير بإيذاء النفس.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد المصابين بالاكتئاب في جميع أنحاء العالم يرتفع بوتيرة سريعة.

المصدر
الخليج أون لاين
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى