تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.. لماذا تتأخر واشنطن؟
اعتبر الدكتور توفيق حميد، الباحث في الإسلام السياسي والمقيم في أميركا، أن سبب تأخر الإدارة الأميركية في إصدار قرار تصنيف وإدراج الإخوان جماعة إرهابية، رغم إعلان نيتها ذلك منذ أبريل/نيسان الماضي يعود إلى عرقلة الديمقراطيين.
وقال في حديث مع “العربية.نت” إن النواب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ يعرقلون ذلك، ويطلبون إجابات لأسئلة معقدة كما يطلبون اشتراطات كثيرة وصعبة، بهدف ثني الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن اتخاذ قراره، مضيفاً أن الديمقراطيين وبعضهم من بقايا إدارة أوباما يعرقلون كذلك العديد من ترشيحات ترمب في تعيين موظفي إدارته، في البيت الأبيض.
وأضاف أن بعض الموظفين الحاليين في البيت الأبيض يتبعون الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما، وهم متساهلون مع الإخوان، ويؤيدون سياسة أوباما.
قرار ترمب والولاية الثانية
كما لفت إلى وجود لوبيات ووسائل إعلام تلمع صورة الإخوان في الولايات المتحدة، وتظهر عناصر الجماعة بصورة المعتدلين الواجب التعامل معهم واحتواؤهم، مما يزيد الضغط على إدارة ترمب لإجباره على التراجع عن خطتها تجاه الإخوان، مؤكداً أن الفترة الأولى في ولاية أي رئيس أميركي تكون يد الرئيس فيها شبه مرتعشة أو مكبلة، ويكون غير قادر على اتخاذ القرارات المصيرية، بسبب رغبته في خوض ولاية أخرى، وتزايد مخاوفه من أن تؤثر تلك القرارات على فرص فوزه بالولاية الرئاسية الثانية.
إلى ذلك، توقع حميد أن يصدر قرار ترمب بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية في ولايته الرئاسية الثانية إذا فاز بها، ووقتها يكون قد أكمل تعيين طاقم إداراته بالكامل، وهو طاقم لا يؤيد الإخوان، ولا يؤيد سياسية أوباما في التعامل مع الجماعة واحتوائها، مؤكداً أن ترمب سيصدر قرارات قوية ضد الجماعة وسيكون لها تأثيرات مدوية عقب فوزه بالولاية الثانية.
من محاكمات أعضاء في الإخوان بمصر (أرشيفية- فرانس برس)
من محاكمات أعضاء في الإخوان بمصر (أرشيفية- فرانس برس)
لوبي الإخوان في أميركا
وحول وجود لوبي للإخوان في أميركا، قال الباحث السياسي إن الإخوان لهم تواجد قوي في الولايات المتحدة، من خلال المساجد والمراكز والمنظمات الإسلامية، وتلجأ إليهم السلطات الأميركية في التواصل مع المسلمين داخل أميركا، ولذلك لا يجب التقليل منهم أو من خطورتهم، مؤكداً أن اليسار الأميركي يتواصل أيضاً معهم ربما لجهل منه أو لتبنيه حرية الفكر والحرية الدينية، دون أن يعلم خطورة فكر الإخوان ورغبتهم في السيطرة، وتهميش الآخرين وإقصائهم، واصفاً من يدعم الإخوان أو يتواصل معهم تحت مزاعم الحرية الدينية وحرية الفكر بالجاهل بالتاريخ، مذكراً بما فعله “نظام الملالي” في إيران، وما قام به من تعليق المعارضين على المشانق في الشوارع.
السيطرة والاستحواذ
إلى ذلك، رأى أن “الإخوان يعملون وفق مراحل تبدأ أولا بالدعوة، تليها المشاركة، يليها التمكين، ثم تنتهي بالسيطرة والاستحواذ المطلق، وهو ما لا يدركه البعض، حيث يرون الإخوان في المرحلتين الأولى والثانية، مشاركين في أعمال تجارية، ودعوية، فيعتقدون أنهم سلميون ومعتدلون، ولا يرونهم دعاة عنف”، معتبراً أنه “نتيجة عدم الفهم بخطوات الإخوان اللاحقة والسابقة والتي يقرها الإخوان في أدبياتهم، يعتقد البعض أنهم جماعة معتدلة.
الإخوان والليبيراليون
كما رأى حميد أن الإخوان ينتهجون العنف، وهو منهج لديهم وضمن سياساتهم لتحقيق أهدافهم، ولو قرأ الآخرون تاريخ الإخوان جيداً لتيقنوا أن الأسوأ قادم وأن عنفهم سيطال الجميع بلا استثناء”، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن بعض الليبراليين يدعمون الإخوان لاعتقادهم أن الجماعة ستساعدهم في مواجهة اليمين المسيحي أو العسكريين.
كما أوضح أن الليبراليين لديهم حساسية في التعامل مع اليمين والعسكريين، لذلك يتحالفون مع الإخوان للحصول على أصوات المسلمين في الانتخابات بالغرب وبعض الدول العربية، وهو ما يجري حالياً ويحدث بوتيرة متشابهة.
وأكد أن هؤلاء الليبراليين يعتقدون أنهم يمكنهم السيطرة على الإخوان، وأنهم جماعة قابلة للاندماج وتقبل بالتنوع والتعدد السياسي، مشيراً إلى “أنهم لا يعرفون طبيعة الإخوان ولا أفكارهم التي تقترب من الفاشية، ولا تسمح بوجود أي منافس أو معارض لها، بل تعتبر أن منافسيها ومعارضيها معارضو الدين وليس الجماعة”.
أوروبا واحتضان الجماعة
وحول سبب دعم بعض الدول الأوروبية للإخوان رغم ارتكابهم جرائم إرهابية، يقول إن هناك سياسة غربية شهيرة تدعو للسيطرة على كافة التيارات حتى لو كانت متناقضة وعدم حل أي مشكلة، حتى يمكن استخدامها واستغلالها في الوقت المناسب، والاستفادة منها، والحصول على كل الدعم الممكن من أجل حلها، وتسخير كافة أطرافها لمصالحه، مؤكداً أن هذا ما يفسر سبب احتضان بعض الدول للإخوان ومنافسيهم أو المناوئين لهم.
كما أصاف أن بعض السياسيين الغربيين يحتضنون الإخوان للحصول على أصوات المسلمين في أوروبا خلال الانتخابات، خاصة مع تزايد أعدادهم، ويتجلى ذلك بوضوح في دولة مثل بريطانيا، حيث يخشى البعض معاداة الإخوان أو إصدار قرار بإدراجهم كجماعة إرهابية بسبب عدد المسلمين هناك، مشيراً إلى أن بعض هذه الدول تستخدم الإخوان لتنفيذ أجندات سياسية ومصالح خاصة بها في الشرق الأوسط.