السجن 7 سنوات لموظف سرق 635 مليون درهم
خفضت محكمة استئناف أبوظبي عقوبة السجن بحق المتهم الرئيسي (موظف مصرف) أدين بالاحتيال والنصب ومحاولة سرقة 635 مليون درهم من أموال المصرف الذي يعمل به من السجن 15 سنة إلى 7 سنوات، مع إلزامه مع باقي شركائه في الجريمة برد مبلغ 9 ملايين و876 ألف درهم وتغريمهم نفس المبلغ مع إبعاد المحكوم عليهم إلى خارج الدولة عقب تنفيذ العقوبة.
وتعود تفاصيل القضية التي أوردتها دائرة القضاء أبوظبي، في تقرير «قصص وعبر» من محاكم أبوظبي، للتوعية والتأكيد على أن الأجهزة المختصة في الدولة قادرة على الوصول إلى المجرمين مهما بلغت درجة ذكائهم، إلى قيام موظف بنك تم إبلاغه بإنهاء خدماته، استغلال صلاحيات وظيفته، وتنفيذ خطة أعدها مسبقاً لسرقة البنك، حيث قام خلال الفترة المسائية لعمل البنك وعقب إغلاق النظام الإلكتروني الخاص بالمعاملات البنكية، بإجراء تحويلات مالية من رصيد البنك إلى حسابات خارج الدولة بمبالغ تعدت 600 مليون درهم، وقام ببرمجة العمليات بحيث لا تكتمل إلا صباحاً عند إعادة فتح النظام، في الوقت الذي يكون فيه قد غادر الدولة.
وأوضحت التحقيقات، التي ذكرتها الدائرة في تقريرها، أن المتهم كان قد خطط مسبقاً لجريمة سرقة البنك، واستعان بآخرين لتنفيذ خطته الإجرامية، من خلال استغلال أسماء شركات مملوكة لهم لإجراء عمليات شراء وهمية بأسمائها وتحويل الأموال للخارج، إلا أنه فوجئ خلال هروبه من المطار، بأنه ممنوع من السفر وصادر بحقه تعميم.
وأشار المتهم في التحقيقات، إلى محاولته إقناع الضابط المسؤول في المطار بأن الأمر به خطأ وأنه موظف كبير في بنك معروف، ولم يرتكب أي خطأ، إلا أن الأخير أكد له أن الاسم والرقم الموحد يتطابق مع بيانات المطلوب، في بلاغ شيك بدون رصيد، مشيراً إلى أنه تذكر بأنه لم يقم بتسديد شيك بمبلغ 15 ألف درهم وحاول تسديده في المطار إلا أن رجال الشرطة أخبروه بأنه يجب إحالته للنيابة وهناك يمكنه إجراء تسوية مع الشاكي وتسديد المبلغ.
وقال المتهم: «شعرت بأن خططي انهارت، ورحلة هروبي من الدولة فشلت، بعد أن كان يفصلني ساعات فقط عن الحصول على مئات الملايين، حيث خططت لذلك منذ سنوات وكنت أراجع خطتي للتأكد من دقتها وعدم إمكانية كشفها مع كل برنامج إلكتروني جديد أقوم باعتماده لتسهيل خطتي، إلا أن شيكاً بقيمة 15 ألف درهم من دون رصيد، لم أسدده يؤدي إلى انهيار كل شيء».
إحالة
وأضاف: «بعد منعي من السفر، تم إحالتي إلى النيابة صباح اليوم التالي، واستطعت أن أنهي إجراءات تسديد الشيك بسرعة، وإلغاء الإجراءات القانونية بحقي، وتوجهت إلى المطار مباشرة وحجزت مقعداً على أول طائرة مغادرة دون معرفة وجهتها، لكي أغادر الدولة ثم ألحق بعدها بأسرتي التي سبقتني إلى إحدى الدول التي تنتهج سياسة عدم تسليم المجرمين».
وتابع المتهم: «كان موعد إقلاع الطائرة بعد أقل من ساعة، فتوجهت إليها مسرعاً وبعد أن جلست في مقعدي، شعرت بنجاح خطتي، وهروبي خاصة بعد أن طلب قائد الطائرة من المسافرين الاستعداد للإقلاع، فأغمضت عيني للحظات، وفتحتهما بعدها على صوت رجال الشرطة يطالبوني بمغادرة الطائرة معهم بهدوء».
فيما أشارت أوراق القضية، إلى أن الأجهزة الإلكترونية في الجهة المشرفة على البنوك في أبوظبي رصدت وجود سحوبات كبيرة من احتياطي أحد البنوك العاملة في الإمارة، حيث يقوم المصرف إلكترونياً بضخ مبالغ السيولة النقدية للبنوك العاملة في الدولة بمجرد فتح النظام صباحاً، لافته إلى أن النظام كان يعطي إنذاراً بسحب هذه الأموال، وكان كلما ضخ مبلغاً من الاحتياطي يتم سحبه ليصدر النظام التنبيه مجدداً، فقام الموظف المعني بعمل تقرير حول هذه السحوبات غير المنطقية وقدمها لإدارته التي قامت بدورها بمراجعة البنك ليتبين عدم وجود عمليات لديه بهذه المبالغ الكبيرة.
تحقيقات
وأوضحت التحقيقات، أن الإدارات المعنية في البنك قامت بمراجعة كافة الملفات بحثاً عن الخلل الذي حدث وتسبب في سحب أكثر من 600 مليون درهم، ولم يستغرق الأمر أكثر من ساعة حتى تبين أن عمليات التحويل تمت ليلاً بينما كان النظام الإلكتروني مغلقاً وما إن تم تشغيل النظام حتى قام إلكترونياً بتنفيذ أوامر السحب الليلية.
ونجح المسؤولون في البنك في تحديد الفاعل، والذي تبين أنه أحد الموظفين الذين أنهيت خدماتهم قبل أيام، وكان في اليوم السابق قد طلب من مديره بشكل ودي إرجاع بعض الصلاحيات له لينهي بعض العمليات المعلقة، ولكونه من قدماء موظفي البنك ومعروف بسمعته ونزاهته، أعيدت له الصلاحيات ليوم واحد، فيما لم يشك رجال الأمن عند عودته مساء إلى البنك، خاصة وأنه كان من الموظفين المجتهدين.
وأظهرت التحقيقات اعتراف المتهم بجريمته عقب القبض عليه كما أدلى خلال التحقيقات بمعلومات تفصيلية عن شركائه الذين ساعدوه على إتمام عملية النصب والاحتيال واختلاس أموال البنك، فيما نجح المصرف المركزي بالتعاون مع الجهات ذات الصلة بإعادة معظم الأموال التي كان قد حولها المتهم على أساس أنها ثمن بضائع.