العرب تريند

هذه أسرار تفشي الجريمة في العراق

“القانون يجب أن يكون كالموت لا يستثني أحدا”، هكذا قال الفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو، والحرية من غير قانون ليست سوى سيل مدمر.. فهل القانون العراقي يطبق على الجميع أم هناك استثناءات؟

فما بين ضعف تطبيق القانون وازدياد معدل ظاهرة الجريمة اليوم، بات المواطن العراقي يتساءل عن الجهة التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة، والأسباب التي تقود إلى ذلك، لا سيما وسط تفشي الفوضى وانتشار السلاح في العراق بصورة واسعة من غير رخص قانونية.

عندما دخلت الجزيرة نت عددا من المحاكم العراقية وجدتها مكتظة بأعداد هائلة من المراجعين، مع تذمر المواطنين فيها، هذا يشكو وذاك يرجو وآخر ينتظر حسم قضيته دون تأجيل مستمر.

اعتذر معظم من أرادت الجزيرة نت مقابلتهم من القضاة لمعرفة آرائهم لعدم التصريح لهم من مجلس القضاء الأعلى. لكن القاضي إياد محسن ضمد برأ ساحة القضاء من أي تقصير، وقال إن القضاء يعد المساهم الأكبر في ملاحقة الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، ومن ثم تحجيم أثرها ومنع انتشارها من خلال ما تنظره مختلف محاكم التحقيق والجنح والجنايات في عموم العراق من قضايا.

ونوه القاضي بمساهمة مجلس القضاء الأعلى إضافة إلى بقية السلطات في الدولة في مجال مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال والجرائم المالية والإلكترونية ومحاكمة مقترفيها.

فساد
أما المحامي علي الزبيدي فيرى أن انتشار الجريمة في العراق يعود إلى البيئة الفاسدة، وفشل المؤسسة التربوية العراقية، وتدهور العامل الاقتصادي المتمثل بانتشار البطالة المقنعة، وعدم وجود منظومة قانونية واقتصادية واجتماعية لرعاية المجتمع.

ويثني الزبيدي على القوانين الجزائية في العراق، ويلقي باللائمة على الإجراءات الجزائية التي قال إنها “تجري وفق مسار لا يزال متخلّفا، لا سيما بعدم اعتمادها على الأساليب الحديثة في التحقيق، بالإضافة إلى تسلل الفساد لإجراءات التحقيق الابتدائي”.

ويقول إن قلة قضاة التحقيق، والانحسار الكبير في دور المحامي وكذلك الادعاء العام، يعد أهم معوقات العمل الجنائي وأسباب انتشار الجريمة.

من جهته يؤكد الكاتب والصحفي فلاح المشعل أن القضاء “انسحب في العراق لمنطقة الضغوط والتهديدات السياسية”، وفق رأيه.

ويقول إن “بعض ضعاف النفوس لم يتورعوا عن التورط في الرشوة، أو التأثر بالضغط العشائري، أو الانتماء الطائفي أو الحزبي، مما أفقد القضاء بعض وظائفه كسلطة للعدالة”.

ويتهم المشعل القضاء العراقي بـ”التسيس والتخاذل” إزاء الجريمة السياسية، ويدعو إلى “تحريره من المحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية”.

فقدان العدالة
ويرى المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي جمال الطائي أن القضاء العراقي اليوم لا يتسم بالعدالة والحيادية والكفاءة والمهنية بسبب الرشوة والمحسوبية والضغوط السياسية للأحزاب المتنفذة وأذرعها المسلحة، وكذلك من بعض العناصر المنفلتة التي تعمل خارج إطار الدولة، أو حتى العشائر.

وأوضح الطائي أن الكثير من القضاة والمحامين أصبحوا اليوم يتعرضون للتهديد والابتزاز، والخطف والقتل، وهذا ما يجعل المحامي يتخلى عن موكله، والقاضي ينحاز ولا يحكم بالعدل.

ويقول إن معظم القضايا والنزاعات تحسم نتائجها حاليا خارج أطر المحاكم وخارج دوائر الشرطة المتهم بعضها بالفساد أيضا، وذلك عن طريق الأتاوات والجلسات العشائرية أو الفصائل المسلحة، مشيرا إلى أن هذه الأمور تفسح مجالا لتنشيط الجريمة المنظمة بناء على مبدأ من أمن العقاب أساء الأدب.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى