مصر

لهذه الأسباب تفرض مصر حصارا إعلاميا على سيناء

مازالت أصداء تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الذي أصدرته قبل أيام، عن الانتهاكات في سيناء، في تصاعد مستمر، حيث كشفت المنظمة عن تلقي موظفيها تهديدات بالإيذاء الجسدي، بالإضافة لحملة التشويه التي تقوم بها وسائل إعلام حكومية وأخرى مقربة من النظام المصري.

التحذيرات التي أطلقتها المنظمة، سبقها بيان شديد اللهجة للمتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، نفي فيه كل ما جاء بتقرير هيومن رايتس ووتش، مؤكدا في بيان رسمي، أن ما يحدث على أرض الواقع يخالف كل ما ذكرته المنظمة الحقوقية.

وقدم المتحدث العسكري، العديد من التبريرات الخاصة بعمليات القتل التي جرت ضد أبناء سيناء، مؤكدا أنها كانت موجهة ضد العناصر الإرهابية، ولم تكن موجهة ضد المدنيين، مشيرا إلى أن القوات المسلحة، أنفقت منذ بدء عملية “سيناء 2018” وحتى الآن أكثر من مليار و500 مليون جنيه (8.5 ملايين دولار) على عمليات التنمية في سيناء.

هذا السجال الدائر بين المنظمة الحقوقية، والسلطات المصرية، دفع بالعديد من الخبراء إلى مطالبة الحكومة المصرية، بفك الحصار المفروض على سيناء، من أجل كشف الحقائق الموجودة على أرض الواقع، خاصة وأن ما جاء في تقرير المنظمة الحقوقية، يؤكد ارتكاب جرائم حرب ضد أبناء سيناء، على يد قوات الجيش والشرطة المصرية.

وأكد الخبراء الذين تحدثوا لـ “عربي21” أن سيناء منذ العملية العسكرية التي بدأت في 9 شباط/ فبراير 2018، وهي تعيش تحت حصار إعلامي وسياسي وحقوقي كامل، ولا يتم السماح لوسائل الإعلام المصرية، ولا غيرها بدخول سيناء تحت أي سبب.

وكانت “هيومن رايتس ووتش” أصدرت تقريرين عن سيناء، الأول بعد العملية العسكرية بعدة أشهر، وقد وثقته بصور الأقمار الصناعية، عن عمليات التهجير القسري، والتدمير والإبادة والحرمان والتجويع الذي يحدث لأهالي سيناء على يد قوات الجيش المصري، ووضع غير المتعاملين مع الجيش في خانة الإرهابيين.

وتحدثت المنظمة في تقريرها الثاني الذي صدر في 28 من آيار/ مايو الماضي، عن عمليات قتل وإبادة جماعية نفذتها قوات الشرطة والجيش ضد المدنيين في سيناء ، بالإضافة لانتهاكات أقل، نفذتها العناصر التابعة لتنظيم ولاية سيناء ضد الأهالي كذلك.

عزلة مقصودة

من جانبه يؤكد الخبير الإعلامي يوسف الحلواني لـ”عربي 21″ أن التعتيم الذي يجري في سيناء منذ العملية العسكرية متعمد، وليس مرتبطا بأمن وسلامة الصحفيين، وإنما مرتبط بعدم الكشف عن مخططات نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي في سيناء.

ويوضح الحلواني أن الوفود الإعلامية التي سمح لها الجيش بالتواجد في سيناء، كانت عبارة عن المراسلين الحربيين المعتمدين من القوات المسلحة، وكان يتم توجيههم لأماكن ومناطق وأحداث معينة، كما كان يتم مراجعة المواد التحريرية التي يقومون بإعدادها قبل نشرها، ما جعل الأخبار الواردة من سيناء لا تختلف عن البيانات العسكرية التي يصدرها المتحدث العسكري للجيش المصري.

ويضيف الخبير الإعلامي قائلا: “الردود الرسمية المصرية ضعيفة وعامة، ولا تقدم ردا حقيقيا على ما كشفته المنظمة الحقوقية، أو ما كشفته شهادات أهالي سيناء في المناسبات المختلفة، وبالتالي فليس أمام المجتمع المصري بل والمجتمع الدولي، إلا التعامل مع هذه الشهادات على أنها الحقيقة، حتى تثبت السلطات المصرية عكس ذلك، بالأدلة وليس بالتصريحات المفرغة”.

وحسب الحلواني، فإن السلطات المصرية لن تسمح على الإطلاق بوصول وسائل الإعلام المحايدة لسيناء، كما أنها لن تسمح بحرية دخول الصحفيين والإعلاميين المحليين لسيناء، خوفا من كشف العديد من الكوارث والانتهاكات التي جرت ضد الأهالي، مشيرا إلى أن التجارب السابقة للجيش المصري منذ الإنقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، في رابعة العدوية ومؤخرا في الأقصر، يدعم ما جاء في تقرير هيومن رايتس ووتش.

تحقيق دولي

ويطالب الحقوقي ورئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة مختار العشري، بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية، للوقوف على حقيقة الوضع في سيناء، لأن الاتهامات التي وجهتها المنظمة الحقوقية، تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني، وتساعد في القضايا الأخرى المتعلقة باتهام السيسي وقيادات الجيش بتهم جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

ويؤكد العشري في حديثه لـ “عربي21” أن المجتمع الدولي، يغض الطرف عما يقوم به السيسي في سيناء، بل ويقوم بدعمه لأنه يخدم مصالح إسرائيل، بعد أن تأكد للعالم كله أن سيناء سوف تكون جزءا من صفقة القرن، سواء كان بتبادل الأراضي مع إسرائيل، أو بتأجير الأراضي لصالح الفلسطينيين.

ويشير العشري إلى أن القضاء المصري يقف مشلولا وعاجزا تجاه ما يحدث في سيناء، كما وقف مشلولا وعاجزا بل وكان متآمرا، مع ما حدث في فض اعتصام رابعة وما بعدها، وهو ما يترجم الآن سبب التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي أكملت قبضة السيسي على القضاء المصري.

ووفق العشري فإن إيصال صوت أبناء سيناء للعالم مطلوب، لأنهم الآن في حصار لا يقل عن حصار جيرانهم في غزة، ولكن ما يزيد من معاناتهم، هو عزلهم إعلاميا وسياسيا، عن العالم الخارجي.

المصدر
عربي 21
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى