قطر

مائدة “الغبقة”.. عشاء رمضاني قطري

عادة خليجية يحافظ عليها القطريون طوال شهر رمضان، عقب صلاة التراويح، تجمع الأهل والأصدقاء على مائدة ما بين الإفطار والسحور.

“الغبقة” إحدى العادات الرمضانية القديمة التي ما زالت تعيش في المجتمع القطري والخليجي تعزيزاً للتعارف والترابط الاجتماعي، كما تطورت لأشكال متعددة مع الحداثة.

تعني “غبقة” عند الخليجيين العشاء الرمضاني المتأخر، الذي يسبق وجبة السحور، وهي أيضا كلمة عربية أصيلة من حياة البادية، ويرجع أصلها إلى “الغبوق”، وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلًا.

وتُقام الغبقة غالبًا بين الساعة الحادية عشرة ليلًا والثانية.

تراث أصيل

قال المواطن القطري عبد الله بن محمد إنه “رغم تأثير الحداثة على الغبقة إلا أنها مستمرة كتقليد تراثي يجمع أبناء الأحياء والفرجان وكأنهم أسرة واحدة في المجالس؛ ويتبادل فيها الأهل والأقارب أواصر المودة والمحبة”.

وأضاف: “نحن كقطريين نحرص على التمسك بالعادات والتقاليد التي ورثناها عن أجدادنا”، مشيراً إلى أنه “جرت العادة إقامة غبقات خاصة للرجال وأخرى للنساء”.

أطعمة تراثية

وتابع ابن محمد: “اشتهرت الغبقات قديما بعدد من المأكولات، أهمها وجبة (لمحمر) والمكونة من الأرز المطبوخ بخلاصة التمر، والسمك الصافي المقلي”.

إضافة إلى “الثريد” وهو خبز مفتت ولحم ومرق، و”الهريس” وهو القمح المغلي المهروس أو المطحون مع اللحم.

لكنها مائدة “الغبقة” صارت في الوقت الراهن أكثر تنوعا، ودخلت عليها الأطباق الغربية والحلويات المحلية والشرقية والغربية.

وما زالت تلك الأطعمة التراثية حاضرة في غبقات المجالس والعائلات والوجهاء في قطر.

الغبقات بين التراث والحداثة

لم تقتصر إقامة الغبقات الرمضانية في قطر على المجلس والبيوت بين العائلات والأصدقاء والأقارب، بل انتقلت إلى الفنادق والخيام الرمضانية سواء من الأشخاص أو المؤسسات.

ووجدت مؤسسات الدولة والشركات ومنظمات المجتمع المدني في الغبقات فرصة لتعزيز علاقات منتسبيها وتحسين العلاقة بين المسؤولين والعاملين.

ورغم إقامتها في الفنادق إلا أن نوعية المأكولات المقدمة دائماً ما يكون على رأسها الأطعمة التراثية والمحلية.

وتتسابق الفنادق في إقامة الخيام الرمضانية التي تصمم خصيصاً لشهر رمضان ويغلب عليها الطابع التراثي، وتُقيم المؤسسات المختلفة فيها فعاليتها وغبقتها السنوية.

واقتصاديا ينفق القطريون مبالغ باهظة على إقامة الغبقات الرمضانية وتنشط الأسواق ويرتفع معدل الاستهلاك، فهي موسم هام جداً للفنادق ودور الضيافة.

دورية بين الأهالي

من جهته قال القطري جاسم بن أحمد إن كبار السن والعائلات يرون أن هذه العادة تمثل كرم وحفاوة أهل قطر بالضيف وهي صورة من العلاقات الاجتماعية الكريمة التي يقدم فيها الشيء الكثير بما يليق بالضيوف.

وأوضح أن تلك العادة تكون دورية بين أهالي الفريج (الأحياء) الواحد بحيث يكون العشاء الرمضاني “الغبقة” كل يوم عند فرد وهكذا حتى نهاية الشهر الكريم.

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى