المغرب العربي

ضجة في تونس.. محاكمة بورقيبة بتهمة تصفية معارضيه

بدأ القضاء التونسي، الخميس، محاكمة المتوّرطين في اغتيال الزعيم السياسي صالح بن يوسف، ما أثار جدلا سياسيا وإعلاميا واسعا بين التونسيين، لاسيما أن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة يعد من أبرز المتهمين في هذه القضية، بين من رأى أن النبش في الماضي فيه إساءة لصورته وتشكيك في مسيرته النضالية وإثارة للفتن، ومن اعتبر أن هذه المحاكمة فرصة لكشف الحقائق، تعزيزا لقانون العدالة الانتقالية الذي ينظر في جرائم الماضي السياسي في تونس.

وتم اغتيال الزعيم السياسي صالح بن يوسف سنة 1961 بأحد فنادق مدينة فرانكفورت بألمانيا بطلقات نارية، وهو أحد أبرز قادة الحركة الوطنية والحزب الحر الدستوري الجديد، الذين دخلوا في صدام مع بورقيبة، منذ أن عارض سنة 1955 الاستقلال الداخلي الذي قبل به بورقيبة، ما أدّى إلى حدوث انقسام في الحزب الدستوري وإلى دخول أنصار الفريقين في صراع مفتوح، قبل أن يتم فصله من الحزب.

وأحيل ملف اغتيال الزعيم صالح بن يوسف، منذ نهاية العام الماضي، إلى الدائرة القضائية المتخصصة بالمحكمة الابتدائية بتونس، من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، التي أكدّت أنها تمكنت من تحديد هوية ثلاثة منسوب إليهم الانتهاك وكشف أطوار الواقعة، انطلاقا من وثائق أرشيفية تحصلت عليها الهيئة من ألمانيا وتونس.

نجل صالح بن يوسف يتهم بورقيبة
وفي أولى جلسات المحاكمة، اتهم لطفي بن يوسف نجل الراحل صالح بن يوسف، الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة بالوقوف وراء جريمة اغتيال والده، مضيفا أنه “اعترف في حياته بأنه هو من نسق عملية اغتيال غريمه، وذلك في محاضرة ألقاها في ديسمبر 1973 بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار”، مبينا أن هذه المحاكمة، ستساهم في إعادة الاعتبار لوالده، ودوره في تاريخ الحركة الوطنية.

دوافع سياسية أم عدالة؟!
وفتحت محاكمة المتورطين في اغتيال بن يوسف بعد مرور 58 عاما على الحادثة، جدلا واسعا في البلاد، رغم طابعها الرمزي، باعتبار أن أغلب المتهمين، وهم الحبيب بورقيبة، ووزير داخليته الطيب المهيري، ومدير الأمن الرئاسي السابق البشير زرق عيون، توفوا منذ زمن طويل.

واعتبر الأمين العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق، أن إثارة هذه القضيّة تهدف إلى” محاكمة الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة”، واصفا ذلك بـ”العمل القضائي العبثي الذي تقف وراءه دوافع سياسية تخريبية تهدف لزرع الفتن وتغذية الأحقاد”، متسائلا: “بورقيبة وبن يوسف دستوريان والدولة التونسية أعادت الاعتبار لبن يوسف في عهد بن علي، فلماذا إعادة فتح الجروح؟”.

في المقابل، رأى الناشط السياسي زهير إسماعيل، أن “ظهور الحقيقة ولو بعد زمن بعيد، يعيد الأمل في أن للحياة معنى”، معتبرا أن “المظالم التي يطويها الزمن دون رد الحق إلى أصحابه يجعل القيم خدعة ويلوّن الحياة بالعدمية والوجود بالعبثية وانتفاء الغاية”.

وأضاف في تدوينة قائلاً “يتأكّد اليوم أن اغتيال صالح بن يوسف جريمة دولة، وهذا جزء من الحقيقة وعيّنة من “إنصاف التاريخ”.. وستظهر حتما حقيقة كل الاغتيالات، وفي مقدمتها اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وإن طال ظهورها، ويقف الناس على هويّة المدبّر وفظاعة الجرم وحجم المؤامرة”.

أما المدوّن عامر الجريدي، فأكد أن النبش في الماضي لن يزيد إلا “في تقسيم التونسيين”، مضيفا أنه “ليست تونس التي تحاكم الزعيم بورقيبة، بل فئة من التونسيين انتهزت موطئ قدم بمؤسسات الدولة والمجتمع لتؤسس لفتنة لن تخرج تونس من تبعاتها قبل عقود”، بينما الناشط عصام حمدوني يقول إن التونسيين لا يطلبون من هذه المحاكمة سوى “تصحيح التاريخ المزوّر وإعادة الاعتبار لمناضلي تونس الذين قتلهم بورقيبة ليتصدر وحيدا المشهد السياسي كزعيم أوحد”.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى