الإماراتالسعودية

في تلك الظروف الدقيقة.. لماذا تدعم السعودية والإمارات الشعب السوداني بـ3 مليارات دولار؟

استمراراً لنهجهما في مساندة ودعم تطلعات الشعوب العربية في تحسين أوضاعها، بادرت السعودية والإمارات إلى تقديم حزمة مشتركة من المساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى الشعب السوداني؛ لمساعدته على تجاوز الظروف الصعبة، التي يمر بها حالياً في أعقاب اقتلاع نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، وإسهاماً من الدولتين في امتصاص حدة التداعيات السلبية، التي تؤثر على أداء مؤسسات الدولة السودانية، نتيجة ارتباك وعدم انتظام مصادر الدخل الرسمية بعد تغيير نظام الحكم.

رفع المعاناة

وتنسجم الخطوة السعودية الإماراتية تماماً مع الموقف السابق للدولتين من إزاحة الشعب السوداني لنظام “البشير”، إذ أكدت الرياض “تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني حيال مستقبله، من منطلق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين”، ولم تكتفِ السعودية بالدعم المعنوي لخيارات الشعب السوداني في هذا الصدد، بل سعت جدياً إلى رفع المعاناة عن كاهل الشعب السودانى، وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز توجيهات للجهات المعنية بتقديم حزمة مساعدات إنسانية للشعب السوداني تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية، فيما رحبت الإمارات بما انتهت إليه التطورات في السودان، معربة عن “ثقتها الكاملة في قدرة الشعب السوداني على تجاوز التحديات بما يحقق الاستقرار والرخاء والتنمية”.

ورغم انسجام تقديم حزمة المساعدات المليارية مع الموقف السابق للرياض وأبوظبي، إلا أنها تحقق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تصب في مصلحة الشعب السوداني ودولته، أولها تعاطي حزمة المساعدات مع نوعية الأسباب، التي دفعت السودانيين إلى الخروج إلى الشوارع المطالبة بتغيير النظام، والقائمة على العامل الاقتصادي، فمن المعلوم أن المظاهرات اندلعت في السودان في أعقاب قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، وغلاء رغيف الخبز، وبقية المتطلبات الأساسية للمواطنين، ولمعالجة هذه الأسباب الاقتصادية ركزت حزمة المساعدات على تخصيص الجزء الأكبر من قيمتها “لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب السوداني من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية”.

شبح الفوضى

ويمثل دعم الدولة السودانية أحد الأهداف الاستراتيجية لحزمة المساعدات، فالقرار السعودي الإماراتي يدرك تماماً مدى الإنهاك الذي تعرضت له مؤسسات الدولة السودانية في ظل استمرار الاحتجاجات لأكثر من أربعة أشهر، ومن ثم حاجتها إلى التعافي واستعادة أدائها الطبيعي، ولذلك ركزت حزمة المساعدات على دعم مؤسسات الدولة السودانية، وفي إطار ما أعلن تخصيص “500 مليون دولار كوديعة في البنك المركزي السوداني؛ لتقوية مركزه المالي وتخفيف الضغوط على الجنيه السوداني، وتحقيق مزيد من الاستقرار في سعر الصرف”.

ومن الأهداف الاستراتيجية المهمة لحزمة المساعدات السعودية الإماراتية، سعي الدولتين إلى إبعاد شبح الانزلاق إلى الاضطرابات والفوضى عن السودان؛ حفاظاً على أمن وتماسك واستقرار تلك الدولة العربية؛ لما سينعكس عن هذا الاحتمال في حال وقوعه من آثار كارثية على الأمن الإقليمي والدولي، لاسيما وأن السودان تملك حدوداً طويلة على البحر الأحمر، ذلك الممر الحيوي الذي يمر من خلاله 13 في المائة من حجم التجارة الدولية، واهتمام السعودية والإمارات بأبعاد الأمن الإقليمي والعربي في تقديم المساعدة إلى السودان ليس جديداً فقد سبق أن راعته الدولتان في دعمهما للدول التي واجهت ظروفاً مشابهة مثل مصر واليمن والبحرين، وبناء على ذلك فدعم السودان ينطلق من مواقف مبدئية للرياض وأبوظبي.

والملاحظ على الأهداف الاستراتيجية لحزمة المساعدات السعودية الإماراتية، أنها تعالج الأسباب الحقيقية للظروف الدقيقة التي يمر بها السودان حالياً، وتركز في تأثيرها على دعم الشعب السوداني وتقوية مؤسسات دولته، وتنطلق في دوافعها من الروابط الأخوية، التي تربط الشعبين السعودي والإماراتي بالشعب السوداني، والمصالح المشتركة القائمة بين الدول الثلاث، ووحدة المصير، التي تجمعهم في إطار الأمة العربية.

المصدر
سبق
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى