العرب تريند

بعد القدس والجولان.. هل يعطي ترامب الضفة لـ”إسرائيل”؟

أثارت القرارات الجريئة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبدأت تكشف تفاصيل طريق صفقته السياسية الحساسة، لُعاب الإسرائيليين خاصة بعد اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على القدس وهضبة الجولان المحتلتين.

هذه القرارات التي حظيت بتأييد وتهليل إسرائيلي يعد الأكبر في تاريخ العلاقات مع إدارة البيت الأبيض، دفعت بالكثير من السياسيين الإسرائيليين إلى تعليق آمال كبيرة على قرارات أخرى مماثلة لكن أكثر جرأة، قد تغير خريطة الصراع الفلسطيني والإسرائيلي وتقلبه رأساً على عقب.

آخر الدعوات التي وجهت لترامب بعد أن فتحت قراراته شهيتهم، مطالبة النائب اليميني الإسرائيلي المتطرف “بزلئيل سمورتيش” ترامب بالاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الضفة الغربية المحتلة بأكملها، وضمها لدولة الاحتلال.

وكتب “سمورتيش”، عبر “تويتر”، معلقاً على إعلان ترامب بشأن الجولان : “الرئيس ترامب شكراً لك. منذ 52 عاماً نجحنا أيضاً في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)؛ فهي أيضاً ذات أهمية استراتيجية وتاريخية وأمنية لإسرائيل”.

وأضاف: “لقد حان الوقت للاعتراف بسيادتنا على يهودا والسامرة، بعون الله، سنعمل على تحقيق تلك الخطوة قريباً، ونأمل في دعمكم (ترامب) أيضاً”.

الضفة خط أحمر
سياسيون ومحللون فلسطينيون أكدوا أن مساندة ترامب للاحتلال الإسرائيلي قد فاقت كل حدود التوقعات وتجاوزت القوانين الدولية والإنسانية وهي “مكافأة على جرائمه”، مشددين في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين” على أن خطوة إعلان الضفة تحت سيادة “إسرائيل” متوقعة، وقد تُشعل انتفاضة دائمة في الأراضي الفلسطينية سيكون أكثر المتضررين منها الاحتلال.

ويقول صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: إن “قرارات الرئيس الأمريكي دائماً ما كانت تصب في مصالح الاحتلال الإسرائيلي، لدعم خطواته العنصرية في المنطقة والتعدي على الحقوق الفلسطينية والعربية”.

ويضيف أن الدعوات المتكررة من قبل المسؤولين في “إسرائيل” لإعلان الضفة الغربية تحت سيادة الاحتلال، أو حتى التجاوب مع دعوات ضم 60% من مساحتها لـ”إسرائيل” يعد تجاوزاً خطيراً لكل القوانين الدولية لا يمكن القبول به تحت أي ظرف كان.

ويوضح أن ما يطلبه الفلسطينيون والعالم أجمع هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة بأكملها، وليس كما يسير فريق ترامب لترسيخ الاحتلال على المناطق الفلسطينية والعربية كما جرى من قرارات صادمة حين اعترافه بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وهضبة الجولان تحت سيادتها.

ويلفت أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى أن السلطة لا تستبعد أن يقوم ترامب بفرض قرارات صادمة تتعلق بالقضية الفلسطينية ومصيرها، خاصة في ظل سعيه المستميت لفرض “صفقة القرن” المشبوهة التي عبرت القيادة عن رفضها جملةً وتفصيلاً، ورفض التماشي مع بنودها الخطيرة.

وحذر عريقات من أي قرار أمريكي سيصدر خلال الفترة المقبلة بضم الضفة الغربية لـ”إسرائيل”، مشدداً على أن هذه الخطوة تجاوز للخط الأحمر وتعد على الشرعيات الدولية بأكملها، وتعد مكافأة مجانية تقدم للاحتلال على الجرائم التي يرتكبها بشكل يومي بحق الفلسطينيين وحقوقهم ومقدساتهم.

وإضافة إلى مخاوف عريقات لم يستبعد السفير الفلسطيني السابق لدى مصر نبيل عمرو، أن يقدم ترامب ومعه نتنياهو على ضم الضفة الغربية إلى “إسرائيل” بمباركة أمريكية، وقال في حديث تلفزيوني:” لا يمكن استبعاد أي مغامرة سياسية من ترامب ونتنياهو، بما في ذلك ضم الضفة.. فكل شيء أصبح متوقعاً من هذه الإدارة”.

واعتبر عمرو أن المنطقة “ج”، هي المعنية بالدرجة الأولى في حالة إقدام “إسرائيل” على هذه الخطوة المخالفة لقرارات مجلس الأمن واتفاقات أوسلو.

وتقسم الضفة الغربية وفق اتفاقات أوسلو عامي 1993 و1995، إلى ثلاث مناطق وهي: المنطقة “أ” التي تضم كل المراكز السكانية الرئيسية وتخضع لسيطرة فلسطينية أمنياً وإدارياً كاملة، وتبلغ مساحتها نحو 18% من مساحة الضفة، في حين تشمل المنطقة “ب” القرى والبلدات الملاصقة للمدن وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية، وتبلغ 21% من مساحة الضفة.

أما المنطقة “ج” التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية فتخضع لسيطرة مدنية وأمنية كاملة للاحتلال الإسرائيلي، باستثناء المدنيين الفلسطينيين.

وبحسب الأمم المتحدة، فقد تم تخصيص غالبية المنطقة “ج” للمستوطنات الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي، على حساب التجمعات الفلسطينية.

وتظهر السياسات الإسرائيلية في هذه المنطقة سعياً حثيثاً لتغيير المكون السكاني بها، عبر أوامر هدم المنازل الفلسطينية، ممَّا يخلق حالة من الشك والتهديد المزمن ويدفع الناس إلى الرحيل.

وبحسب إحصاء لمجلس المستوطنات الإسرائيلي، فقد ارتفع عدد المستوطنين الذين يعيشون في الضفة الغربية بنسبة 3% خلال عام، ليصل إلى 448672 شخصاً في عام 2018، دون أن يشمل نحو 200 ألف مستوطن يهودي يعيشون في القدس الشرقية المحتلة.

مكافأة “إسرائيل”
الكاتب والمحلل السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم، أكد أن التعاون الأمريكي – الإسرائيلي في عهد ترامب، فاق كل التصورات والتوقعات، والمكافآت التي يقدمها الرئيس الأمريكي لنتنياهو كمن يوزع الهدايا على الحضور بحفلة.

ويوضح أن فترة ترامب على كرسي الحكم قد تكون الأخطر على القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضايا العربية بشكل عام، مؤكداً أن ترامب يسير وفق شهواته ورغباته غير العقلانية ويتجاوز كل الأسس والقوانين الدولية.

ويشير البروفيسور قاسم إلى أن كل القرارات التي اتخذها ومتعلقة بالوضع العربي والفلسطيني؛ ومن بينها اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، ووضع هضبة الجولان تحت السيادة الإسرائيلية، تؤكد أن هذا الرجل يسير على خطته السياسية الخطيرة التي تسمى بـ”صفقة القرن” لتضييع القضية الفلسطينية وتقزيمها لمصلحة الاحتلال ومصالحه.

وبسؤال “الخليج أونلاين” عن ردة فعل السلطة الرسمية حول خطوة ترامب المتوقعة بإعلان الضفة تحت سيادة “إسرائيل”، قال: “السلطة لن تحرك ساكناً، وموقفها الضعيف شجع على تجاوزات ترامب ونتنياهو، والرئيس عباس لن يستطيع فعل أي شي غير التنديد والاستنكار”.

أما على المستوى الشعبي، فيضيف قاسم، سيكون هناك رد فعل غاضب للغاية وقد يصل لإشعال فتيل مواجهات وانتفاضة قوية في الضفة وقد تنتقل شراراتها للقدس وغزة، وسيكون أكثر الخاسرين من هذا القرار هو المحتل الإسرائيلي.

وأمس الأول الاثنين، وبحضور نتنياهو ومن قلب البيت الأبيض وقع ترامب قراراً باعتراف واشنطن بضم هضبة الجولان إلى دولة الاحتلال، ليخلق معها ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية غاضبة ومنددة.

الجدير ذكره أنه بعد قرار الرئيس الأمريكي نهاية العام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” تعالت الأصوات في الأحزاب اليمينية للاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الضفة، ودعت تلك الأحزاب لضم كل الضفة أو أجزاء منها تصل إلى 60%.

وفي خطوة غير مشجعة وتبعث بالقلق ألغت وزارة الخارجية الأمريكية مصطلح “محتلة” عند إشارتها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان في تقريرها الأخير هذا الشهر حول حال حقوق الإنسان في العالم.

وكانت “إسرائيل” احتلت الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة ومرتفعات الجولان في العام 1967.

المصدر
الخليج أون لاين
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى