قطر

قطر تعيد الاعتبار للغة الضاد

تنطلق البطولة الدولية الخامسة لمناظرات الجامعات باللغة العربية في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، اليوم، التي ستساهم في نشر اللغة العربية من خلال المناظرة

قبل نحو 11 عاماً، أُسّس مركز مناظرات قطر ضمن مؤسّسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بهدف إعادة إحياء اللغة العربية الفصحى لدى العرب، وخصوصاً بعدما تداخلت لهجاتهم. وفي نهاية العام الماضي، أهدت قطر إلى الأمة معجم الدوحة التاريخي للّغة العربية، مسجلة سبقاً لا على الصعيد العربي فحسب، بل عالمياً أيضاً.

ويعدّ مركز مناظرات قطر الأوّل من نوعه في العالم، ويسعى إلى نشر المناظرات باللغة العربية من دون أن يغفل الإنكليزية، وتتمثل رسالته في تعزيز ثقافة الحوار وفنّ المناظرة. تقول المديرة التنفيذية لمركز مناظرات قطر حياة عبدالله معرفي، لـ “العربي الجديد”: “المركز استنهض همم الشباب العربي للعمل على إحياء اللغة العربية، التي تعاني الكثير من الإهمال على المستويين العلمي والاجتماعي”، موضحة أن الهدف من نشر فن المناظرة هو إعادة النبض للغة الضاد في قطر والمنطقة بأسرها.

ويعمل المركز على توعية الشباب، ويتولى تدريبهم على القراءة، إذ إنه ما من مناظرة من دون قراءة، ما يقود إلى التفكير ويعدّ مدخلاً للبحث العلمي واستنباط المعلومات واستنتاج الخلافات والتعرف إليها. ويسعى المركز من خلال نشاطاته المختلفة إلى الاعتراف بأن الاختلاف طبيعة بشرية، ويجب ألا تكون نهايته الخلاف بين الناس، على حد قولها.

قبل نحو 10 سنوات، بدأ المركز تنظيم بطولات دولية يشارك فيها تلاميذ مدارس وجامعات كلّ على حدة. وتقول المديرة التنفيذية إنه في عام 2010، نظم المركز بطولة العالم للمناظرات باللغة الانكليزية، تلاها بعد نحو عام تنظيم بطولات باللغة العربية، وكانت دولة قطر سباقة. وعادة ما تنظّم البطولات بالتناوب، أي عاماً للمدارس وعاماً آخر للجامعات. وبدأ المركز في تشجيع الدول المشاركة على إقامة المناظرات بين الجامعات. وفي سلطنة عمان على سبيل المثال، نظمت بطولة مناظرة الجامعات العمانية، واختير الفريق الأفضل للمشاركة في بطولة قطر. الأمر نفسه حدث في الكويت.

وخلال السنوات القليلة الماضية، وسّع المركز أنشطته خارج المجتمع المحلي، ليصل إلى العالم. توضح معرفي: “يستحق النشاط الخارجي للمركز أن نطلق عليه رحلة ابن بطوطة للمناظرات”. وعقد المركز شراكات مع جامعات وجهات في العديد من الولايات الأميركية، وشارك طلاب في جامعة “هارفرد” وجامعات في نيويورك في البطولات الجامعية. كما تولى المركز نشر المناظرات في المحيط الخليجي، وقد طبقت الدول فكرة المناظرة.

كذلك، كان للمركز علاقات وطيدة مع تركيا وبريطانيا ودول المغرب العربي، والأردن وفلسطين المحتلة، في وقت احتضنت الجامعة الأميركية في بيروت بطولة المناظرات للجامعات اللبنانية. وخلال يناير/ كانون الثاني الماضي، أجريت البطولة الأوروبية لمناظرات الجامعات في اللغة العربية في فيينا، وشارك فيها 22 فريقاً من جامعات أوروبية مختلفة.

محلياً، لا يقتصر نشاط المركز على التلاميذ والمدرسين فقط، بل يقدّم دورات تدريبية لأولياء الأمور والموظفين في أجهزة الدولة المختلفة. وعقد المركز دورات للعاملين في المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية القطرية، ودورات متخصصة للقضاة والعاملين في وزارة العدل. والمناظرة كانت محور كل هذه الدورات، التي تعلّم المتدربين مهارات المناظرة والمحاججة وبناء القضية، والبحث عن معلومات وغيرها. ولا تقتصر البرامج على فئات عمرية محددة.

ترى المديرة التنفيذية أن هدف البطولات هو جمع مجتمع المناظرات من طلاب ومعلمين وأكاديميين وأولياء أمور تحت مظلة واحدة، من أجل الحوار ومناقشة وجهات النظر وتبادل الثقافات. واستضاف المركز في عام 2013 مؤتمر “المناظرة والحوار”، الذي أطلق لأول مرة باللغتين العربية والإنكليزية. واستحدث المركز جائزة هواة المناظرة لتشجيع الشباب والمؤسسات التعليمية المختلفة على الاستمرار.

وحول فكرة السفراء، تقول معرفي لـ “العربي الجديد”: “السفراء الشباب المميزون من الجنسين، شاركوا في المناظرات في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، كما شاركوا في البطولات الدولية، وارتقوا بالمناظرة إلى مراحل أعلى في بلدانهم، من خلال إقامة برامج تجريبية. بناءً عليه، اختيروا سفراء للمركز في دولهم. ويقدم لهم المركز دعماً في المادة التدريبية. من جهة أخرى، فإن أعضاء أكاديمية النخبة وسفراء المركز يعملون في دولهم على نشر المناظرة لدى مختلف فئات المجتمع. على سبيل المثال، استهدف البعض الجمعيات النسائية، والأشخاص المعوقين”.

وإذا كانت البطولات الدولية الدورية، هي الحدث الأكبر لمركز مناظرات قطر، إلا أن نشاطاته وأعماله لا تتوقف طيلة العام. تقول المديرة التنفيذية إن البطولات التي ينظمها المركز هي جزء بسيط مما يفعله المركز على مدار العام، وهي بمثابة احتفالية فقط. عمل المركز ينطلق مع بداية العام الدراسي، ويقدم دورات تدريبية تبدأ من المرحلة الابتدائية. كما يدرب المدرسين على دمج المناظرة في الفصول الدراسية (مثلاً كيفية دمج المناظرة في مادّة العلوم)، وكذلك الحال في الجامعات الموجودة في البلاد، ومنها جامعات المدينة التعليمية، وتقدم البرنامج باللغتين العربية والإنكليزية.

وتنطلق البطولة الدولية الخامسة لمناظرات الجامعات باللغة العربية، في مركز قطر الوطني للمؤتمرات بين 16 (أي اليوم) و20 مارس/ آذار الجاري، بمشاركة 110 فرق من 52 دولة، ونحو 600 ضيف من طلاب متناظرين ومحكمين ومدربين. وتؤكد أن البطولة الخامسة هي الأضخم في عالم المناظرات باللغتين العربية والإنكليزية، إن لجهة حجم المشاركة وجودة البرامج المقدمة أو حتى على مستوى المدربين والمحكمين.

وتلفت إلى أن أسمى هدف يحققه المركز في هذه البطولة هو نشر اللغة العربية، من خلال المناظرة كوسيلة إبداعية غير تقليدية، وإعطاء فرصة للشباب للمشاركة في مثل هذه المنافسات والبطولات لاختبار مهاراتهم اللغوية والقيادية. ويعلن في نهاية البطولة الفائز بجائزة “روّاد المناظرة”، التي تقدم لأفضل مشروع يهدف إلى نشر المناظرة بناءً على معايير تحكيمية دقيقة، ويعلن سفراء جدد للمركز.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى