العالم تريند

هل يكون محجوبي أول عُمدة من أصل عربي لباريس؟

تبدو معركة بلدية باريس مفتوحة، قبل الأوان، أي قبل بدء حملة الانتخابات البلدية، التي ستشهدها فرنسا سنة 2020، وإن كان المرشحون المحتملون لمنصب عمدة باريس لم يكشفوا عن نيتهم خوض المنافسة، إلا أن منير محجوبي، سكرتير الدولة في الرقميات، وهو من أصول مغربية، خطا خطوة إضافية في مسيرة الترشح لهذا المنصب، وتزعم لائحة الأغلبية الرئاسية في باريس.

وإذا كان الجميع يعرفون أن العمدة الاشتراكية الحالية، آن هيدالغو، مرشَّحة لولاية ثانية، إلا أن المرشحين الآخرين لم يعلنوا عن الأمر بشكل واضح، وإن كانت طموحات بعضهم أكبر من أن يستطيعوا إخفاءها، كعمدة بلدية باريس السابعة رشيدة داتي وفاليري بيكريس، رئيسة جهة باريس الكبرى، القياديتين في حزب “الجمهوريون”، وأيضا بنجامان غريفو، الناطق باسم الحكومة، وسيدريك فيلاني، النائب عن الأغلبية الرئاسية، والباحث المرموق في الرياضيات، إذ حصل على “ميدالية فيلدز” على معادل جائزة نوبل في الرياضيات.

أما محجوبي فعبّر صراحة عن هذه الرغبة في لقاء له مع صحيفة “لو باريزيان”. وهو ما يعني أن حركته السياسية “الجمهورية إلى الأمام” وضعت أمام الأمر الواقع، وسيتوجب عليها أن تحسم في مرشَّحها لانتخابات 2020. وهو ما يعني أنه وضع زميليه، غريفو وفيلاني في موضع دفاعي، ولن يتأخر ردهما.

ولا يمكن عزل إعلان محجوبي عن حضوره الكبير في المشهد السياسي الفرنسي، فقد كان من الوزراء القلائل الذين هبوا للدفاع عن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون والحكومة في أزمة “السترات الصفراء”، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في استوديوهات التلفزيون، بل وقضى فترة طويلة مع عائلة شخص من السترات الصفراء، حتى يطلع أكثر على الحياة اليومية القاسية لهذه الشرائح.

ومن دون مواربة، وعكس موقف وتصريحات زميله غريفو، أعلن محجوبي عن امتلاكه لمشروع وإرادة قوية من أجل العاصمة. ولم ينتظر قرار اللجنة الوطنية للانتخابات، التي ستتشكل في إبريل/ نيسان القادم، والتي ستعلن أسماء المرشحين الرسمية في يونيو/ حزيران 2019.

ولا يخفي محجوبي ما يعتبره الورقة الرابحة في مشروعه، فإذا كان من بين زملائه من سيركز في وعوده الانتخابية على قضايا الأمن والنظام والفعالية، ومن يركز على رؤية تقدمية، فهو يركز على خصوصية باريس، المدينة التي تمنح الحظ للجميع، فهي “منحت هذا الحظ لوالديَّ حين وصلا من المغرب في سبعينيات القرن الماضي. فقد كان أبي صبّاغا وأمي خادمة بيوت، وأنجبا أولادا، أصبح أحدُهُم وزيرا”.

ولكن هذه الوضعية التي كانت باريس تقدّمها، تغيرت، وأصبح الوضعُ أكثر صعوبة: “باريس تخسر سكانها كل سنة. وعائلات الثلاثينيين تغادر العاصمة حين ترزق بأول مولود. ولم تعرف العاصمة مثل هذا التمييز في المدرسة”.

وأعلن محجوبي أن أول ورشة سيفتحها حال انتخابه، هي ورشة السكن، وسيكون “أولوية ولايتي في باريس، بدءًا بمن يتواجدون في الشارع”. كما طَالَب بـإنشاء صندوق سيشارك فيه من يستطيع من المواطنين، إضافة إلى الشركات وحتى العمدة: “ألتزم بتكريس 20 في المائة من راتبي، حتى أقدّم المثال”. كما وعَد بمنح أهمية للنظافة، وأيضا للأمن، حيث أعلن عن رغبته في أن تكون “شرطة باريس” في حوار دائم مع المواطنين وتكون قادرةً على أن تفعل ما لا تستطيع أن تفعله الشرطة الوطنية، وهو تهدئة فورية بعد كل حادث من خلال التحدث إلى الناس.

وكشف محجوبي عن رغبته في منح المواطنين وسائل الفعل وفي أن يكونوا متضامنين، وأعطى مثلا، من خلال منح كل الباريسيين إمكانية مواصلة الدراسة في أي لحظة من حياتهم، من أجل تحصيل مهارات جديدة.

ما حظوظه للظفر بكرسي عمدة باريس؟
لا يختلف رد محجوبي عن موقف ماكرون، الذي تربع على كرسي الإيليزيه من دون أن يكون عضوا في حزب سياسي ما، ومن خلال تأكيده على أنه ليس من اليسار ولا من اليمين، فالوزير يشدد على أنه “يجسد صورة مختلفة لممارسة السياسة”، وإذن، فباريس، كما يرى محجوبي: “يمكن الظفر بها من خلال اقتراح مشروع يتحدث إلى القلب والعقل، أي اقتراح مشروع مُخلْخِل وجامِع، في نفس الآن”.

لا يزال موعد الانتخابات بعيدا، نسبيا، ولكنّ الأخطاء الكثيرة التي سقطت فيها عمدة باريس، آن هيدالغو، وأيضا كثرة الموظفين والمستشارين الذين انفضوا من حولها، بسبب تشددها واستبدادها، تصبّ في صالح محجوبي، إضافة إلى أن هذا الأخير حقق نجاحا أوليا، عبر فوزه بمقعد انتخابي في التشريعات السابقة، وهو ما سيساعده في محاولته الاقتراب، أكثر، من بلدية باريس.

كما أن انهماكه إلى جانب الرئيس في “الحوار الوطني الكبير”، سيكون دافعاً للمضي في حلمه الكبير.

ويبقى أن استعادة الرئيس ماكرون لشعبيته واستعادته لحيويته، وطبيعة نتائج الانتخابات الأوروبية، ستكون حاسمة في وصول هذا العربي المسلم إلى بلدية باريس، وسيكون إنجازاً كبيرا، يقارَن بـإنجاز البريطاني من أصل باكستاني، صادق خان في لندن والهولندي من أصل مغربي، أحمد أبو طالب في روتردام.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى