السيسي رئيساً للاتحاد الإفريقي
بعد ست سنوات تقريباً من تعليق الاتحاد الإفريقي لعضويتها، تتولى القاهرة رئاسة المنظمة الافريقية وستسعى لتعزيز نفوذها في القارة من دون أن يعني ذلك بالضرورة تدعيم مؤسسات المنظمة الاقليمية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي في بيان مساء الجمعة إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتوجه “صباح السبت إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في زيارة تاريخية ستشهد تسلمه رئاسة الاتحاد الأفريقي يوم الأحد 10 فبراير الجاري ولمدة عام”.
واعتبر راضي أن “رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، للمرة الأولى منذ نشأته العام 2002 خلفاً لمنظمة الوحدة الأفريقية، تعد تتويجاً لجهود مصر بقيادة الرئيس خلال السنوات الأخيرة لتعزيز العلاقات مع القارة الأفريقية، سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، وتجسيداً لاستعادة الدور المحوري المصري كإحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية الأم في ستينات القرن الماضي”.
ويقول أشرف سويلم الذي يرأس مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، إن مهمة مصر “سوف تركز على الأرجح على الأمن وحفظ السلام”.
ويوضح سويلم أنه من المرجح أن يقلل السيسي التركيز على “الإصلاح المالي والإداري” خلافا لسلفه الرئيس الرواندي بول كاغامي.
وكان هذا الإصلاح هو حجر الزاوية خلال العام الذي ترأس فيه كاغامي الاتحاد الافريقي.
وكان الرئيس الرواندي يسعى إلى فرض ضريبة استيراد على مستوى القارة لتمويل الاتحاد الإفريقي وخفض اعتماده على المانحين الخارجيين الذين ما زالوا يدفعون أكثر من نصف الميزانية السنوية للمنظمة.
وقال دبلوماسي إفريقي لوكالة فرانس برس إن مصر – إلى جانب جنوب أفريقيا ونيجيريا – “لا تريد اتحادا إفريقيا قويا”.
وأضاف الدبلوماسي، الذي يتابع شؤون الاتحاد الإفريقي لأكثر من عقد، إن القاهرة لن “تنسى أبدًا” تعليق عضويتها في 2013.
ومن المقرر أن يتولى السيسي رئاسة القمة الافريقية المقرر اجتماعها بين 10 و 11 فبراير في مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا.
وكما جرت العادة، ستتصدر أزمات القارة الأمنية جدول أعمال القادة، كذلك من المحتمل أن يكون مقترح التمويل الطموح لرواندا على الطاولة، إلا أنه قد لا يرى النور ليس بسبب اعتراض مصر عليه، وإنما الدول الأعضاء الأخرى.
أما عن إصلاح مفوضية الاتحاد الإفريقي، فهو موضوع أكثر حساسية. وفي نوفمبر 2018، رفضت معظم الدول مقترحا بمنح الذراع التنفيذية للاتحاد الأفريقي الحق في اختيار نواب ومفوضين.
منطقة تجارة حرة
يقول مسؤول في الاتحاد الافريقي إن المصريين “منخرطون بشكل كامل” في دفع إصلاحات أخرى للاتحاد.
إحدى المبادرات الرئيسية المدعومة من القاهرة هي منطقة التجارة الحرة القارية، وهي مبادرة وافق عليها 44 من بين 55 دولة من الأعضاء في مارس 2018.
تعد السوق الموحدة من أبرز برامج “جدول أعمال 2063” التابع للاتحاد الأفريقي، والذي يعتبر بمثابة إطار استراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي.
لكن الاتفاقية التجارية واجهت اعتراضا من جنوب إفريقيا، وبالتالي يتعين على السيسي أن يدفع بقوة من أجل التصديق على هذا الاتفاق إذا كان سيبدأ تنفيذه.
وتتوقع إليسا جوبسون، المتخصصة في الدفاع عن إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، من السيسي “الاستفادة من الرئاسة لتعزيز وضع بلاده بين الدول الأفريقية الأخرى”.
وأضافت أن “هذا ليس قطعا مع الادارات السابقة”، وخصوصا الرئيس المنتهية ولايته.
وتقول جوبسون “أظهر كاغامي أن الرئاسة – التي طالما اعتبرت مجرد منصب فخري – يمكن أن تعمل على تعزيز المصالح الوطنية وتعزيز المكانة الدولية للقائد”.
وقال مسؤول الاتحاد الإفريقي، الذي طلب عدم تسميته، إن الرئيس الرواندي سيظل شخصا محوريا في أجندة إصلاح المنظمة على الرغم من انتهاء ولايته.
سلطة محدودة
لكن هناك حدوداً كبيرة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الاتحاد الإفريقي.
وعانى كاغامي من اعتراض كبير من الاتحاد الافريقي بعد أن عبر عن “شكوك جدية” بشأن النتائج التي توصلت إليها انتخابات الرئاسة في جمهورية الكونغو الديموقراطية والتي فاز بها رسميا فيليكس تشسيكيدي.
وبالرغم من تشكيك الكنيسة الكاثوليكية أيضا، إلا أن النتائج صُدقت من قبل المحكمة الدستورية في جمهورية الكونغو الديموقراطية ورحبت بها دول ثقيلة الوزن مثل جنوب أفريقيا وكينيا ومصر.
وسوف يحتاج السيسي لجهود للتغلب على هذه النمطيات، وفقا لما تقوله ليزل لوو- فودران من معهد الدراسات الأمنية.
وقالت “هناك سمعة عن دول شمال إفريقيا بأنها تنظر في اتجاه مختلف عن إفريقيا”. لكن “السيسي يريد أن تُعتبر مصر جزءًا من إفريقيا وليس العالم العربي فقط”.
ومن المقرر أن تركز قمة الاتحاد الإفريقي الأحد على “اللاجئين والعائدين والأشخاص المشردين محليا” على أن يتم تقديمه في سياق أمني.
وتنصب القاهرة نفسها “بطلة” في المعركة ضد الهجرة غير الشرعية – ونموذج لاستضافة اللاجئين على أراضيها.