الرابع من فبراير.. العالم يحشد للتصدي لثاني أكبر قاتل في تاريخ البشرية؟.. ما هو دورك؟
يوافق اليوم الرابع من فبراير، اليومَ العالمي السنوي للسرطان؛ حيث يعتبر وقفةً للتوعية والتثقيف حول واحد من أكبر قاتلي البشر عبر التاريخ، ويأتي يومه في هذا العام تحت شعار “هذا أنا وهذا ما أستطيع فعله” #IAm&I will#، والذي يهدف لتحفيز الأفراد والحكومات والمجتمعات الصحية لزيادة الوعي العام بأهمية الفحص والتشخيص والكشف المبكر عن السرطان، وتيسير الحصول على هذه الخدمات.
ويمثل عام 2019 بداية انطلاق الحملة العالمية التي تستمر 3 سنوات (2019م- 2021م)؛ حيث يتم السعي إلى إنقاذ الملايين من الوفيات من خلال زيادة وعي الأفراد والحكومات في جميع دول العالم بشأن السرطان، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة والخرافات الشائعة حول المرض.
أرقام صادمة:
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية؛ فالسرطان هو المسبب الثاني للموت عالمياً، وقد قتل أكثر من 8 ملايين إنسان في 2015م، وتشير الإحصاءات الدولية، إلى أن عام 2018 شهد إصابة أكثر من 18 مليون حالة جديدة بالسرطان على مستوى العالم؛ من بينها حوالى 5 ملايين إصابة بسرطانات الثدي وعنق الرحم والقولون والمستقيم والفم، كان من الممكن اكتشافها مبكراً وعلاجها بدرجة أكثر فعالية، ومن ثم زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة وتحسين نوعية الحياة.
وتوقعت المنظمة أن يزيد عدد حالات الإصابة بالسرطان بحوالى 70% خلال العقدين المقبلين، وأن يتواصل ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عنه على الصعيد العالمي من 14 مليوناً في عام 2012 إلى 22 مليون وفاة في عام 2030.
ما هو السرطان؟
يتم تعريف السرطان بأنه هو نمو الخلايا وانتشارها بشكل لا يمكن التحكم فيه. وعلمياً ورغم كل الأبحاث والابتكارات الطبية والعلمية، لم يُعرف بعد سبب مرض السرطان الذي يعود اسمه إلى وصف أبقراط قبل 2300 سنة لبعض أورام الصدر (أصل الكلمة في الإغريقية “كاركينوما”، وهو تشبيه بعض الأورام بأرجل الكابوريا، وأصبحت في اللاتينية “كانسر”. وهناك نحو 100 سرطان معروف حتى الآن؛ وذلك حسب موقع الورم وطبيعته؛ لكن الأصل فيها كلها واحد وهو: تصرف غريب لخلية تنقسم بطريقة سريعة ومضاعفة بشكل لا يتسق مع نسق الانقسام للخلايا في أنسجة الجسم. تلك الخلية السليمة التي تبدأ في الانقسام الغريب تؤدي إلى كتلة من الخلايا تشكّل ورماً في نسيج ذلك الجزء من الجسم. وإذا ظل الورم قاصراً على مكانه لا تهاجم خلاياه خلايا أخرى سليمة يُعتبر حميداً، وإذا كان من النوع المهاجم يسمى خبيثاً. وغالباً ما ينتشر الورم الخبيث عبر الدم والسائل الليمفاوي ليهاجم خلايا في أنسجة أخرى في أنحاء الجسم. وفي حال عدم العلاج يؤدي المرض إلى الوفاة بسبب تعطل أجهزة الجسم الحيوية، نتيجة إعاقة عملها بانتشار الورم. ومن أشهر أنواعه: سرطان الرئة، سرطان الكبد، سرطان القولون والمستقيم، سرطان المعدة، سرطان الثدي.
- أبرز مسببات السرطان؟
ومن أبرزها العوامل المادية المسرطنة؛ مثل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة المؤينة؛ والعوامل الكيميائية المسرطنة، مثل الأسبستوس ومكونات دخان التبغ والأفلاتوكسين (أحد الملوثات الغذائية)، والزرنيخ (أحد ملوثات مياه الشرب)؛ وكذلك العوامل البيولوجية المسرطنة، مثل أنواع العدوى الناجمة عن بعض الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات.
ويعتبر تعاطي التبغ والكحول، واتباع نظام غذائي غير صحي، وقلة النشاط البدني؛ من عوامل الخطر الرئيسية المرتبطة بالسرطان في جميع أنحاء العالم؛ وهي أيضاً عوامل الخطر الأربعة المشتركة المرتبطة بالإصابة بأمراض غير سارية أخرى.
ويمكن حالياً الوقاية من نسبة تتراوح بين 30 و50% من حالات السرطان بوسائل من قبيل تلافي عوامل الخطر المرتبطة بالمرض، وتنفيذ الاستراتيجيات القائمة المسندة بالبينات للوقاية منه، كما ترتفع فرص الشفاء من خلال الكشف عنه في مراحل مبكرة.
خطة عالمية:
تتعاون المنظمة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان تحت مظلة أممية لتنفيذ خطة العمل العالمية بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها للفترة 2013- 2020م؛ وذلك من خلال زيادة الالتزام السياسي بالوقاية من السرطان ومكافحته، وتنسيق وإجراء البحوث التي تتناول مسببات السرطان لدى الإنسان وآليات التسرطن، وتعزيز النظم الصحية على الصعيدين الوطني والمحلي من أجل تزويد مرضى السرطان بخدمات العلاج والرعاية، وتوفير القيادة العالمية؛ فضلاً عن تقديم المساعدة التقنية لدعم الحكومات وشركائها في وضع وصوْن برامج معنية بتقديم خدمات عالية الجودة في ميدان مكافحة سرطان عنق الرحم.
علاج ثوري:
العالم في مواجهة مستمرة للتصدي لمثل هذه الأمراض الخبيثة؛ حيث يتسابق علماء هذا المجال في البحث عن علاجات جديدة، ومؤخراً أعلنت جهات موثوقة مهتمة بهذا المجال، أخباراً سارة عن اكتشاف أدوية يمكن لها أن تغير بطريقة جذرية التعامل مع هذا المرض الخبيث نحو الشفاء الكامل أو تحقيق تقدم كبير في إيقاف تطورات المرض وصولاً للكشف المبكر عنه؛ مما يسهل القضاء عليه.
ومن ذلك ما أعلن في نوفمبر 2018 عن إقرار هيئة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة علاجاً جديداً للسرطان هو الأول من نوعه؛ لكونه يعتمد على علاج المرض من المنبع؛ بمعنى علاج الطفرة الجينية المسببة للورم السرطاني. ويستهدف العلاج الجديد، الذي يحمل اسم «فيتراكفي»، كل مناطق الجسم التي تحمل خصائص جينية معينة تشير إلى احتمالات الإصابة بأورام سرطانية؛ وبالتالي لا يصلح «فيتراكفي» لعلاج سرطان الثدي والرئة والقولون؛ ولكن يؤخذ عليه سعره المرتفع جداً.
تعزيز الخلايا المناعية:
هذا فيما اقتسم الأمريكي جيمس أليسون من جامعة تكساس، وتاسكو والياباني هونجو من جامعة كيوتو، جائزة نوبل للطب لتطويرهما -منفردين- علاجاً لمرض السرطان، الذي منح المزيد من الأمل للكثير من المرضى في العالم؛ حيث يعمل الاكتشافان بمثابة مكابح على جهاز المناعة، والمهم في اختراعه إمكانية استعمال مثل هذه المكابح وإطلاق خلايا مناعية لمهاجمة الأورام التي تفتك بجسم الإنسان.
اختبار بسيط وفعال:
هذا فيما نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية تقريراً حول تطوير علماء اختباراً جديداً لاكتشاف مرض السرطان، لا يستغرق إلا 10 دقائق فقط. من خلال النظر إلى أصابع القدم.. ويوضح الاختبار الجديد إذا ما كان جسم المريض يحتوي على خلايا سرطانية أم لا؛ لكنه لا يكشف عن مكان وجود تلك الخلايا أو مدى خطورتها. وطالَبَ العلماء في جامعة كوينزلاند بضرورة تعميم هذا الاختبار، وجعله عالمياً؛ حتى يمكن تشخيص مرضى السرطان بسرعة شديدة. وأوضح العلماء أن هذا الاختبار يمكن أن يساعد على الشفاء من مرض السرطان سريعاً؛ لأن علاج السرطان يكمن في اكتشافه مبكراً.
جهود لا تتوقف:
الأمل مستمر بإذن الله، والأخبار لا تكاد تتوقف عن جوانب وعلاجات أخرى وكذلك حضور الطب البديل؛ وإن لم يظهر بعدُ العلاج المعجزة؛ إلا أن هناك جهوداً تُبذل وسَبَق أن تم الإعلان عن زوايا أخرى دخل منها العلماء للتصدي للسرطان؛ ومن ذلك الكشف عن عقار يمكنه وقف نمو الخلايا السرطانية عن طريق ضرب وتشويش ساعتها البيولوجية الداخلية. وكذلك ما ذكره باحثون في معهد “فرانسيس كريك” في العاصمة البريطانية لندن، أنه من الممكن تقوية دفاعات الجسم عن طريق زرع خلايا مناعية من أشخاص آخرين.
علاج مناعي:
كما أن هناك ما هو أكثر من مجرد دراسة ونظرية تتعلق باستخدام “مجال العلاج المناعي”، وكذلك ما طوّره علماء بريطانيون بصنع فيروس معدل وراثياً بإمكانه قتل الخلايا السرطانية، وتدمير أماكن اختبائها، وكذل ما أوردته دراسة بجامعة “نورثويسترن” في ولاية إلينوي الأمريكية؛ فقد توصل الباحثون إلى الطريقة التي تعمل بها “الشفرة القاتلة” للخلايا؛ حيث تمتلك كل خلية في الجسم “شفرة قاتلة” أو “كوداً قاتلاً”، يمكن للخلية من خلالها أن تدمر نفسها.
بكتيريا الغرغرينا:
ووصولاً إلى دراسة علمية إلى أن حقن الأورام الخبيثة ببكتيريا الغرغرينا؛ يمكن أن يساعد في مكافحة المراحل المتأخرة من أمراض السرطان. هذا فيما تواصل منظمة الصحة العالمية مشروعاً تجريبياً لإنتاج نسخ أرخص من أدوية السرطان باهظة الثمن التي تعتمد على التكنولوجيا الحيوية؛ في محاولة لإتاحة هذه البدائل على نطاق واسع في الدول الفقيرة.
وفي كل الأحوال، فأفضل النصائح التي يوجهها لك الأطباء هي أن تمارس الرياضة بانتظام، وأن تكون ملماً بالاحتياجات والمتطلبات الصحية لمراحل عمرك المختلفة، وأن تنتظم في الكشف الوقائي الدوري.