العرب تريند

فضيحة في لبنان.. مستشفيات تنفض سمومها في أكبر نهر

لا يكاد يمرّ يوم في شريط اليوميات اللبنانية إلا ويكون نهر الليطاني أحد عناوينه انطلاقاً من التعديات المتنوعة على مجرى النهر والسموم التي يبتلعها من كافة الأنواع، العضوية، الكيميائية-الإشعاعية والصناعية. حتى الأبقار النافقة عرجت على مياه هذا النهر الموبوء.

إنه النهر الأطول والأكبر في لبنان يمتد من مدينة بعلبك بقاعاً حتى يصل إلى مدينة صور جنوباً ليصب في البحر الأبيض المتوسط حيث يبلغ طوله 170 كلم يمرّ معظمها في سهل البقاع، وتبلغ قدرته المائية تقريباً 750 مليون م3 سنوياً وأعدّت مشاريع ودراسات عدة للاستفادة منه في إنتاج الطاقة الكهرومائية وتأمين مياه الريّ والشرب للبقاع والجنوب والساحل، بهدف تنمية القطاع الزراعي والكهربائي.

النهر يئن
منذ سنوات والنهر يئنّ متوجعاً من تلوث مصادر مياهه، إذ إن العديد من المدن التي يمرّ عبرها تقوم بطرح نفاياتها وملوثاتها ومجاريها في تفرعاته، بالإضافة إلى مخلفات المصانع وتلوث المياه الجوفية بسبب المبيدات الزراعية التي تستعمل بكثرة وتنفذ إلى المياه الجوفية.

قرارات كثيرة اتّخذت لرفع الملوثات عنه وحمايته، فتم تأسيس مؤسسة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني حيث تعمل على تنظيف مياه النهر وتنقيتها من المبيدات ومخلفات المصانع.

ومنذ قرابة الثلاث سنوات أقرّ مجلس النواب خطة رسمية لحمايته من التلوث، ورصد لها ألفا ومئة مليار ليرة ما يؤشر إلى مدى أهمية حل هذا الملف الذي يرقى إلى مرتبة القضايا الوطنية الكبرى، لما يُشكّله النهر من شريان حياة حيوي، ولما لتلويثه من آثار سلبية على البيئة والاقتصاد.

نفايات طبية وأدوية بيطرية
إلا أن الوضع تفاقم سوءاً منذ أشهر في ظل تقارير عن الآثار البيئية والصحية لتلوّث النهر، دفع بالسلطات اللبنانية إلى إعلان حال طوارئ، وانغمس المسؤولون، خصوصاً المعنيين منهم، في العمل المتواصل من أجل حل هذه الأزمة المستعصية وملاحقة المخالفين.

آخر صيحات تلوّث النهر، عثور عمّال تابعين لمصلحة مياه الليطاني أثناء قيامهم بتنظيف ضفاف بحيرة القرعون منذ أيام، على بقايا نفايات طبية صلبة تتضمّن عبوات أدوية وأكياس أمصال وأدوية بيطرية، لا سيما تلك التي تستخدم في علاج الأبقار والخنازير.

مأساة ومهزلة
“نحن اليوم أمام مأساة ومهزلة في الوقت نفسه، لأن من هم قيّمون على صحة اللبنانيين “يقتلونهم” بهذه الجريمة التي يندى لها الجبين”، هذا ما قاله رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية لموقع “العربية.نت”، موضحاً “أنه في العام 2004 صدر مرسوم يفرض على كافة المؤسسات الصحية أن تتعامل وفق الأصول مع الصرف الصحي للنفايات السائلة والإشعاعية والصلبة الصادرة عنها، لكن تبيّن من خلال كشف أجريناه أن معظم المؤسسات الصحية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني غير مُلتزمة وتحوّل الصرف الصحي العائد لها من نفايات طبّية سائلة مباشرة إلى مجرى الليطاني أو حتى عبر محطات تكرير من دون أن تكون ملتزمة بالمعايير المحددة بالقانون التي تفرض تركيب محطة معالجة خاصة”.

وكانت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني تقدمت، مطلع هذا الشهر، بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية بحق 18 مستشفى بقاعياً، بتهمتي تلويث البيئة والتعدي على الأملاك، إلا أن المفاجأة كانت، بحسب علوية “بأن تلك المؤسسات تعارض تقديم الدعاوى الجزائية بحقها”، جازماً بأن “المصلحة ستواصل اتّخاذ الإجراءات بحق المؤسسات الصحية غير المُلتزمة بيئياً وستلاحقها أمام القضاء لإلزامها فوراً بإيقاف تدفق الصرف الصحي إلى نهر الليطاني، بما فيه من نفايات طبّية ومنعهم من رمي النفايات الصلبة في المكبّات التي ترجف الأمطار بعضها، وإلا سنطلب اتّخاذ قرار بإقفالها بالشمع الأحمر”.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى