إلى أين تتجه مظاهرات السودان.. هل تشهد زخما أكبر؟
يواصل السودانيون التظاهر منذ الأربعاء، احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي، وعدم توفر عدد من السلع الأساسية، في وقت أدى فيه قمع الاحتجاجات إلى مقتل 8 متظاهرين وإصابة العشرات في العاصمة الخرطوم.
مطالب حياتية
وأشار مراقبون إلى أن مطالب المتظاهرين تتعلق بأمور حياتية وليست سياسية، حيث قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي صديق محمد عثمان: “معظم المطالب الآن حياتية، حيث أصبح هناك ندرة في بعض المواد الغذائية وعلى رأسها القمح والخبز اليومي”.
وأضاف عثمان في حديث لـ”عربي21″: “إضافة لنقص السلع الأساسية، تفكر الحكومة الآن برفع الدعم عن المشتقات النفطية بصورة تامة، لأن لديها عجزا في الميزانية، حيث اضطر المواطنون خلال الأشهر الماضية للوقوف لساعات على طوابير الخبز والوقود”.
ولفت إلى أن الأوضاع لم تتحسن على الرغم من اتخاذ الحكومة إجراءات قصيرة المدى ومعالجات في قنوات توزيع السلع الاساسية، ودعمت بعض المحليات لتشديد الرقابة على الأسواق، مضيفا: “ولكن هذا ليس حلا، لأن المشكلة أصلا في ندرة وشح في التمويل”.
وأكد عثمان على “أنه لا دور للأحزاب السياسية في هذه المظاهرات، فالموجودة بالداخل ضعيفة جدا في كيانها الموحد، وأما المعارضة الخارجية المكونة من بعض الحركات المسلحة التي كانت تواجه النظام، وبعض الأحزاب السياسية كحزب الأمة، فكانت تركز بصورة أساسية على مجرى التفاوض مع الحكومة ولذلك ليس لها مصلحة بالتصعيد، بالتالي هذه المظاهرات شعبية بامتياز”.
مصير المظاهرات
وحول النتيجة المتوقعة لهذه المظاهرات، وإلى أين يمكن أن تصل، قال المختص بالشأن الأفريقي علي هندي: “هذه المظاهرات تشبه التي سبقتها بعدة شهور، لكن لن يكون هناك أجندة وطنية تجمع المعارضة والقوى الصغيرة لتغيير السودان، بالعكس سوف يحصل تباعد بين الأقاليم السودانية أكثر”.
وتابع علي هندي في حديث لـ”عربي21″: “بالتالي لن تؤدي هذه المظاهرات إلى التغيير، فالحكومة السودانية تعلمت مما جرى في السودان في السابق من تغيرات كانت تحدث على إثر مظاهرات، حيث شكلت قوات خاصة لا تلتزم بالدستور وغير مسؤولة من أي جهة، وهي تقمع هذه المظاهرات بطريقة منتقاة”.
وأكد على “أنه سيتم قمع هذه المظاهرات كما تم قمع التي سبقتها، لكن فيما بعد سيؤدي ذلك لتباعد السودان أكثر، وسوف تبدأ كل هذه القوى تبحث عن قيادة سياسة لها، وإذا تدخلت القوى الموجودة في دارفور والشرق وجبال النوبة وقادت المظاهرات؛ عندها يمكن أن يحدث تغيير، عدا ذلك أعتقد أنه ستبقى الأمور كما هي عليه الآن”.
من جهته قال صديق محمد عثمان: “أظن أن الاحتجاجات ستتواصل لأن الحكومة عاجزة عن إيجاد أية حلول إلا إذا حدثت مفاجأة، أو إذا شاءت الحكومة أن تستخدم بعض الأموال التي تضعها جانبا كاحتياط مركزي لتزويد السوق بمواد تموينية، وعمل بعض الإجراءات التي يشعر بها الناس بشيء من الانفراج، ولكن هذا حتى الآن غير وارد، لأن الحكومة تتحدث عن مواصلة إجراءاتها الاقتصادية والتي رفضها الناس”.
بدوره أشار عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم ربيع عبد العاطي إلى “أن الأمور عادت لطبيعتها بعد فرض حالة الطوارئ، وبعد إغلاق المدارس والترتيبات التي تم اتخاذها من قبل ولاية نهر النيل”.
وتابع في حديث لـ”عربي21″: “أعتقد أن هذه الترتيبات ستستمر إلى أن تعود الأمور لطبيعتها ومن ثم يتم رفع حالة الطوارئ، لكن الآن لا أجد هناك أي اضطرابات كالتي حدثت أمس، والأمور هادئة جدا بعد الترتيبات التي اتخذتها حكومة ولاية نهر النيل”.
وحول كيف ستستجيب الحكومة لمطالب المتظاهرين قال عبد العاطي: “المسألة ليست فقط متعلقة بولاية نهر النيل، وإنما على الحكومة المركزية أن تقوم بترتيبات كثيرة جدا، ولا بد أن يكون هناك إجراء عاجل وترتيبات عاجلة فيما يخص إدارة الموارد المختلفة وخفض الأسعار وإتاحة السيولة وتوفير العملات الأجنبية”.
وأوضح بقوله: “الحكومة تعمل بسرعة، وأتوقع أنها ستتخذ جملة من التسهيلات والإجراءات من شأنها أن تضع حدا لهذه الاحتجاجات، خاصة توفير السلع الأساسية والعملات الصعبة”.