العالم تريند

الوجه الآخر لبوش الأب كما رسمه كاتب بريطاني

توفي أول أمس الجمعة الرئيس الأميركي الأسبق جورج هربرت بوش فانهالت برقيات العزاء والتصريحات والمقالات من كل ألوان الطيف السياسي في الولايات المتحدة تمجده وتعدد مآثره وفضائله.

لكن كاتبا بريطانيا شذ عن تلك القاعدة وآثر أن يتناول الوجه الآخر للرئيس بوش الأب الذي يرى أنه لم يحظ بذات القدر من الاهتمام فأغفله المادحون إن عمدا أو سهوا.

ففي مقال له بمجلة “إنترسبت” كتب الإعلامي البريطاني مهدي حسن قائلا إن بوش الأب كان واحدا من 44 شخصية عامة “خدموا الولايات المتحدة كرؤساء”، مشيرا إلى أن ذلك “لا يسمح لنا بتجميل سجله الحقيقي في الرئاسة بهذه الطريقة الفجة” التي لجأ إليها كثيرون.

ولتعضيد وجهة نظره هذه اقتبس مهدي عبارة للصحفي الأميركي غلين غرينوالد جاء فيها “عندما يموت زعيم سياسي فمن الاستهتار إلى أبعد الحدود ألا يسمح إلا بعبارات الثناء والمديح دون انتقادات له لأن ذلك سيفضي إلى تزوير التاريخ وأساليب تمويه دعائية سيئة”.

إن الحقيقة المرة -كما يصفها المقال- هي أن رئاسة جورج هربرت ووكر بوش للولايات المتحدة تتقاطع إلى حد كبير مع رؤى شخصيات عدوانية من الحزب الجمهوري اشتهرت بالفساد والتطرف وتبوأت مناصب بعد خروجه من البيت الأبيض، ومنها ابنه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش والرئيس الحالي دونالد ترامب.

حرب قامت على فرية
وتطرق مهدي حسن بشيء من التفصيل لمثالب الراحل بوش عندما كان زمام الأمر بيده، ومن بين الإرث الذي يتغافل عنه الناس -كما يقول الكاتب- أنه قدم مرافعة “خادعة” وادعاءات “زائفة” لتبرير قصفه للعراق عام 1991.

وأبلغ بوش الأب شعبه بأن العراق غزا الكويت “دون سابق استفزاز أو تحذير”، بيد أن ما أغفل ذكره أن سفيرة الولايات المتحدة لدى العراق إبريل غلاسبي أعطت الضوء الأخضر للرئيس صدام حسين، حيث قالت له في يوليو/تموز 1990 -أي قبل أسبوع من الغزو- “نحن لا ندري شيئا عن الصراعات العربية-العربية مثل خلافكم الحدودي مع الكويت”.

ثم كانت “الفرية” الاستخباراتية حينما نشر بوش قواته في الخليج في أغسطس/آب 1992 وزعم أنه إنما يفعل ذلك من باب “مساعدة الحكومة السعودية على الدفاع عن أراضيها”.

ومن مثالبه أيضا جرائم الحرب التي ارتكبها، ففي عهده أسقطت الولايات المتحدة 88 ألفا وخمسمئة طن من القنابل على العراق والكويت التي كانت تحت الاحتلال العراقي آنذاك نجم عنها خسائر مروعة وسط المدنيين.

ودمرت المقاتلات الحربية الأميركية منشآت البنية التحتية الأساسية في العراق، من محطات توليد الكهرباء ومعالجة مياه الصرف الصحي وحتى مصانع المواد الغذائية ومطاحن الغلال.

وتعمدت إدارة بوش استهداف تلك المنشآت حتى تكون لها اليد الطولى على صدام حسين، أو لم يكن ذلك هو الإرهاب بعينه؟ يتساءل حسن في مقاله بمجلة إنترسبت.

إيران كونترا
رفض بوش الأب التعاون مع المحقق الخاص في قضية إيران كونترا التي عقدت بموجبها واشنطن اتفاقا مع طهران يقضي بتزويدها بالأسلحة مقابل الإفراج عن بعض الأميركيين المحتجزين في لبنان كانت مليشيات شيعية قد اختطفتهم كرهائن في ثمانينيات القرن الماضي.

وحولت الإدارة الأميركية المبالغ الفائضة من مبيعات الأسلحة لإيران إلى قوات “الكونترا” التي كانت تحارب حكومة حركة ساندينيستا اليسارية الحاكمة في نيكاراغوا.

غير أن تلك الصفقة التي عرفت فيما بعد بفضيحة “إيران غيت” نجحت في تقويض إدارة الرئيس رونالد ريغان، وكان نائب الرئيس حينها بوش ضالعا في الفضيحة، لكن تورطه ذاك لم يحظ باهتمام كبير.

عرقلة سير العدالة
وأبى بوش حينذاك تسليم مذكرة تضمنت ملاحظات تتعلق بصفقة إيران كونترا أو المثول أمام لجنة التحقيق في أواخر مراحلها، وتساءل مهدي حسن مرة أخرى “أليس ذلك نوعا من عرقلة سير العدالة كالتي يفعلها ترامب حاليا؟

ومن مساوئ ما فعله بوش عندما كان رئيسا تصعيده للحرب “العنصرية” ضد المخدرات، وكان جراء ذلك أن زج بملايين الأميركيين في السجون، وأهدرت مئات المليارات من الدولارات، وتوفي مئات الآلاف من البشر بمرض الإيدز، كل ذلك باسم “الحرب على المخدرات”.

ومن الأفعال الفاضحة لجورج هربرت بوش أنه دأب على تحسس أجساد النسوة اللائي التقطن صورا تذكارية معه.

ليس هذا فحسب، فقد تورط الرئيس الأميركي الراحل في سلوكيات تحض على إثارة النعرة العنصرية من أجل مكاسب سياسية وفي عرقلة سير العدالة وجرائم حرب، بحسب مهدي حسن.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى