أبناء الكويتيات يخشون الترحيل
على الرغم من انتمائهم إلى الكويت، حيث ولدوا وعاشوا ودرسوا، ما زال أبناء الكويتيات يعانون من جرّاء القوانين التي ترفض مساواتهم بأقرانهم من الكويتيّين، علماً أن الدستور الكويتي نصّ في مادته التاسعة والعشرين على عدم التمييز على أساس الجنس أو اللغة أو الدين.
وتطالب كويتيّات متزوجات من غير كويتيين، وعددهن يبلغ أكثر من 20 ألف امرأة، بحق إعطاء جنسيتهن لأبنائهن، انطلاقاً من مبادئ الدستور الكويتي الذي نص على عدم وجوب التمييز بين الرجل والمرأة. ويسمح قانون الجنسيّة في الكويت للمواطن الكويتي المتزوج من غير كويتية بمنحها الجنسية الكويتية، لكنه لا يسمح للمواطنة الكويتية بإعطاء جنسيتها لزوجها أو أبنائها على الأقل.
وتُعامل الدولة ابن الكويتية حتى بلوغه سن 18 عاماً كمواطن كويتي لديه الحق في الدراسة المجانية في كافة المراحل التعليمية. لكن بعد ذلك، هو مطالب بالحصول على عقد عمل يسمح له بالمكوث في البلاد، أو يتعرض لخطر الترحيل إلى بلد والده بسبب مخالفته قانون الإقامة. وفي حال وفاة الأم الكويتية، تمنع الحكومة أبناءها الوافدين من تملك عقارها إذا كان ممنوحاً من الدولة، بخلاف أبناء الأب الكويتي.
ويقول أحمد الفدعاني، وهو مواطن سوري من أم كويتية، لـ “العربي الجديد”: “تعرّضت أنا وإخوتي لصعوبات كبيرة بعد وفاة والدتي. كدنا نرحّل بسبب انتهاء مدة جوازات سفرنا السورية، وعدم قدرتنا على تجديدها لأننا مطلوبون لأداء خدمة التجنيد الإجباري في سورية، نحن الذين لم نزر سورية سوى مرتين، فقد ولدنا وعشنا ودرسنا وعملنا في الكويت”. يضيف: “البيت الشعبي الذي تمنحه الحكومة للمواطنة الكويتية المتزوجة من غير الكويتي أخذ منا، واضطررنا للسكن في شقة بدل إيجارها مرتفع. لا أطلب الحصول على الجنسية الكويتية. أريد فقط إقامة دائمة وتسهيلات معينة للتوظيف والسفر وغيرها، كون أمي كويتية”.
أما سعد الظفيري، وهو مواطن سعودي من أم كويتية، يقول لـ “العربي الجديد” إنه لا بديل عن منح الجنسية الكويتية لأبناء الكويتيات أسوة بأبناء الكويتييين وزوجاتهم. درس القانون في جامعة الكويت، لكنه لم يتمكن من العمل في وظيفة حكومية أو الحصول على رخصة للعمل كمحام في مكتب خاص، بسبب اشتراط الجنسية الكويتية. لكنّ قرار الحكومة الكويتية إدخال أبناء الكويتيات المتزوجات من خليجيين في وزارة الداخلية للعمل في سلك الشرطة أنقذه بعض الشيء، على حد قوله.
يتابع سعد لـ “العربي الجديد”: “هذا القرار أدى إلى تغّير حياة الكثيرين من أبناء الكويتيات، إذ تمكنوا لأول مرة من خدمة وطنهم ووطن أمهاتهم والحصول على وظائف جيدة في سلك الشرطة والجيش”. وقررت الحكومة الكويتية السماح لأبناء الكويتيات المتزوجات من فئة البدون الانضمام إلى الجيش الكويتي، كما سمحت لأبناء الكويتيات المتزوجات من الخليجيين بالالتحاق في سلك الشرطة في وزارة الداخلية. أمّا أبناء الكويتيات المتزوجات من مواطنين عرب، فإنّهم ما زالوا يعانون من البطالة والتهميش. لكنّ ديوان الخدمة المدنية، الجهة المسؤولة عن التوظيف في الوزارات الحكومية، أعلن أنه سيوظّف أبناء الكويتيات بعد إيجاد فرص عمل في التخصصات النادرة. لكن هذا لا يبدو كافياً حتى الآن.
وتنشط كويتيات في منظمات عدة للضغط على النواب بهدف تمرير قانون يقضي بإلزامية تجنيس ابن الكويتية حال بلوغه عامه الـ 21، بعد تخييره بين جنسية بلد والده أو الجنسية الكويتية. لكنها لم تنجح حتى الآن في الحصول على دعم كامل من النواب بسبب رفض الكثير منهم لهذا القانون بحجة أنه سيغير التركيبة السكانية. تقول هدى العنزي من منظمة “كويتيات بلا حدود”، إنّ مطالبة الكويتيات بحصول أبنائهن على الجنسية الكويتية ينطلق من حق دستوري وشرعي، لأنّ المادة التاسعة والعشرين من الدستور تنصّ على أنه لا تمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو اللغة، فكيف يسمح للكويتي بتمرير جنسيته لأبنائه بينما لا يسمح للكويتية بذلك؟: تضيف: “حاولنا الحصول على توقيعات النواب لعقد جلسة لهذا القانون، وحصلنا على بعض الدعم. لكن الكثير من النواب أخبرونا أن قضية مثل هذه أكبر من قدرات مجلس الأمة (البرلمان)، لأنها ترتبط بملف حساس وهو ملف الجنسية”.
من جهته، يقول المحامي الكويتي مشاري الشمري لـ “العربي الجديد”: “قانون الجنسية في الكويت يسمح لوزير الداخلية بتجنيس أبناء الكويتيات حال طلاق الوالد غير الكويتي للوالدة الكويتية أو وفاته. وعلى الرغم من أن القانون قاسٍ ولا يغطي إلا فئة قليلة، إلا أنه غير مطبق لأنه لا يلزم وزير الداخلية”. يضيف الشمري: “قانون الجنسية في الكويت معقد إلى درجة كبيرة ومرتبط بقضايا سياسية تمس البلاد. وعلى الرغم من أنني أحترم نضال المرأة الكويتية في الداخل ومطالبتها بالمساواة بالرجل الكويتي، إلا أنني أرى صعوبة تمريره داخل البرلمان. وسبق لي أن نصحت مجموعات تطوعية من النساء الكويتيات بمحاولة الضغط على الحكومة مباشرة، والتعاون مع المنظمات غير الربحية وغير الحكومية في الخارج، وهي طريقة أجدى وأكثر فائدة. أما في هذه الحالة، فإن الحكومة ستقوم بمنح الجنسية لعدد بسيط من أبناء الكويتيات كل خمسة أعوام إرضاء لمجموعات معينة من النواب فقط”.