السعودية

قصة طفل أنقذه جراح سعودي بعملية قلب نادرة

حصل الدكتور السعودي عبدالعزيز الخالدي، استشاري أمراض القلب بمركز الأمير سلطان لأمراض القلب، على وسام الشرف البولندي بعد نجاح عملية جراحية لإصلاح أكثر من 16 شرياناً لطفل بولندي، في عملية نادرة على مستوى العالم.

الدكتور الخالدي يعتبر الاستشاري الوحيد في العالم المتخصص في جراحة القلب “الشرايين الرئوية”، والوحيد الذي يجري مثل هذه العمليات.

وفي حديث الدكتور الخالدي لـ”العربية.نت” شرح بالتفصيل عن بداية إنشاء برنامج متخصص لعمليات قلب الأطفال والشرايين، وكيف وصلت لهم حالة الطفل البولندي، ويقول: “عندما كنت رئيساً لقسم جراحة القلب في مدينة الملك عبدالعزيز بالرياض، أنشأت مع الدكتور عمر التميمي، استشاري طب الأطفال وقسطرة القلب، بعد عودتي من الدراسة بأميركا، برنامجاً لجراحة الشرايين الرئوية، حيث هذا التخصص نادر ومعقد، ويوجد مركز واحد فقط في أميركا، وبفضل الله يعتبر البرنامج الوحيد في السعودية والخليج، وانتشرت أخبار البرنامج على نطاق عالمي، واستقبلنا حالات من العالم، في الوقت الذي واجهتنا بعض الحالات لمرض تعرج الشرايين القاتل للأطفال، وكانت حالات معروفة ولكن لا يوجد لها علاج”.

الدكتور عبدالعزيز الخالدي
واستطرد الخالدي قائلاً: “في عام 2008 قمنا بأول عملية ناجحة، ونشرناها في المجلات الطبية، مما كان لها صدى واسع، بعدها توالت علينا الحالات المشابهة، حيث كنا المركز الوحيد الذي يقوم بمثل هذه العمليات، وفي أواخر 2015 تواصل معي برفسور من جامعة “وارسو” في طب قلب الأطفال، وطلب مني استشارة بخصوص أحد مرضاه، وهو طفل يبلغ من العمر 11 شهراً، ويرقد بالعناية المركزة منذ الولادة ويعاني من “متلازمة تعرج الشريان” وحالته حرجة جداً، ولم يتمكن من الخروج من المستشفى منذ ولادته، وسألني هل من الممكن أجري عملية له، وبعد مراجعة الصور والتحاليل أخبرته بأن حالة الطفل شبيهة بالحالات التي أجرينا لها عملية، وبلغ أهل الطفل فقاموا بكتابة خطاب لحكومة بولندا ورئيس وزراء بولندا، وقام بإرسال خطاب رسمي للمملكة العربية السعودية”.

وتابع: “حينها أصدر خادم الحرمين الشريفين أمرا مباشرا بنقل الطفل بصورة عاجلة من بولندا إلى الرياض، واستقبلنا حالته التي كانت خطرة جداً، ونقلناه للعناية المركزة ثم أجرينا له عملية إصلاح معقدة على مرحلتين، كانت عمليات طويلة، والحمد لله تعافى بالكامل بعد 3 أشهر من العلاج”.

وأكمل الدكتور الخالدي سرد القصة: “وفي عام 2016م عاد إلى بولندا بصحة وسلامة، وكان هذا بالنسبة لهم حدث كبير، وهذا شيء لم يعهدوه في أوروبا، وبناء على ذلك قام وزير خارجية بولندا بالرفع إلى رئيس بولندا بطلب تكريم على هذا الأساس، وبناء على صلاحياته أصدر وسام شرف رسمي بجمهورية بولندا باسمي، وتم التخاطب مع المسؤولين بالسعودية، وأرسل الوسام للسعودية وقام سفير بولندا بالسعودية بالأشهر الماضية بالتنسيق لعمل حفل بالسفارة البولندية الخميس الماضي بحضور العديد من الشخصيات والدبلوماسيين وبعض الممثلين بمركز القلب، وأعلن السفير بالحفل قرار رئيس بولندا ثم قام بتقديم الوسام لي بالحفل”.

برنامج سعودي متخصص لعلاج الحالات النادرة
وأضاف: “تم انتقالي إلى مركز الأمير سلطان لجراحة القلب، وانتقل البرنامج معي، فالبرنامج عالج 40 حالة تعرج شرياني لأطفال، وعدد الحالات لعلاج مرضى الشرايين المعقدة سواء أطفال أو كبار بلغت 450 حالة”.

وذكر الخالدي، أن هناك حالات تصل للمركز بمرحلة متأخرة، وخاصة من دول الخليج لعدم معرفتهم بعلاج هذا المرض بالسعودية، وسافروا إلى أوروبا ولكنهم لم يجدوا العلاج إلا لدينا بالمركز، وذلك بعد أن عرفوا عنا من خلال قراءة النشرات الطبية أو من خلال بعض المرضى الذين تعالج أبناؤهم أو عن طريق الصحافة، أو البحث عبر وسائل التواصل، كما ولديهم بالمركز حالياً حالات مشابهة للطفل البولندي وهم أطفال سعوديون، وانتهت حالاتهم في الأسبوع الماضي وهم بصحة جيدة.

البرنامج سعودي
وبين أن البرنامج سعودي 100%، وتأسس بالكامل بالسعودية، ويخدم المرضى السعوديين، مع وجود 5% من المرضى الذين تعالجوا بالبرنامج هم غير سعوديين ومن دول الخليج، أو من أتوا بأوامر ملكية للعلاج بالبرنامج، لعدم وجود هذا التخصص بالمنطقة كاملة، فهناك أطفال أتونا من ماليزيا وسوريا ومصر.

وأوضح الخالدي “أن البرنامج لا يعرفه الكثيرون، وليس مسلط الضوء عليه وعلى الخدمات التي يقوم بها، وكانت الجهود فردية، ولكن مع انتقال البرنامج لمركز الأمير سلطان، لقينا اهتماما وقدرات أكبر، وبإذن الله يصل للعالمية خاصة وهو يقدم خدمة للمنطقة كاملة وللإنسانية خاصة الأطفال الذين يموتون بشكل بطيء مع نقص الأكسجين والوضع الذي يكونون عليه قبل إجراء العملية يدمي القلب، ووضعهم بعد العملية كأنهم لم يكونوا مرضى”.

طلبات عالمية للعلاج في المركز
وذكر الدكتور الخالدي أن هناك طلبات لحالات من بلجيكا وأوروبا، والتي هي متقدمة على السعودية بأمور كثيرة، إلا أننا تقدمنا عليهم بهذا التخصص الذي يعتبر نادراً، والفضل يعود لله ثم للأمور التي توفرت بمراكزنا ومستشفياتنا من تجهيزات وآلات طبية متخصصة.

وأبان أن “الحالات التي تنتظر عملياتهم الجراحية تقارب الـ100 حالة، وهي ليس جميعها نادرة، ولكن المتخصصين فيها هم النادرون، وذكر أن مثل هذه التخصصات تحتاج لتدريب عالٍ واهتمام، ولعدم وجود الحوافز المادية وعدم اهتمام الجيل الجديد بالتخصصات النادرة والمعقدة، فالأطباء لا يريدون أن يجرون عملية واحدة لمدة تتراوح من 14-18 ساعة في اليوم، بينما يستطيع في تخصص آخر إجراء 3 -5 عمليات باليوم، فتخصص “الشرايين الرئوية” معقد ويحتاج إلى عدة تخصصات منها جراحة القلب ثم التخصص بجراحة قلب الأطفال ثم التخصص بالشرايين الرئوية، وهي تحتاج إلى الصبر والإتقان ومراحل متعددة، وساعات جراحية طويلة.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى