العرب تريند

هل تجبر “المدرعات الكندية” أوتاوا على الاعتذار للرياض؟

تترقب الأنظار العربية والدولية النتائج التي سيترتب عليها التصعيد المفاجئ للمملكة العربية السعودية بقطع العلاقات التجارية مع كندا، وطرد السفير الكندي من الرياض، على خلفية مطالبة الأخير بالإفراج عن عدد من النشطاء الحقوقيين بالمملكة وعلى رأسهم الناشطة سمر بدوي.

وأعربت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، في بيان لها اليوم الثلاثاء، عن “قلق بلادها العميق” من التصعيد السعودي ضد بلادها، قائلة: “لدينا هواجس عميقة فيما يتعلق بطرد السعودية السفير الكندي، ردا على دفاع كندا عن نشطاء حقوق الإنسان المعتقلين”.

وشددت فريلاند على أن كندا ستواصل الدفاع عن حقوق الإنسان دائما بما فيها حقوق المرأة وحرية التعبير على مستوى العالم.

وجمدت السعودية، مساء الأحد، التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا وطردت السفير الكندي كما استدعت سفيرها وأمهلت السفير الكندي 24 ساعة للرحيل. وأعلنت الخطوط الجوية السعودية عن إيقاف رحلاتها من وإلى تورنتو بكندا.

وأكد خبراء اقتصاد لـ “عربي21” أن لغة المصالح الاقتصادية ستلعب دورا بارزا في تأجيج أو تهدئة التوتر الدبلوماسي بين السعودية وكندا، مشيرين إلى أن المملكة تستند في لغة تصعيدها ضد الجانب الكندي، على الميزان التجاري بين البلدين المائل اقتصاديا لصالح كندا.

وأظهرت بيانات مركز التجارة الدولية (ITC) أن الميزان التجاري بين الرياض وأوتاوا يصب في مصلحة الأخيرة بواقع 879.8 مليون دولار، حيث بلغت الواردات الكندية إلى المملكة خلال العام الماضي 1.12 مليار دولار، في حين بلغت الصادرات السعودية إلى كندا نحو 89 مليون دولار فقط.

وتعتبر السعودية ثاني أكبر مستورد للبضائع الكندية في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، بعد الإمارات. وبحسب موقع مجلس الأعمال الكندي السعودي، يبلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 3.73 مليارات دولارسنويا ويتألف بالأساس من الاستثمارات الكندية في المملكة والصادرات السعودية من البتروكيماويات والبلاستيك ومنتجات أخرى.

وأبرمت السعودية وكندا في 2014، اتفاقية أسلحة ضخمة، وبلغت المبيعات العسكرية الكندية لصالح الرياض منذ 1993 وحتى الآن نحو 17.5 مليار دولار كندي.

وفي 11 مارس/آذار 2015، حدثت أزمة مماثلة بين السعودية والسويد، على خلفية تصريحات لوزيرة خارجية السويد مارغو والستروم، تضمنت انتقادا لأحكام النظام القضائي الإسلامي في المملكة، وهو ما اعتبرته السعودية “تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية”، فقررت سحب سفيرها لدى السويد، وعلقت منح تأشيرات أعمال للسويديين، وانتهت الأزمة باعتذار رسمي من الحكومة السويدية بعد 16 يوما من اندلاعها.

والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى أي مدى ستصل الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا؟ وهل ستعتذر الحكومة الكندية إلى الرياض أسوة بالحكومة السويدية من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية؟

وقال رئيس مجلس الأعمال السعودي الكندي، عماد الذكير، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام سعودية، إن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الرياض وأوتاوا مقارنة بحجم كندا تعتبر ضئيلة جدا.

وأكد أن قطع العلاقات بين البلدين سيكون تأثيره السلبي على كندا أكثر منه على الرياض، مضيفا: “الاستثمارات السعودية في كندا أكبر من الاستثمارات الكندية في المملكة، والمقاطعة السعودية ستحرم الحكومة الكندية من كعكة الاستثمارات التي طرحتها المملكة مؤخرا للاستثمار الأجنبي”.

وأوضح الذكير أن مجالات التعاون بين البلدين، تتمثل في قطاعات التعليم والصحة والنفط والهندسة النفطية، إلى جانب مشروع تعاوني كبير كان في مجالات الناقلات العسكرية، مستطردا: “لدينا بين 15 إلى 20 ألف طالب يدرسون في الجامعات الكندية في مجالات مختلفة كانت تشكل أحد أهم أنواع الاستثمارات لدى سوق التعليم بكندا”.

ومن ناحيته، قال الخبير الاقتصادي عمرو السيد في تصريحات لـ “عربي21″، إن السعودية عادة ما تلعب بورقة التجارة والاستثمار في علاقاتها مع غالبية، وتنظر إليها على أنها ورقة رابحة في الضغط على العديد من الحكومات.

وأضاف: “ليست كندا هي الخاسر الوحيد في تلك الأزمة الدبلوماسية، فالسعودية أيضا التي تسعى وفقا لرؤية 2030 التي تستهدف تنويع الاقتصاد والاستثمارات ستخسر أيضا أسواقا خارجية تتمتع بمزايا جيدة للاستثمار، إذا أصرت على توسيع رقعة الخلافات الدبلوماسية مع الكثير من الدول”.

ورجح الخبير الاقتصادي، أن تطغى المصالح الاقتصادية المتبادلة بين السعودية وكندا على الخلاف الدبلوماسي الحالي، وأن تصل كل من أوتاوا والرياض إلى صيغة تفاهمية لعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها.

وتابع: “بدليل أن التصعيد السعودي ضد كندا لم يشمل صفقة الأسلحة الضخمة التي وقعتها السعودية مع كندا في 2014، ولم تهدد كندا حتى الآن بوقف تصدير الأسلحة إلى السعودية”.

وفي أوقات سابقة، اتخذت عدة دول مثل ألمانيا وبلجيكا والسويد والنرويج قرارا بوقف صادرات الأسلحة إلى السعودية على خلفية انتهاكات الأخيرة لحقوق الإنسان.

ووفقا لـ “بي بي سي”، تعالت الأصوات في كندا بعد القرار الألماني في بداية العام الحالي لاتخاذ موقف مماثل حيث أبرمت السعودية عقدا بقيمة 15 مليار دولار لشراء عربات مدرعة من كندا.

وقالت صحيفة “غلوب أند ميل الكندية” على موقعها الالكتروني إن قيمة التعامل التجاري بين البلدين عام 2017 تجاوزت 4 مليارات دولار والمعدات العسكرية التي تنتجها كندا مثلت قسما كبيرا من ذلك.

وكان فرع شركة جنرال دايناميكس كورب الأمريكية العملاقة في كندا قد وقع على عقد بقيمة 15 مليار دولار لتصدير عربات مدرعة عام 2014 إلى السعودية. وقالت الحكومة الكندية بزعامة رئيس الوزراء المحافظ ستيفن هاربر حينذاك، إن هذا العقد هو الأكبر في مجال الصادرات في تاريخ كندا.

ودافع رئيس الوزراء الكندي الحالي جاستين ترودو، عن الصفقة في شهر مارس /آذار الماضي والتي تتضمن تصدير 900 عربة مدرعة بينها أكثر من 100 مدرعة ثقيلة هجومية مزودة برشاشات.

وقد بدأت كندا بتصدير المدرعات إلى السعودية عام 2017 وجرى إدخال بعض التعديلات على العقد. كما يتضمن العقد خدمة وصيانة المدرعات لمدة 15 عاما عبر إقامة أكثر من عشر ورش صيانة داخل السعودية.

المصدر
عربي 21
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى