المغرب العربي

أطفال يؤمّون المصلين في تراويح الجزائر

بقدر ما يتنافس المُصلّون في الجزائر على تنظيف المساجد وتهيئتها وتجميلها في شهر رمضان استعداداً لصلاة التراويح، بقدر ما تدور منافسة روحية أخرى بين المساجد للفوز بأحسن المقرئين الذين يستقطبون المصلين بكثافة خاصة في صلاة التراويح، لكن بعضها وجدت في مقرئين صغار لم يتجاوزوا سن المراهقة مرادها.

عبد الرحمن فارح البالغ من العمر(11 سنة)، واحد من الأطفال الذين يُؤمّون المصلين في صلاة التراويح بعدد من المساجد. قبل أيام أمَّ المصلين في مسجد مدينة الكاليتوس في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية، كما أمَّهم في مسجد بمدينة المدية ووهران غربي البلاد.

يحظى الطفل عبد الرحمن بحب وتقدير المصلين، لأنه يحفظ القرآن بطريقة صحيحة وبقواعد التجويد، ويعتبرون أن الصلاة وراء صبي في النافلة دون الفريضة، أمر مستحب ومحمود.

بدأت علاقة فارح بالقرآن الكريم في الثالثة من عمره، تأخر عن النطق لسنتين، إلا أنه أول ما نطق استطاع حفظ سورتي الكهف ومريم، ليواصل مساره ويصبح أشهر وأصغر حافظ للقرآن في الجزائر.

يتمتع الطفل بقدرة على التواصل وذكاء يفوق عمره، خاصة أنه أظهر تفوقه في الحفظ وموهبته في الخطابة، ونال عن ذلك تكريماً في المملكة السعودية، كما نال تكريماً خاصاً من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عام 2011.

ساعدت عائلة عبد الرحمن طفلها منذ أن اكتشفت موهبته في حفظ القرآن، وخصصت له شيخاً يلقنه قواعد التجويد، ويؤكد فارس مسدور وهو أستاذ جامعي وإمام متطوع في المسجد الذي يتلقى به عبد الرحمن دروسه في مدينة بوفاريك بولاية البليدة (50 كلم) جنوبي العاصمة الجزائرية، أنه “يحرص منذ سنوات على التكفل بعبد الرحمن ورعايته دينياً وتطوير مهاراته، وكله رغبة في أن يراه عالماً جليلاً من علماء الأمة الإسلامية، خاصة بعد أن تنصل بعض المسؤولين والهيئات الحكومية من رعايته، ككثير من أقرانه الذين تفوقوا في مجالات أخرى”.

ويأمل عبد الرحمن على غرار كثير من المقرئين المتفوقين في أن يجد اهتماماً أكبر من قبل السلطات الجزائرية، وأن لا يقتصر ذلك على التكريم والشهادات.

وعبد الرحمن ليس الطفل الجزائري الوحيد الذي يسعى إلى تطوير موهبته ليكون مستقبلاً إماماً تتوافر فيه كل الشروط المناسبة لهذه المسؤولية، ففي منطقة وهران غربي الجزائر يؤم الطفل سحنون عبد الودود البالغ من العمر (11 سنة) مئات المصلين في صلاة التراويح بمسجد الشيخ الأطرس السنوسي وهران، بعدما حفظ القرآن الكريم كاملاً في سن مبكرة.

يتكلف عبد الودود بإمامة المصلين الذين راقتهم قدرته على التحكم بأحكام التلاوة بصوت رخيم، بعد أن سمح له إمام المسجد بذلك، وقبلها كان قد شارك في مسابقة نظمتها قناة تلفزيونية محلية لحفظة القرآن بعنوان “مزامير داوود”، وكُرم في دار القرآن الكريم في مدينة غرداية، ومنذ بداية شهر رمضان تحول مسجد الشيخ السنوسي في وهران إلى محج للمئات من المصلين الذين يرغبون في الصلاة خلف الطفل.

تقديم هدايا وإكراميات للقراء الصغار (العربي الجديد)

ويقول مصطفى بن يوسف الذي يصلي خلفه، إن عبد الودود يملك مؤهلات وملكة ربانية، وإذا تمت رعايته فسيكون من أبرز المقرئين والأئمة في الجزائر.

ويحرص المشرفون على المساجد في الجزائر على تشجيع هذه النماذج الناجحة بين أكثر من مسجد واستدعائهم للصلاة بالمصلين في أكثر من منطقة، لتقديمهم إلى الأطفال والشباب وحثّهم على الاقتداء بهم وتكريمهم.

 تشجيع الأطفال على حفظ القرآن (العربي الجديد)

ويجمع المصلون في آخر يوم لصلاة التراويح، في الجزائر، والتي عادة ما تتزامن مع ليلة القدر، نصيباً من الأموال تمنح للمقرىء إكراماً له على أدائه صلاة التراويح بالناس، أو يتكفل محسنون ورجال أعمال بمنح المقرئين مبالغ مالية وهدايا، لكن هؤلاء المقرئين الصغار لا يرغبون سوى في مزيد من الاهتمام بهم وبمواهبهم الروحية وقدرتهم على الحفظ القرآني والأداء، وتطوير مهاراتهم بما يوصلهم إلى مكانة علمية رائدة في القراءة والتلاوة والتجويد.

الاهتمام بهذه المواهب ورعايتها (العربي الجديد)
المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى