يحفظ القرآن ويتحدث بالفصحى، “مسالم” أول روبوت يُصنع في السعودية

“تمت صناعتي في السعودية وطباعة جسمي بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأنا قادر على الحوار باللغتين العربية والإنكليزية”. هكذا يعرف “مسالم” عن نفسه، وهو نموذج لمشروع بحثي للدكتور فيصل سالم السرهيد من الجامعة السعودية الإلكترونية سمي بـ”مسالم” لربط اسمه باسم “مسلم” و”الإسلام”، إذ يحفظ العديد من سور القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية، ويجيد تفسير بعض المصطلحات الشعبية السعودية مثل “يا بعد حيي”، فضلاً عن امتلاكه لمجموعة من المعلومات العامة عن المملكة السعودية وبعض دول الخليج العربي إذ يعرف اسم أول وزير للذكاء الاصطناعي وهو الإماراتي عمر بن سلمان. يتميز الروبوت السعودي باستخدامه لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعلم، فكل محادثة جديدة يجريها تزيد من ثقته في إجاباته التي يقدمها، إذ يستخدم السرهيد تقنية التعلم الآلي في برمجة الروبوت الذي صنع بأيادٍ سعودية خالصة ومرّ بمراحل صناعية دقيقة للغاية.
فيصل.. والتحديات التي واجهته
فيصل السرهيد حاصل على درجة البكالوريوس والماجستير، ثم الدكتوراه في تخصص الروبوتات السحابية باستخدام الذكاء الاصطناعي من بريطانيا، ويعمل في تخصص الذكاء الاصطناعي وأستاذاً جامعياً في كلية الحوسبة المعلوماتية ومدير وحدة العلوم والتقنية في الجامعة السعودية الإلكترونية. وحول صناعته للروبوت مسالم، يقول فيصل لـ”عربي بوست” إن التحدي بدأ قبل عامين ونصف العام عندما حاول أن يجعل الروبوت يفهم اللغة العربية، وبعد أشهر طويلة من الأبحاث وجد الحل بالتزامن مع انطلاقة مشروع “نيوم”، فقرر حينها أن يقدم حلّه عبر صناعته لروبوت يتحدّث اللغة العربية. “الطباعة ثلاثية الأبعاد” كانت الخيار الأفضل والأكثر مرونة لفيصل، نظراً للصعوبة البالغة التي واجهها في برمجة الروبوت الذي استغرقت صناعته سبعة أشهر، فضلاً عن صعوبة جعله يفهم اللغة العربية واللهجة العامية السعودية، بعد أن قدّمت له الجامعة السعودية الإلكترونية الدعم اللازم لتنفيذ مشروعه.
المرحلة الثانية
يجري العمل حالياً على تطوير الروبوت “مسالم” من جهتين رئيسيتين بحسب “السرهيد”، الأولى تركز على الشكل والحركة، والثانية فتركز على القدرات العقلية، فسيستمر برنامج التطوير مع إصدار نسخة جديدة من الروبوت كل 6 أشهر، حسبما يؤكد السرهيد الذي أشار إلى أن الكثير من الوظائف في المستقبل ستتحول إلى وظائف هندسية، فكما أصبح المزارع مهندساً زراعياً سيصبح المعلم مهندس تعليم. وبشكل عام، فإن أي وظيفة يعتمد أداؤها على التكرار ستحتلها الروبوتات وتسيطر عليها في المستقبل القريب، سواء كان التكرار حركياً أو معلوماتياً يعتمد على التزويد بمعلومة أو تكرار الحسابات، وستبقى المهام التي تحتاج للعواطف والمشاعر والتعبير للبشر.
بعد أن وصلت القمر.. الدول تتنافس بالروبوت
الرسالة الأهم التي وجهها فيصل للشباب العربي، أن اغتنموا الفرصة، فالآن لدينا فرصة ذهبية لأن نثبت أنفسنا ونقدم أفضل أعمالنا مع سهولة الصناعة التي وفّرتها الطباعة ثلاثية الأبعاد عبر إتاحة مجال كبير لصناعة المواد المختلفة التي يمكن طباعتها، فليس لدينا أي عذر من ناحية الميكنيكيا، لذا فاغتنموا الفرص لننهض معاً. ويضيف “عن صناعة الروبوت من ناحية الإلكترونيات والحركة، أصبح لدينا مايكو كنترول ومحكمات صغيرة والمعلومات عنها متوفرة بشكل كبير على الإنترنت من ناحية التصنيع والحساسات والمحركات وكل شيء أصبح سهلاً ومتنوعاً” أما من ناحية القدرة العربية فهذا يعود لنا، فيجب علينا أن نقف عن حل الترجمة التي لا تعتبر حل على الإطلاق لفهم اللغة العربية، فالعربية لغة غنية وكل منطقة لها طريقتها بالتعبير عن نفسها، لذلك لا بد من تعليم الروبوت اللغة كما نعلم البشر، فليس من المعقول أن نعلم شخصاً اللغة الإنكليزية ثم نطلب منه أن يتحدث العربية، هذا لن ينفع إطلاقاً ولا بد أن نعلمه فهم العربية من البداية. وأشار فيصل في نهاية حواره مع “عربي بوست”، إلى أن الدول كانت في السابق تتنافس في الوصول إلى القمر بالفضاء الخارجي، وقد وصلت بالفعل وأصبح ذلك أمراً بسيطاً في أيامنا هذه، أما الآن فقد بات الاهتمام والتنافس يجري في صناعة الروبوتات لأنها تجمع علوماً كثيرة مع بعضها البعض، هي علم الأحياء، وعلم الحركة، وعلم الحاسب الآلي، وعلم المكنيكا، وعلم الإلكترونيات وعلم الذكاء الاصطناعي. والنجاح في صناعة الروبوت المتطوّر يعطي دلالة على أن هذه الدولة أو تلك المنظمة تمكّنت من جمع العلماء في مختلف التخصصات ليخرجوا بشيء عظيم ويتمكّنوا من الوصول لشيء كان الجميع يعتقد أنه مستحيل أو صعب التطبيق.