فنونفيديو تريند

لماذا فشل الموسم الرابع من برنامج “ذا فويس”؟

هل انتهى موسم “ذا فويس” الرابع أم ما زالت المنافسات مستمرة؟ هل بدأت العروض المباشرة؟ من تبقى من المتسابقين؟ مَن المدرب الذي يسيطر فريقه على المنافسة؟ هل هناك لحظات مؤثرة أو غير اعتيادية؟ ما الأغنيات التي قام المتسابقون بغنائها؟

كلها أسئلة بلا جواب؛ لأنه -وللغرابة- فإن هذا الموسم من برنامج “ذا فويس” لا يتابعه الكثيرون ولا تنشغل به السوشيال ميديا وكأنه لم يبدأ من الأساس!

في هذا المقال، نحاول أن نفك شيفرة إعراض الجمهور عن برنامج، كان من أشهر برامج المسابقات في السنوات الأخيرة وأكثرها مُشاهَدةً.

لجنة التحكيم

المروِّج الرئيسي لبرامج مسابقات المواهب يتمثل في أعضاء لجنة التحكيم، التي تضمن للمُشاهد أكبر قدر من التسلية، بالطبع الفقرات التي يقدمها المشاركون ذات أهمية كبيرة، ولكن المشاهير هم الذين يحملون على عاتقهم -تقريباً- مهمة جذب المشاهدين؛ لذا فقد كانت لجنة التحكيم هذا الموسم محل انتقادات كثيرة ربما ساهمت في إعراض المشاهدين.

فالمطربة “أحلام”، التي تسبقها سمعتها في اختلاق الأزمات في البرامج وغيرها، جعلت المشاهد متحفزاً ضدها، فأي لفتة تصدر منها حتى لو كانت عفوية تجعل المشاهد ينفر، هي أيضاً لم تدخر جهداً في استنفار ضيق المتحفزين لها، فكانت كلما نجحت في استقطاب مشترك لفريقها تنفض تراباً وهمياً عن كتفها وتهتف “مقهورييييييين من الملكة”، هذا مع الأخذ في الاعتبار أنها بالفعل كانت لطيفة ولم تخطئ أو تستعدِ أحداً؛ بل كانت متعاطفة تماماً مع المشاركين، ولكن المتحفزين لها لم يلتفتوا سوى إلى هتافها المستفز، وملابسها الغريبة ونظارتها غير ذات العدسات المرصعة بالألماس، ومكياجها غير المفهوم، الذي جعلها ترسم أشكالاً هندسية على جبهتها وذقنها وكأنه وشم بدوي!

أيضاً اللبنانية “إليسا”، بسلوكها المفرط في التدلل، كانت محل انتقاد، فكانت في مرحلة “الصوت وبس” تتكلم بطريقة غريبة مكتومة وتغري المشاركين للحاق بفريقها بطرق غريبة؛ فتارة تقول للمشترك “هدلعك”، وأخرى ترسم على وجهها علامات البكاء، هذا الدلال الزائد لم يكن محل قبول من المشاهدين.

أما حماقي، فكان أكثرهم حرفية وأكاديمية وقبولاً لدى المشاهدين جنباً إلى جنب مع عاصي الحلاني، ولكن ربما الجدية التي كان يتعامل بها مع المشتركين إلى جانب إمساكه بالورقة والقلم دائماً لم يكونا مفيدين جداً ولا يتماشيان مع طابع التسلية العام الذي يتميز به البرنامج.

ربما لأن هذه هي أولى تجارب “حماقي” في برامج مسابقات المواهب. لم يتخلَّ تماماً عن شخصيته الحقيقية ليقدم “أداء” يجذب المشاهد، فالأمر يستلزم بعض التمثيل، الذي لم يجده، خاصة عندما كان مطلوباً منه أن يتفاعل مع المشتركين مقدماً “فقرات” رومانسية، كأن يجري للمسرح ليخطب وُدَّ المشتركة، في هذه اللحظات ظهرت جدية “محمد حماقي”وعدم قدرته على مجاراة هذا الجو الصاخب الصناعي.

كل هذا جعل المشاهدين يقارنون تلقائياً بين لجنة التحكيم هذا الموسم ولجان تحكيم المواسم السابقة، التي كانت تتكون من “شيرين عبد الوهاب وصابر الرباعي وكاظم الساهر مع عاصي الحلاني”.

فرغم أن “كاظم الساهر” معروف بتعمُّقه في حِرفية الغناء، وأنه يحمل ميلاً أكاديمياً في الحكم على المشتركين، فإن أكاديميته تلك لم تكن محل انتقاد، ربما للشعبية غير المقارَنة التي يتمتع بها كاظم الساهر، وربما لأنه كان يغلف تلك الأكاديمية بلطف ورومانسية حقيقية لا اصطناع فيها، ورقي تلقائي في التعامل مع المشتركين يخفف حدة حكمه على مواهب المشاركين كثيراً.

أيضاً، “شيرين عبد الوهاب” ورغم مواقفها المتكررة في افتعال الأزمات كالمرة التي ضغطت فيها الزر بكعب حذائها أو حديثها عن تقبيل المشاركين الرجال، فإن تصرفاتها تلك كانت عاملاً في جذب المشاهد أكثر، ربما لخفة دمها أو لأن كل تصرفاتها تلك كانت مغلفة بعفوية وسذاجة تحبب المشاهد فيها ولا تنفره منها.

محاولات إنعاش

ينتظر المشاهد أحداثاً غير متوقعة ولفتات مفاجئة في البرامج التي تعتمد على التواصل المباشر بين مشاهير ومشتركين من الجمهور العادي، وقد اعتدنا تعبير المشترك عن إعجابه الشديد بالفنان أو رغبته في أن يلتقط معه صورة أو أن يقوم الفنان بالتعبير عن تقديره للمشترك أو تبادل المزاح.

كل هذا عادي ومقبول؛ بل مستحب لإضفاء جو الحميمية على البرنامج. أما ما حدث في هذا الموسم، فقد كان مبالغة في إظهار الرقة، مما أفسد الأمر تماماً، فلم يُحسب على أنه تواصل جيد مع المشتركين؛ بل إنه ظهر كمحاولات يائسة لتخليق الرومانسية واللطف، في جو مصطنع غير حقيقي لم يجذب المشاهدين.

بدأ الأمر بوعود طريفة، يحاول النجوم بها استقطاب المواهب للاشتراك في فرقهم، كأن يعرض “عاصي الحلاني” على إحدى المشتركات أن يتفرغ لها تماماً، وكأن يعِد “حماقي” إحدى المشاركات بأن يغني معها دويتو، مما كان له وقع لطيف على المشاركين.

ثم بدأ الأمر يزداد اصطناعاً عندما يركع “حماقي” على ركبة ونصف ليقدم لإحدى المشاركات علبة تحوي دبوساً بدلاً من خاتم الزواج لتشترك في فريقه،

أو أن تهدي إليسا قلباً أحمر لأحد المشاركين  وتظل تكرر أنها وهبته قلبها كي يكون في فريقها، ثم وصل الأمر لذروته عندما دخل للمسرح من يضعون منضدة عليها أطباق وشموع؛ كي تدعو “إليسا” أحد المشاركين للعشاء .

 

 

تلك التصرفات لم تزد البرنامج رومانسية ولم تعطه طابعاً ظريفاً أو خفيف الدم، جُل ما حدث أنه قوبل باستغراب واستنكار وبعض السخرية من المشاهدين، فقد أفسد القائمون على البرنامج تلك اللفتات لصالح البروباغندا، في محاولة لاستقطاب المشاهدين وإنعاش البرنامج، فانقلب الأمر للنقيض وظهرت كمحاولات يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومحاولة خلق جو مرح بين المشاركين، لم ينجح في خداع المشاهد.

المواهب نفسها

بالنسبة للمواهب نفسها، فلم تكن أفضل شيء ممكن ولم تقترب إحداها من الإبهار، وحتى المواهب التي قدمت أداء جيداً في البداية خطف الجمهور وسيطر على المسرح، فشلت في أن تحافظ على هذا الأداء، كالمشتركة المصرية رنا عتيق التي كان كان ظهورها الأول بأداء أغنية “حبيبي يسعد أوقاته” استثناء رائعاً لم يتكرر في الحلقات التالية ، فربما كان هذا الوهج خاصاً بأم كلثوم وأغنيتها فقط.

لم نر موهبة في هذا الموسم يحفظ الجمهور اسمها ويتسمع أخبارها ويتابعها، كل المواهب جيدة ولكنها ليست مبهرة، هذا ربما لا يرجع للمواهب نفسها بقدر ما يرجع للجمهور، الذي ما عادت تلك البرامج تجتذبه كثيراً، ربما اكتفى الجمهور من أجواء المسابقات الفنية والتصويت للأفضل والجلوس أمام الشاشات لمتابعة المتسابق المفضل.

هذه الفئة من البرامج تجتذب الشباب الصغير بشكل أساسي، هذا الجيل الذي كان متحمساً منذ عدة سنوات للمتابَعات والتصويت وملاحقة أخبار المتسابقين- كبر قليلاً الآن، وأصبحت تجتذبه أشياء أكثر أهمية أو أكثر فنية من مجرد مسابقات، والطبيعي أن يفسح المجال للجيل الأصغر منه ليتابع الآن، ولكن هذا الجيل الأصغر الذي كان من المفروض أن يكون مهووساً بالمتابعة، أصبحت حياته أكثر صخباً وسرعة من أن يجلس أمام الشاشة ممسكاً بهاتفه ليصوِّت لأحد المواهب.

ثم التعلق بشاشات التلفزيون بحد ذاته أصبح موضة قديمة، فالعالم موجود على الإنترنت لمن يريد، أما التقيد بمواعيد عرض وفواصل إعلانية لم يعد منطقياً ولا يعبأ به أحد؛ ولذلك فقد تراجَع الجمهور عن تلك البرامج وغيرها وأعرض عن مشاهدتها.

لكل ذلك وأكثر، ربما حان الوقت لشبكات التلفزيون الكبيرة وشركات الإعلان وصناعة التسلية أن تعيد النظر في إنتاج هذه البرامج، فالملايين التي تُنفق على مسرح وإعدادات وديكورات وأجور فنانين، هذا غير الفنادق التي تقام بها تجارب الأداء، كل هذا يضيع في نسب مشاهدة ضئيلة، خاصة مع برنامج مثل “ذا فويس”؛ لكونه يُعرض على شبكة “إم بي سي”، التي لا تتيح محتواها كاملاً على اليوتيوب.

في النهاية، لم يُجب أحد على تساؤلاتنا: هل انتهى عرض البرنامج؟ ومن فاز بلقب “ذا فويس أحلى صوت”؟

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى