قطر

عودة الحوار بين قطر والسعودية ضرورية في أقرب وقت

يولي الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون اهتماما خاصا لحل الأزمة الخليجية لتحريك الموقف والمشاركة الجادة في شبكة الوساطة الدولية للمساعدة في الخروج من الأزمة وإنهاء الحصار الظالم على قطر .. وقد عين لهذه المهمة المستشار الدبلوماسي بالحكومة والدبلوماسي المخضرم برتران بوزونسونو مبعوثًا خاصًا لفرنسا إلى منطقة الخليج العربي .. وبوزونسونو هو سفير سابق في قطر والسعودية؛ ولديه إلمام عميق بملفات الشرق الأوسط، فضلا عن تمتعه بعلاقات مع كبار المسؤولين في كلا البلدين قطر والسعودية. ..”الشرق” التقت المبعوث الفرنسي للأزمة الخليجية في باريس قبل جولة جديدة له في المنطقة وفيما يلي أبرز إفاداته في الحوار :

علاقات ثنائية ممتازة

 بداية كيف ترى العلاقات القطرية الفرنسية ؟

بكل صراحة العلاقات بين البلدين ممتازة للغاية ؛ ويمكن النظر إلى ذلك من خلال نجاح زيارة رئيس الجهورية الفرنسية الأخيرة إلى دولة قطر، وأيضا المشاريع المشتركة الكبيرة الموجودة على الأرض وفي الآفاق .. فرنسا وقطر تملكان رؤية سياسية ودبلوماسية شبه متطابقة في كثير من الملفات .. واليوم يمكننا التأكيد على أن العلاقات الثنائية الفرنسية القطرية كانت ومازالت وستظل صلبة للغاية ؛ فهي ترتكز على جذور تاريخية قديمة وعلى توافق الرؤى في عدة ميادين ، ولكونها تستند أيضا على تعاون ثنائي وثيق وقوي وبناء للبلدين، ليس فقط على المستوى السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي ولكن الثقافي والعلمي والتقني أيضا .. وهناك مسألة مهمة على المستوى الثقافي والخيار الذي تبنته قطر للدخول في عائلة الفرانكفونية وهو خيار سياسي وثقافي هام جدا .. وكل هذه العناصر تفسر أن العلاقات قوية مهما حصل .. لدينا مثلا مشاريع كبرى مثل المترو ومشاريع كأس العالم 2022 وتشارك المؤسسات الفرنسية في قطر الاستثمار في مجالات البنى التحتية والطاقة والبيئة التكنولوجيات الحديثة. كما شهدت الفترة الأخيرة توقيع عقود بارزة بين البلدين تجاوزت قيمتها 16 مليار يورو في مجالات الدفاع والنقل والطائرات ومكافحة التلوّث، خصوصا إبّان زيارة الرئيس ماكرون إلى قطر. كما يمثّل التعاون في مجالي الأمن والدفاع بين قطر وفرنسا ، ركيزة التعاون الثنائي. وأثبت العقد الذي وُقّع في 2015 والذي يقضي بشراء 24 طائرة رافال ثم تحرير عقد خيار شراء 12 طائرة رافال إضافية في ديسمبر 2017، فضلًا عن العقد الهام الذي وقّعته قطر بشأن عربات مصفحة VBCI

وأؤكد لكم بأن العلاقات متينة جدا وتزداد عمقا والتحليلات القطرية للملفات الإقليمية والدولية قريبة جدا للتحليلات والرؤى الفرنسية .. وأستطيع القول إنه لدينا رغبة مشتركة من البلدين والقيادتين لتعزيز هذه الشراكة وتعميقها واستمراريتها .. ولدينا أيضا آفاق حقيقية للمستقبل مبنية على المصالح المشتركة.

قطر تزداد قوة

كيف ترى سياسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للخروج من الأزمة الخليجية ومد يده لقادة دول الحصار لإطلاق الحوار؟

– نلاحظ بأن سمو الأمير قام بالعديد من الإجراءات للحفاظ على وحدة الشعب والنأي به بعيدا عن مضار الحصار عبر تأمين الأمن الغذائي والاتجاه نحو التصنيع والاكتفاء الذاتي، وهو شيء ممتاز ويتفق مع رؤيته الحكيمة نحو آفاق 2030 لتوفير مصادر دخل بديلة عن الغاز والنفط في المستقبل .. وأرى أن قطر، رغم الحصار، تتقدم وتزدهر وتزداد قوة بالاعتماد على الذات وتنويع شراكات وأحلاف دولية كبرى .. أما على الصعيد السياسي فما هو واضح أن سمو الأمير كرر مراراً أمله في إعادة الحوار مع شركائه في مجلس التعاون، وعلى وجه الخصوص مع السعودية .. وقد اتخذ سموه عدة إجراءات مهمة لطمأنة شركائه الذين كان لديهم قلق حقيقي في خضم حربهم ضد الإرهاب ولاسيما حلفاؤه في فرنسا وأمريكا لمنع تمويل الجماعات المتطرفة فيما يخص الشفافية .

وهناك اجراءات ملموسة بقوة اتخذتها السلطات القطرية وذلك بتوقيع معاهدات واتفاقيات أمنية وشراكة استراتيجية مع امريكا، وأيضا مع فرنسا خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الدوحة ؛ وهي تعزز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، إذ وقّعنا مع قطر إعلان نوايا غاية في الأهمية وخريطة طريق مشتركة .. وعقدنا معا الحوار الثنائي الأوّل بين البلدين حول هذا الموضوع .. موقف قطر واضح للغاية وضوح الشمس .. قطر تحارب الإرهاب وتؤكد انفتاحها على الحوار وسعيها نحوه بقوة .. ونحن نرى ان الحوار هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة التي تضر الجميع ولمسنا رغبة الدوحة القوية في الخروج من هذه الحالة الراهنة، ولهذا فرنسا تدعم الوساطة الكويتية وتدعم الرغبة القطرية وسياستها .. والاحظ بأن هذه المعطيات أدت إلى بوادر تهدئة في المنطقة عما كانت عليها في بداية الأزمة.. ويمكن الاشارة هنا إلى قمة مجلس التعاون في الكويت وحدوث لقاء بين ممثلي مجالس الشورى للدول الست، كما شاركت منتخبات المنطقة في مباريات كرة القدم .. وكل هذه لفتات صغيرة ولكنها تعني لنا الكثير وعلى وجه الخصوص بأن مجلس التعاون الخليجي يستمر في العمل وهو الأهم عندنا.

بصراحة كيف ترى الإدارة الفرنسية الحصار على قطر؟

نحن مقتنعون بقوة في فرنسا بأن استمرار الازمة فيه خطورة على الجميع كما أنه مضر لصورة الخليج الجماعية؛ إذ أن هذه الأزمة تعرقل التعاون الامني والسياسي والتجاري وحتى عودة الاستثمارات الدولية إلى المنطقة .. وفرنسا تعلم بمضار الحصار على شعب قطر والشعوب في المنطقة .. وقد رأيتم كيف عبر الرئيس ماكرون عن بالغ قلقه من نتائج الحصار السلبية على الصعيد الانساني وطالب دول الحصار برفعه على الفور .. ولهذا نعمل على الخروج من هذا الوضع .. ونعلم تماماً ان ذلك ربما يأخذ وقتا، ويمر بعدة مراحل، ولكن نلاحظ بكل اهتمام ومصلحة أن حلفاءنا الامريكان معنا ويهمهم حلها أيضاً وهو ما سيسرع من انهائها ولهذا نلعب دورنا جميعا ونامل في حصد ثمار الجهود الدولية وعلى رأسها جهود سمو أمير الكويت.. ونحن نلمس اشارات تهدئة ورغبة أكيدة لإنهاء الحصار.. وهناك اشارات إيجابية سبق ذكرتها وهناك ارادة الكويت وارادتنا وارادة الامريكان للخروج من الحصار وانهاء الازمة فنحن نعيش عصر التكتلات الدولية الكبرى ويتحتم علينا ان نتعاون كأوروبا مع مجلس التعاون لنجدد تحديد الاولويات وتكوين شراكة قوية لمواجهة التحديات.

اختارك رئيس فرنسا لدعم جهود وساطة دولة الكويت وقد التقيت بسمو الأمير وقادة دول الحصار جميعهم كيف ترى أفق الحل؟

نعم انا ذهبت إلى المنطقة وتشرفت بمقابلة جميع الأشقاء زعماء الدول المعنية .. وعندي اتصالات مع الجميع وتحدثت مطولا مع القادة خلال الجولة .. وكذلك ما زلت على تواصل معهم عبر قنوات الاتصال القائمة وعبر ادواتنا الدبلوماسية في المنطقة .. وخلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للكويت ومشاركته في الاجتماع الوزاري للتحالف لمحاربة تنظيم داعش، كانت الأزمة الخليجية على رأس أولوياته .. ونحن سعداء لكوننا أصدقاء الجميع ونملك مع دول المنطقة أفضل الشراكات الاستراتيجية والعلاقات التاريخية وهو ما يدعم موقفنا ويكسبه مزيدا من المصداقية والفعالية.

 هل أنت متفائل؟

أنا متفائل بطبعي وبما ألمسه على الساحة الدولية والإقليمية فالوضع صعب ومعقد ولكن ليس مستحيلا فالدول العربية يجمعها نفس المصير والتاريخ وتواجه تفس التهديدات والمخاطر ومن مصلحة كل الدول العربية والخليجية أن تعود علاقاتها الطبيعية مع دولة قطر .. و من مصلحة الجميع ان تحل هذه الازمة ولا توجد رغبة لدولة في المنطقة في استمرار الحصار .. نحن واقعيون فالأمور زادت عن حدها وذهبت ابعد مما خطط لها، لابد من العودة مباشرة إلى الحوار اعتقد ان هناك اهمية لعودة الحوار قريبا بين السعوديين والقطريين. وقد حصل من قبل اتصال بين سمو الأمير وولي عهد السعودية بتشجيع من الرئيس ترامب.. ولا اريد الدخول في التفاصيل لكن حصلت مشاحنة بروتوكولية فلم يستمر هذا الحوار الذي بدأ.

متى تنوي الذهاب إلى المنطقة؟

أنا في انتظار حصيلة جولة واتصالات وزير خارجيتنا مع نظرائه في المنطقة خلال زيارته للكويت .. وسأجتمع مع السيد رئيس الجمهورية لتحديد طبيعة مهمتي التي كلفني بها.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى