قطر

حصار قطر سينتهي بشروط الدوحة

أكد عدد من الخبراء في العلاقات الدولية، أن الحصار المفروض على قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين سينتهي حتما بشروط قطر، وليس شروط الدول المحاصرة. وأوضح الخبراء أن مخرجات قمة كامب ديفيد المقبلة لن تخرج عن نتائج الحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي، حيث عمل هذا الحوار على تعميق وتوسعة العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

وفي هذا الإطار، قال الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية يوري بارمين في مقال نشر بصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، إن مخرجات الحوار الاستراتيجي بين الدولتين قد عكست تطورا كبيرا في العلاقات على كافة المناحي، لا سيما بعد وجود نوايا توسيع القاعدة العسكرية واستضافة قوات بحرية أمريكية في قطر، ومن هذا المنطلق، فإن تصعيد الوضع في الأزمة الخليجية خلال الفترات المقبلة، غير مرجح لعدة أسباب منها تكثيف التواجد العسكري الأمريكي، المتمثل في قاعدة العديد التي تعد أهم قاعدة عسكرية فاعلة في مكافحة الإرهاب بالمنطقة.

اتهام ضعيف
وأوضح بارمين، أن اتهام دول الحصار لقطر بدعم الإرهاب لم يقنع واشنطن، حيث لا توجد أدلة واضحة ضد الدوحة في هذا الإطار، ولعل كل تلك الأسباب ما دفع واشنطن لتعميق العلاقات العسكرية مع قطر وتوريد أسلحة متطورة إليها.

كما نقلت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية عن المحلل السياسي البروفيسور غريغوري كوساتش، قوله إن تصريحات المسؤولين القطريين تبين أنهم لا ينوون أن يغيروا أيا من سياساتهم التي تطالب بها دول الحصار، وبالتالي فإن أي لقاء تفاوضي لابد أن سيراعي سيادة قطر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ما يعني هزيمة تلك الدول بشكل واضح. واستبعد كوساتش إمكانية إغلاق قناة “الجزيرة، أو إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر أو قطع العلاقات مع إيران، مرجحا أن توافق قطر على تقديم مرونة في بعض الملفات الأخرى بشرط ألا يمس ذلك بسيادتها، وهو أقصى حد ممكن لتراجع قطر، وبالتالي فلا مكان للحديث عن إجراء تغييرات خطيرة على السياسة القطرية.

لا نتائج حقيقية
وحسب الخبير الاقتصادي مصطفى السلماوي، فإن الحصار الاقتصادي لم يحقق نتائج، حيث لم تتأثر الدوحة أو ينهار اقتصادها، كما أن أي تشديد للجانب الاقتصادي من الحصار لن يفلح أيضا في المستقبل لأن هذا السيناريو لن يكون له تأثير فقط على قطر وحدها بل على دول الحصار أيضا، وأيضاً على الشركات العالمية العاملة في قطر أو باستثمارات قطرية دولية مشتركة ، وهو ما يعني أن الحصار الاقتصادي يمكن أن يظل إقليمياً دون غطاء دولي، وهذا واضح من الموقف الأمريكي مؤخراً، وهو ما يعني فشل تطبيق هذا السيناريو أيضاً.

وفي نفس السياق، أكد الباحثان نيتسان فيلدمان ويوئيل جوزينسكي في دراسة لهما، أن العقوبات على قطر أسفرت بشكل واضح عن تضرر شبكة التحالفات والعلاقات الخارجية للسعودية ولكافة دول الحصار وليس قطر، ومثال ذلك التوتر الذي طرأ على العلاقات السعودية الباكستانية في أعقاب إصرار إسلام آباد على تبني موقف محايد من الأزمة.

تطور كبير
ونوه الباحثان إلى أن الأزمة منحت الفرصة لقطر لتعزيز علاقاتها مع قوى دولية وإقليمية كبيرة، مثل تركيا، إذ لم يعد تعزيز العلاقة بين الجانبين ينحصر في تطور العلاقات الاقتصادية فقط، بل تمثل أيضًا في تعاظم مستوى التعاون العسكري، مشيرة إلى المناورات المشتركة التي تجريها القوات التركية والقطرية في الخليج، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات القطرية الإيرانية، متوقعة أن تترك التحولات التي رافقت الأزمة الخليجية آثارًا بعيدة المدى على خارطة التحالفات في المنطقة.

وشدد الباحثان في دراستهما على فشل العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية التي فرضت على الدوحة في إجبارها على الاستجابة للمطالب التي قدمتها لها الدول المقاطعة، موضحين أنه رغم العقوبات الاقتصادية على البلاد، فإن احتياطي قطر من العملة الصعبة لا يزال أكبر من ناتجها القومي، حتى بعد حسم الدين الحكومي. وبالتالي تأكيد القدرة على مواجهة العقوبات، وهو ما يعني قدرة تفاوضية أقوى حين الجلوس على طاولة المفاوضات.

تفعيل الشراكات
ويبعث الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة عدة رسائل، حسب مراقبين، منها تراجع الحصار وانحساره في ظل نمو دبلوماسية قطر واستقلاليتها، ففي يونيو الماضي، دعم الرئيس ترامب الحصار ودوله. وسارعت قطر، في المقابل، لتفعيل علاقاتها بشركائها الأوروبيين، وظهر دور فاعل لألمانيا ووزير خارجيتها، علاوة على الدور الفرنسي والبريطاني الداعمين لقطر. وبعد مرور ثمانية أشهر، تظهر بعض ثمار تفعيل قطر دبلوماسيتها في واشنطن نفسها.

ويؤكد المراقبون على أن قطر لن تتراجع عن مواقفها الأساسية التي تراها مشروعة، وعلى دول الحصار أن تغير سياساتها، بل طالبت قطر بما يمكن وصفه نظاما أمنيا جماعيا جديدا في المنطقة، يقوم على آليات للتعاون وفض النزاع، تضمن المساواة بين دول المنطقة، بغض النظر عن حجمها.

 الشرق
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى