ما قصة “المسلة” السعودية الموجودة في متحف اللوفر؟
يوليوس أويتنج وقصة المسلة
روى الرحالة الألماني والمستكشف يوليوس أويتنج (11 يوليو1839 – 2 يناير 1913)، في كتابه المعنون، بـ”رحلة داخل الجزيرة العربية”، والمترجم إلى اللغة العربية، قصة حجر أو صخرة أو مسلة تيماء الشهيرة، وملابسات اكتشافها بقصر مواطن هناك، ولماذا وصلت المسلة إلى #فرنسا، بينما كان هو الأحق بها، حسبما يذكر في كتابه المشار إليه، والذي دونَ فيه يومياته بالجزيرة العربية.
برفقة هوبر وزيدان صانع الأسلحة
قال أويتنج، إن رحلته للمنطقة، بدأت في سبتمبر عام 1883م، برفقة الرحالة الفرنسي تشارلز هوبر، وإنه حينما نزل في تيماء، وبعد أن ضيّفه فهد الطلق، بالتمر، واللبن، وتعرف على صانع أسلحة ماهر يسمى زيدان، ومر على قصر كبير مربع الشكل، فيه أبراج على الزوايا، فإنه ذهب إلى قصر “اسمح طليحان”، وهناك وجد أغلى كنز أو غنيمة في رحلته إلى الجزيرة العربية.
الحجر المقلوب وطليحان والقلم الآرامي
واستطرد أويتنج، بأنه رأى عند طليحان، إلى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي، حجر مقلوب نُحتَت عليه أشكال آدمية تمثل معبودا أو ملكا وكاهنا، وهذا الحجر (حجر تيماء)، “وحينما رأيت نقشا مكتوبا عليه، مرسوما بالقلم الأرامي، فلم أستطع إخفاء مشاعر الدهشة لدي، وقمت بنسخه على الورق، ثم أعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود، وأمرت زيدان، بأن يحضره لي في صباح الغد الباكر، وذهبت مسرعاً وأنا متعب مضطرب إلى البيت، كي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد، وأن أهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في أنه مكتوب بالقلم الأرامي يعود للقرن السادس قبل الميلاد”.
الملك والكاهن والمعابد و7 حمالين
وأضاف في كتابه، أنه حين عاد من جولته بالمدينة، في اليوم التالي، وجد سبعة رجال يقفون في فناء منزله، وقد أحضروا الحجر (مسلة تيماء)، من قصر طليحان، فقام بإعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطى المالك (طليحان)، 1.5 مجيدي، حوالي خمس ماركات وبعد وضع الحجر، وذهاب الرجال. وأصبح في وسعه فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه “هوبر”، تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى عام 1880م، ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية.
حجر تيماء
ولا زلنا نقرأ رواية أويتنج، من كتابه (رحلة داخل الجزيرة العربية)، حيث أشار، إلى أن نقوش المسلة، بعد أن فكك هو رموزها ومعانيها لاحقا، هي عبارة عن ثلاثة وعشرين سطرا، تتحدث عن موضوعين رئيسيين، أولهما، عن تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني صلم في تيماء، فيما الثاني، حول إلزام المعابد الأخرى بتقديم محصول التمر، لواحد وعشرين نخلة ضريبة لمعبد صلم.
الصخرة إلى فرنسا وأحقية ألمانيا
وذكر “أويتنج”، أنه كان الأحق بالمسلة بناء على اتفاق سابق مع هوبر، حينما كانا في ستراسبورغ (مدينة فرنسية على الحدود مع ألمانيا)، قبل بدء رحلتهما المشتركة إلى الجزيرة العربية، بأن يكون نصيبه، كل الآثار القديمة التي يعثران عليها، ويمكن حملها، بحيث تختار دولته “ألمانيا”، ما تشاء منها، إذ كانت تفتقر لمثل هذه الآثار، من النقوش المكتوبة على الحجر، فيما نصيب هوبر، هو كل الغنائم الأخرى، التي يحصلون عليها.
ووفقا لما سرده أويتنج، فقد كان نقل الحجر (مسلة تيماء)، مهمة صعبة، كون وزنها يبلغ 150 كيلوغراما، بما استلزم احتياطات خاصة لتوزيع الأحمال على الإبل.
ونجح الفرنسي “تشارلز هوبر”، في نقل الصخرة (مسلة تيماء) من موطنها (تيماء)، إلى “جدة”، حيث قُتل، هناك في يوليو عام 1884م، ليتولى بعدها القنصل الفرنسي، نقل المسلة إلى فرنسا على جناح السرعة، مع باقي مقتنيات هوبر.
أرنوف والبعثة الألمانية في تيماء
هذا ويجري حالياً فريق سعودي – ألماني مشترك، أعمال تنقيب أثري، في تيماء، وقد زارت كاميرا “العربية.نت”، الموقع، والتقت العديد من أعضاء الفريق، وبينهم الدكتور “أرنوف”، رئيس الفريق الألماني المتواجد في تيماء على مدى 14 عاما.
وعبر “أرنوف” عن عشقه لمدينة #تيماء التاريخية، التي يعتقد أن عمرها يرجع إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام.