المغرب العربي

محاكمة أربعة صحافيين في المغرب وسط جدل بشأن الحريات في البلاد

بدأ القضاء المغربي الأسبوع الماضي النظر في دعوى قضائية ضد أربعة صحافيين قد تنتهي بهم إلى السجن أو الغرامة، رغم أن المحكمة لم تأمر بايقاف أي منهم كما لم يتعرض أي منهم للاعتقال، فيما رفض زملاؤهم من الصحافيين مثولهم أمام القضاء لبحث معاقبتهم على معلومات وأخبار وتقارير نشروها عبر وسائل الإعلام المحلية.
وفي التفاصيل التي جمعتها «القدس العربي» من المصادر المغربية فقد مثل الصحافيون الأربعة، وهم: عبد الحق بلشكر، وعبد الإله سخير، ومحمد أحداد، وكوثر زكي أمام المحكمة يوم الخميس الماضي للنظر في الدعوى المقامة ضدهم بتهمة «نشر معلومات» وتقارير حول أعمال لجنة تقصي حقائق برلمانية بشأن صندوق التقاعد الشهر الماضي.
وبينما كان الصحافيون يمثلون أمام القاضي للنظر في التهمة المنسوبة لهم، كان العشرات من زملائهم الصحافيين والحقوقيين يشاركون في وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية في الرباط، رافضين المحاكمة ومحاولة عقاب الصحافيين على أداء واجبهم المهني والوظيفي.
ورفضت النقابة الوطنية للصحافة في المغرب إحالة الصحافيين للمحاكمة وأكدت أنهم قاموا بـ»واجبهم في الإخبار بمعلومات صحيحة ودقيقة».
ويعمل الصحافيون في أكثر من صحيفة ومواقع إلكترونية غير حكومية، نشرت تلك التقارير.
ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية التي جاءت بدعوة من النقابة الوطنية للصحافة المغربية شعارات تندد بالمحاكمة و»التضييق» على الصحافة، مطالبين بـ»الوقف الفوري» لمحاكمة هؤلاء الصحافيين و»ضمان حرية التعبير ونشر الأخبار» رافعين لافتات كتب عليها «لا لمتابعة الصحافيين ولا لكسر الأقلام الحرة».
ونشر الصحافيون أخباراً حول لجنة تقصي الحقائق في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) التي تشكلت للتدقيق في صندوق التقاعد في البلاد، وجاءت المحاكمة إثر شكوى تقدم بها ضدهم حكيم بن شماس رئيس مجلس المستشارين.
ورفضت النقابة الوطنية للصحافة في بيان لها إحالة الصحافيين للمحاكمة، وقالت إن الصحافيين قاموا بـ»واجبهم في الإخبار بمعلومات صحيحة ودقيقة». وصادق مجلس النواب المغربي في تموز/يوليو 2016 بالأغلبية على مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد، وبينها رفع سن التقاعد من 60 عاماً إلى 63 فيما جاءت مصادقة مجلس النواب على مشاريع القوانين على الرغم من رفض بعض النقابات في البلاد هذه الإصلاحات حيث سبق أن نظمت العديد من الاحتجاجات. وتأتي إحالة الصحافيين الاربعة في المغرب إلى القضاء بالتزامن مع الجدل الذي تشهده البلاد منذ مصادقة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) بداية الشهر الجاري على مشروع قانون ينظم الحق في الحصول على المعلومة، وهو القانون الذي يؤثر في أعمال الصحافيين.
ويهدف مشروع القانون الذي طرحته الحكومة للنقاش قبل سنة ونصف إلى تطبيق مواد الدستور المتعلقة بحماية الحريات وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، لاسيما المتعلقة بالمؤسسات الحكومية.
ومن المنتظر أن يناقش مشروع القانون في جلسة لاحقة بمجلس النواب، وسط حالة من الجدل بين القبول والرفض للمشروع في أوساط الإعلاميين والمتخصصين في المغرب.
وتقول الحكومة إنها أعدت مشروع القانون سعيا منها إلى تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية وتقريب الخدمات من العملاء.
لكن الكثير من الباحثين والمختصين يبدون استياءهم من الاستثناءات التي وردت في المادة 19 من مشروع القانون، حيث لن يكون بوسع المواطن ولا الصحافي طلب معلومات تخص الدفاع الوطني أو أمن الدولة أو حياة الأفراد الخاصة أو المعلومات التي من شأنها الإضرار بعلاقات الدولة الخارجية أو التأثير على مجريات الأبحاث القضائية.
ويقول الباحث في شؤون الإعلام جمال محافظ إن مشروع القانون جديد في شكله لكنه قديم من حيث المضمون، ودعا إلى وضع آليات لحماية الصحافيين من المحاكمات عند نشرهم للأخبار وعدم التضييق عليهم خلال البحث والتحقيق في بعض القضايا السياسية والاقتصادية.
ويرى مراقبون أن الحكومة تأخرت في طرح هذا القانون ودعوها إلى التعجيل بالتصديق عليه مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات وتحفظات الصحافيين خاصة ما يتعلق بحق السبق في نشر الخبر دون تضييق أو تعتيم.

القدس العربي

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى