الكويت

«بين القاف والكاف»… عرض كويتي بمواصفات عالمية

هذا أقل ما يمكن كتابته عما شاهدته «الراي» مساء أول من أمس على خشبة مسرح عبدالحسين عبدالرضا في العمل الفني الثقافي «بين القاف والكاف» الذي جمع ما بين الأصالة والحداثة، وما بين موروث الأجداد وإبداع الشباب… نسيج غزله الأجداد ولوّنه الشباب، فتجلت هوية وطن وتعانق الفكر والفن مع جمال الكلمة وروعة النغم بأمسية ثقافية فنية ناجحة بامتياز نظمتها أكاديمية «لوياك» للفنون الأدائية «لابا» بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومنظمة «أتاكافا» الفرنسية ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي.
«بين القاف والكاف» عمل كتبه عبدالعزير المشاري إلى جانب مشاري حمد، الذي لحّن بدوره العمل، حيث تم تقديمه احتفالاً بمرور 15 عاماً على تأسيس «لوياك»، فجاء احتفاء برواد الثقافة والفن من خلال مسيرة الشعراء الكويتيين الذين اثروا الموروث الثقافي بالكلمة واللحن، فكانت ليلة أعادت ذكرى شعراء الكويت الأوائل في الفترة ما بين 1800 و1950، أي من القرن التاسع عشر منتهية بأفول منتصف القرن العشرين، محتفية بالمبدعين الذين مهدوا طريق الإبداع ورسموا معالم ثقافة دولة الكويت، حيث امتزجت المشاهد الدرامية وربطت بين الشعراء وقصائدهم بإخراج ولمسات المخرج عبدالناصر الزاير وعبدالعزيز المشاري، مؤدياً إياها في التمثيل باحترافية كل من علي ششتري، رازي الشطي، هادي الهادي، آمنة العبدالله وأحمد الفيلكاوي.
أما كورال التراث العربي، فقدم مجموعة من الأغاني كتبها الشعراء الرواد ولحنها عظماء الموسيقى من مختلف الأقطار العربية وقدمها كبار أمثال شادي الخليج وسناء الخراز وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وكارم محمود وماجدة الرومي وغيرهم العديد، حيث أعاد توزيعها مايسترو «لابا» الفنان يوسف بارا، وتغنى بها بكل احترافية وبانفراد وأداء مميز كل من الفنان الشاب عبدالعزيز المسباح، إلى جانب أصوات شبابية أخرى تبشر بمستقبل غنائي مزدهر وهم شيخة المعتوق، أحمد حافظ ورامي القصبي، وذلك تحت إشراف رئيسة قسم الموسيقى نسرين ناصر.
أما الموسيقى والأغاني فجاءت ضمن لوحة أدائية بديعة لفريق «لابا» الاستعراضي بقيادة رئيسة قسم الموسيقى تيني ماتيان ومصمم الرقص الفرنسي عبدالحفيظ زكنيني، الذي أضاف بعداً ثالثًا للعرض عبر لوحات راقصة ملونة قدمت اثنين وعشرين شاعراً بطرق متنوعة لكل منها مذاق خاص، وبألحان موسيقية فريدة للفنان مشارى حمد.
بداية تلك الأمسية كانت بظهور مراهق مهتم بالتكنولوجيا ومناقشة مواضيع مختلفة في صفحات التواصل الاجتماعي في مقابل أخته المهتمة بقراءة الكتب وثمة مشاجرات بينهما، أعقب ذلك مشهد درامي عن الشاعر عبدالله الفرج ثم أغنية «دارنا يا دار» من ألحان رياض السنباطي وغناء أم كلثوم، ثم شعر ليعقوب الغنيم وأغنية «هلي يا هلي»، تلاها شعر خالد سليمان، ثم تم تقديم لوحة استعرضية تبرز أهمية قراءة الكتب والحفاظ على الأصالة في عصر التكنولوجيا.
بعدها، وفي الجزء الثاني، تم عرض مشهد درامي لصقر الشبيب، أعقبه شعر يخص علي السبتي، ثم مشهد درامي لعبدالله الأنصاري ثم أغنية «كفي الملام» و«بسط النور»، أعقبها لوحة استعراضية بعنوان «Walk».
أما الجزء الثالث من الأمسية، فبدأ بمشهد تمثيلي لأحمد السقاف، ثم أغنية «يا ظالمي»، تلاها شعر عبدالله العتيبي، ثم أغنيتي «جزا البارحة» و«كلما بدت المحن»، ليتبعها تقديم مشهد جمع بين أحمد السقاف ومحمد المشاري وعبدالله السنان، ليكون ختام هذا الجزء لوحة استعراضية بعنوان «Library»، وصولاً إلى الجزء الرابع والأخير الذي انطلق بشعر خاص بالشاعر فاضل خلف ثم أعقبته أغنية «كن صديقي» من كلمات الشاعرة الدكتورة الشيخة سعاد الصباح، تلتها أغنية «ما تشائين فافعلي» من كلمات محمد الفايز وغناء كارم محمود، ثم مشهد درامي دارت أحداثه حول المراهق ذاته الذي أطلّ في البداية، مهملاً المحادثات الهاتفية وجالساً للاستمتاع بالقراءة وسط استغراب من أخته بسبب التغير الذي طرأ على شخصيته، خصوصاً أنه كان مولعاً بالتكنولوجيا التي كان لها النصيب الأكبر من اهتمامه وتستحوذ على كل تركيزه، والأكثر من ذلك ان هذا المراهق بدأ بنظم الشعر ايضاً، ثم كان مسك الختام مع النشيد الوطني الكويتي.
على هامش الحفل، عبّر المدير الفني لفريق «أتاكافا» الفرنسية ماليك بركي عن سعادته باستضافة «لوياك» لفرقته في الكويت، موضحاً بأنها ليست المرة الأولى كونه سبق وتعاون مع «لابا» فى أربعة أعمال فنية سابقة لاقت نجاحاً وتفاعلاً كبيرين من الجمهور عندما مزجوا الشرق بالغرب والحاضر بالماضي والأصالة بالحداثة في قوالب جديدة تتشابك فيها آليات فن التآلف المسرحي والسينوغرافيا والمؤثرات الصوتية والضوئية والتصميم الاستعراضي لإعطاء العمل تفرداً يجعله لوناً فنياً استثنائياً.
كما ذكر بأنها المرة الأولى التي يتم فيها استخدام «Ghost screen»، والتي صنعت في فرنسا وأحضرت خصيصاً لهذا العمل ليسهل استخدامها في عرض «البروجيكتور»، وبها ينقسم المسرح إلى قسمين، يظهر كل منها بوضوح أمام الجمهور في الوقت نفسه، بالإضافة إلى المؤثرات الضوئية ثلاثية الأبعاد من دون تأثير كل منها على الآخر ليظهر العمل متجانساً ومتكاملاً.

الراي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى