السعودية

المكلوم الذي فقد 6 أبناء وزوجته: هذه تفاصيل لحظات الموت

منذ سنوات وقرية أبو السلع في #جازان #السعودية تنتظر حلاً لحوادث الطرق التي تتم على الطريق الرابط بين محافظتي هروب وصبيا. هذه القرية لم تعرف أنها على موعد مع قصة مؤلمة وأن هناك المزيد من الضحايا وقصص الدماء المسفوحة على هذا الرصيف.

استيقظت القرية على فاجعة مصرع ستة أبناء وأمهم نتيجة حادث تصادم مع “قلاب” على ذلك الطريق الذي نجا منه حارس مدرسة تحفيظ القرآن بصبيا سامي النعمي وحيدا دونما زوجته وأطفاله الذين قضوا نحبهم في هذا الحادث.

تفاصيل مرعبة

أصيب الحارس بكسور في الترقوة ولم يصدق حينها أنه خرج وحيدا من هذا الحادث ومن هول الصدمة لم يستوعب كيف يمكن أن يرثي الغائبين الذين خطفهم الموت في لحظة بينما كان يحاول إسعادهم وتحقيق أمنيتهم للذهاب في نزهة إلى هروب وقبل أن يقلب سامي النعمي كفيه وهي خاوية الوفاض عاد ليستذكر في حديثه مع “العربية.نت” اللحظات الأخيرة التي جمعت الأسرة بكاملها على عشاء أخير تجمع فيه مع أفراد أسرته في بيته الذي يعيل فيه أربع أسر وتركه لابنه مريع عند إخوانه غير الأشقاء في المنزل واصطحابه لـ6 من أفراد أسرته وزوجته الثانية في نزهة إلى مركز هروب.

وبادر قائلا “لقد أوشكنا على الوصول وكان الصغار في سعادة غامرة وكنت أحملهم في سيارتي التي أعمل عليها لأكمل ما نقص من معاش الأسرة.. وعندما فوجئنا بالقلاب يقترب منا وكان الصياح يملأ السيارة والكل يناديني (أبويا.. انتبه).. ولم أستيقظ من الصدمة إلا في المستشفى لأجد كل شيء قد انتهى ولأعرف أنني الوحيد الذي نجوت من السيارة وهذه إرادة الله”.

واستطرد قائلا “رغم صعوبة الحياة إلا أننا كنا عائلة متكاثفة ونعيش عيشة هنية بفضل طيبة قلوبنا وحرصنا على بعضنا على الرغم من ضيق الحال.. وهذا الذي جعلنا نعيش في بيت صغير كأسرة واحدة وعلى الرغم من احتراق جزء من البيت لأسباب تتعلق بتماس كهربائي إلا أننا أكملنا حياتنا في الجزء الباقي منه وحاولنا أن نساير الحياة بما تيسر من رضا وقناعة”.

أخوه أيضا قضى بحادث

وتابع “إننا عائلة منكوبة بالحوادث المتكررة التي جعلتنا نتلاحم أكثر وأكثر فمنذ أن توفي شقيقي في حادث في عام 1413 وخوفا على أولاده الثلاثة (سامي وفاطمة وهند) تزوجت من زوجته وحافظت على أولاده في رعايتي وفي بيتي الذي أعيش فيه مع والدتي وقمت برعايتهم ورزقني الله من هذه الزوجة بمحمد ومريم وعائشة وبقيت زوجتي في هذا البيت ترعى أولادي وأمي وكنت متزوجا من زوجتي الثانية التي أعيش معها في سكن المدرسة التي أعمل حارسا ليليا لها ولي منها 7 من الأبناء والبنات توفوا جميعا ولم يبق منهم إلا مريع الذي رغب في تلك الليلة أن لا يذهب معنا في رحلة الموت وأن يبقى مع إخوانه وهذه إرادة الله”.

وأضاف “فقدت يحي وأسامة وريم وسارة وممدوح وهاجر في هذا الحادث.. ومنذ أن عرفت نفسي وأنا أعمل على مساعدة أسرتي على حياة كريمة وشاءت الأقدار في شهر شعبان الماضي أن تتوفى أختي وزوجها في حادث وتترك لي 3 من أبنائها تحت رعايتي دون أي معيل لهم غيري بعد الله وأحدهم كان معها في الحادث وأصيب بشلل ويبلغ من العمر 4 سنوات ونقوم أنا وزوجتي وأبنائي برعايتهم كما أنني وبعد وفاة والدي ووالدتي ووفاء لهما استقبلت في بيتي شقيقي الضرير وزوجته الضريرة ليقيموا معي في المنزل تحت عيني ورعايتي كل هذه المتاعب والمصاعب رضيت بها وقمت بالكد والسهر من أجل أبنائي إلى أن وصلت إلى هذه المحطة الموجعة التي جاءت في مقتل بالنسبة لي بفقداني لأغلى الناس ولا أعرف كيف يمكن أن أعود إلى المنزل ولا كيف يمكن أن لا تلاحقني ذكرياتهم وعزائي الوحيد أن يلهمني الله الصبر على مواجهة الحياة وتحمل حنين الذكريات فأنا إلى الآن لم أعد للبيت نظرا لبقائي في المستشفى وأخاف من العودة إلى بيتي وكيف يمكن أن أستجمع شجاعتي وأنا ألملم ما بقي من ذكرياتي مع الأسرة ولذلك فرحت بعطية#خادم_الحرمين بالمنزل لي ولأسرتي الكبيرة والذي أتمنى أن يعيشوا فيه براحة وأمان وخصوصا الأسر التي حملت همها طوال عمري ولا أظن أن ما حدث لي يمكن أن يمر بسهولة على أي إنسان فالذكريات موجعة وعزائي القرآن وذكر الله فقد ربيت أبنائي تربية صالحة وكانوا صالحين وقد لاحظت أن يحي كان يتمنى أن يكون قاضيا ويتعجل في الركض إلى المسجد عند سماع الأذان هو وأخوه أسامة.

وتابع قائلا “أحمد الله أنني حققت أمنية الأسرة عندما طلبوا الذهاب إلى مهرجان صبيا وفرحوا بالألعاب والنزهة وكانت هذه أهم ما طلبوه قبل وفاتهم”.

منحة خادم الحرمين

وأضاف “إنني أعيل 4 أسر في بيتي الصغير المتواضع ورضيت بأن أكون معيل هؤلاء جميعا وقد يكون خروجي من هذا الحادث لما يعلمه الله من المسؤوليات التي أقوم بها والأسر التي أرعاها بنفس راضية”.

وقال “لقد بشرني أمير منطقة #جازان بعطية خادم الحرمين الشريفين بمنحي منزل وسيارة.. وأدعو الله أن يمد في عمره بالصحة والعافية”.

وأضاف “خادم الحرمين الشريفين والدنا وهو رحيم بنا، ولا نستغرب منه رعاية لنا ولأمورنا، فكما تعوّدنا هو الواقف الأول على حاجاتنا نحن المواطنون، وحريص على شعبه ورحيم بهم، ووقفة خادم الحرمين الشريفين تعينني على ما أصبت به، وأسأل الله أن يحفظ لنا وطننا”.

واختتم حديثه قائلا “سأكمل حياتي متفانيا في خدمة من أرعاهم على الرغم من ظروفي النفسية والصحية وليس لي إلا باب الله يواسيني وأن يكتب لي حسن الخاتمة وهذه هي إرادة الله وأنا إنسان مؤمن بقضاء الله وقدره وسأظل قريبا من الله ليلهمني الصبر حتى يمر العمر وألاقيه راضيا وصابرا”.

الليلة الأخيرة

من جانبه، سرد سامي النعمي ابن شقيق العم سامي تفاصيل اللقاء الأخير في المنزل الذي جمع الأسرة بأكملها والتي كانت تعيش لحظات وداع دون أن تدري وقال “إننا أسرة واحدة يجمعنا الحب والوفاء والرضا ويأوينا هذا البيت المتواضع ولم نكن نتوقع أنها الليلة الأخيرة التي سنجتمع فيها حيث إن عمي الذي رباني وكأني أحد أبنائه قرر الذهاب في نزهة مع أولاده وترك مريع معنا وفوجئنا في اليوم التالي أن الرحلة انتهت بموت الأحباب الذين لم تفارقنا ذكرياتهم ولا لحظة وقد تكررت مثل هذه الحوادث 3 مرات في القرية وفي كل مرة وفيات ولكن في هذه المرة كانت القصة موجعة بوفاة أسرة بأكملها”.

وأضاف “نعيش الآن وبعد حريق المنزل في بيت مكون من غرفة وصالة ودورة مياه لعدد كبير من الأفراد ولم يتمكن والدي من ترميم المنزل وسمعنا عن دعم خادم الحرمين الشريفين والذي ندعو له بدوام الصحة والعافية ونصرة المظلومين وتابع قائلا على الرغم من ظروف عمي وراتبه المتواضع إلا أنه كان يرعانا جميعا ويقف معنا ويساندنا بكل ما يستطيع ويعمل على إعالة كل هذه الأسر في هذا البيت ويحاول أن يحقق لنا أهم أسباب الحياة الكريمة”.

تقرير إدارة المرور

وكانت قرية أبو السلع بمحافظة صبيا شمال جازان مساء قد شيعت جثامين العائلة المنكوبة التي قضى أفرادها في حادث مروري مأساوي وكان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا صورًا وصفوها بـ”المؤلمة”، للمواطن سامي النعمي وهو يودع أبناءه الستة وزوجته وأظهرت الصور بكاء المواطن على فراق عائلته.

بينما أعلنت وزارة النقل، أنه تبين من التقرير الأولي لإدارة المرور، أن الحادث نتج عن تفادي قائد الشاحنة لأخاديد، وتلف في الطبقة الإسفلتية، على المسار المتجه من مركز هروب إلى مركز الكدمي، ما أدى إلى انحرافه نحو المسار المعاكس أثناء سير المركبة الأخرى في مسارها الصحيح، حيث كان قائد المركبة يحاول تفادي الشاحنة التي عادت إلى مسارها بشكل جزئي، بينما مقطورة الشاحنة ما زالت في المسار المعاكس، والذي أدى إلى الاصطدام ووفاة مرافقي السيارة، وإصابة قائدي المركبتين.

وجاء في البيان أن نتائج التقرير الأولى أظهرت للوزارة تقصيرًا من قبل إدارة المنطقة في المتابعة الدقيقة لحالة الطريق، إضافة إلى عدم التزام مقاول الصيانة بإجراءات الصيانة حسب المواصفات والتوجيهات المتكررة، وعلى إثره اتخذ الوزير قرارًا بإعفاء مدير عام فرع الوزارة المكلّف في منطقة جازان، مع استمرار التحقيق ورفع تقرير مفصّل.

العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى