حان وقت الضغط على السعودية وحلفائها لإنهاء حصار قطر
نشرت صحيفة نيوز ماكس الأمريكية مقالا للكاتب كريستوفر نيكسون كوكس، الذي يعمل كخبير سياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو حفيد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، وعضو مجلس إدارة مؤسسة ريتشارد نيكسون. وعرض الكاتب تسلسل الأزمة الخليجية وحصار قطر منذ مطلع الصيف، مشيرا إلى أن أربع دول فرضت حصارا اقتصاديا وعسكريا على قطر، في محاولة منهم للنيل من سيادة قطر، وربما كنوع من الغيرة بسبب مواردها الطبيعية الوفيرة.
وأكد الكاتب أن إدارة الرئيس ترامب أرسلت إشارات متضاربة خلال الأزمة الخليجية، حيث كان هناك تحريض ضد الدوحة في بعض أركان الإدارة، في الوقت الذي تؤكد فيه على أن قطر شريك فاعل في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أنه بعد ستة أشهر، فإن الوقت قد حان لأن تقوم الولايات المتحدة بالضغط على السعودية وحلفائها من أجل إنهاء الحصار على قطر واستعادة الاستقرار داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال الكاتب الأمريكي إن ذلك من شأنه أن يحقق هدفا رئيسيا للسياسة الأمريكية، وأن يكون له فائدة في دعم قطر في الوقت الذي يزداد فيه الدعم القطري لأهداف السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، خاصة في مكافحة الإرهاب، مشددا على أن قطر تلعب دورا كبيرا كحليف مخلص للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأوضح الخبير السياسي أن قطر تقف مع الولايات المتحدة من خلال الدعم العسكري لخنق تمويل الإرهاب، ومحاربته في جذوره، علاوة على دعم القيم الديمقراطية مثل حرية التعبير وسيادة القانون والحرية الاقتصادية والحريات التعليمية، منوها إلى أن قطر أحد الشركاء للمعدات الدفاعية، حيث قامت بشراء 36 طائرة كجزء من صفقة دفاعية بقيمة 12 مليار دولار وقعت في يونيو. ويأتي هذا الطلب بعد عمليات شراء من منظومات دفاعية أمريكية في عامي 2014 و 2012، فضلا عن شراء طائرات نقل عسكرية من بوينج.
دعم الاقتصاد الأمريكي
وألمح نيكسون كوكس إلى أنه خلال العقد الماضي، فإن قطر ساهمت في تعزيز الوظائف بقطاع الاستثمارات في الصناعات الدفاعية الأمريكية، منوها إلى أن دعم قطر للجيش الأمريكي ليس حديثا، ففي عام 1996، عندما كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى قاعدة جديدة للقوات الجوية لدعم العمليات في منطقة الخليج، ردت قطر باستثمار أكثر من مليار دولار لبناء قاعدة جوية جديدة هناك، وهي أكبر قاعدة جوية أمريكية في العالم خارج الولايات المتحدة، حيث يخدم فيها الآف الأفراد من الجيش الأمريكي في إطار مكافحة الإرهاب بالمنطقة، خاصة سوريا والعراق وأفغانستان.
ونبه إلى أن الدوحة تدرك أن التدابير العسكرية وحدها ليست كافية لمكافحة الإرهاب، وأنه يجب وقف تمويل الإرهاب أيضا إلى جانب تلك الجهود، وهذا هو السبب في أن قطر كانت أول دولة تعمل مع إدارة الرئيس ترامب لتنفيذ مجموعة صارمة من القواعد لمكافحة تمويل الإرهاب، والتي بلغت ذروتها في مذكرة تفاهم تم التوقيع عليها في يوليو 2017. وحتى الآن، فإن قطر هي البلد الوحيد في المنطقة الذي وقع على مذكرة تفاهم بشأن مكافحة تمويل الإرهاب. وقد تم تعزيز ذلك من خلال اتفاق مع وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر الماضي، وأدى ذلك إلى زيادة كبيرة في تبادل المعلومات عن الممولين للإرهابيين.
دول الحصار تمول الإرهاب
وأكد الكاتب نيكسون كوكس أن قطر أنهت بذلك عقودا من الرقابة الخليجية المتراكمة، مشددا على أن بعض دول مجلس التعاون الأخرى قد مولت الإرهاب الذي ساهم بشكل مباشر في صعود تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وتابع بقوله: إنه يجب التشديد على دعم العمليات العسكرية ضد الإرهابيين، وفي هذا السياق ترى قطر أنه يجب وقف الإرهاب قبل أن يبدأ باستهداف السبب الجذري للإرهاب مثل الافتقار إلى الفرص والاضطهاد السياسي في الداخل. ولتحقيق ذلك، يجب أن تمنح حرية الفكر والتعبير مع الفرص الاقتصادية للجميع، وهو ما ترجمته الدوحة فعليا، حيث استثمرت مليارات الدولارات في مراكز التعليم العالي المتميزة في الغرب.
كما أن هناك 8 مؤسسات غربية هي الآن جزء من مدينة قطر التعليمية، وتتيح هذه المدارس والجامعات للقطريين وغيرهم من الشباب في المنطقة فرصة الحصول على تعليم غربي بنفس المعايير العالية التي يتمتع بها الطلاب. كما يستفيد الطلبة العرب في الدوحة من التكنولوجيا التي تسمح لهم بالمشاركة في الصفوف مع الطلبة في الولايات المتحدة، حيث تدمج هذه الفصول الدراسية الطلاب من قطر في المجتمع العالمي وتربطهم بالولايات المتحدة والقيم الغربية.
وقد أدى تعاون قطر الوثيق مع الولايات المتحدة إلى فرص اقتصادية متعددة للشركات الأمريكية، فقطر شريك وثيق في الشركات الأمريكية الكبرى مثل إكسون، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، دخلت إكسون وقطر في شراكة في مشروع مشترك كبير استثمر أكثر من 30 مليار دولار في حقول الغاز الطبيعي في قطر وأنتجا مشاريع الطاقة الأكثر ربحية في إكسون في العالم.
مهمة صعبة
وأضاف الكاتب الأمريكي أن قطر تواجه مهمة صعبة تتمثل في تحقيق التوازن بين دعم مصالحها من جانب والمصالح المتضاربة لجيرانها الأكبر حجما مثل السعودية وإيران من جانب آخر. ولكن قطر تضع مصالحها الاستراتيجية في المقام الأول.
وطالب الكاتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة الوقوف إلى جانب قطر في الأزمة، لأنها تستحق دعمه بسبب علاقاتها المتميزة والقوية مع الولايات المتحدة على كافة المستويات، حيث يتعين على الرئيس الضغط على دول الجوار لوضع حد للحصار المفروض على قطر وتركيز دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى على مكافحة الإرهاب والتطرف، بدلا من اختيار المعارك فيما بينها.