المغرب العربي

الجزائر: أحزاب معارضة تتخوف من تراجع سقف الحريات عقب حل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان

عربي تريند_ أثار قرار القضاء حلّ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ردود فعل واسعة داخل البلاد وخارجها، وصفت هذا الحكم بأنه تقويض لممارسة النشاط الجمعوي المستقل. وعبّرت عدة أحزاب، عن مخاوفها إثر ذلك، من تراجع سقف الحريات السياسية وإعادة تشكيل المجتمع المدني وفق مقاربة الولاء للسلطة.

بعد فترة من عدم التصديق، أكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، صحة الوثيقة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتضمن حكما قضائيا بحلها، وأكدت لها أنها ستدرس هذا الحكم وستدافع عن حقوقها باستخدام جميع الوسائل القانونية والشرعية المتاحة. واعتبرت الرابطة أنها مثل المنظمات والأحزاب السياسية الأخرى، تدفع ثمن التزامها، على غرار ملايين الجزائريين، في الحراك السلمي، بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

واستغرب البيان تعرض الرابطة للمساءلة فقط بسبب تعاونها في قضية حقوق الإنسان مع هيئات ومنظمات أخرى معترف بها دوليًا. وأشارت إلى أن بعض أعضائها متهمون فقط بأن لديهم آراء، ويتواصلون مع المواطنين، للدفاع عن حقوق المهاجرين وحقوق العمال أو حتى حق عائلات المهاجرين السريين في معرفة مصير أبنائهم.

وفي صفوف المعارضة، قوبل قرار الحل بالاستنكار، فقد وصف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بأن ما جرى عمل يحمل صفة الاستبداد. وأوضح الحزب في بيان له أن الأسباب الواردة في الوثيقة الرسمية لقرار الحل، وهي “العمل مع منظمات حقوق الإنسان الأخرى في العالم” وتبني الرابطة “الطابع العالمي وغير القابل للتجزئة لهذه الحقوق”، يوحي برغبة السلطة في تكميم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلد.

اعتبرت الرابطة أنها مثل المنظمات والأحزاب السياسية الأخرى، تدفع ثمن التزامها، على غرار ملايين الجزائريين، في الحراك السلمي، بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان

وأشار الحزب إلى أن هذا التوجه يتزامن مع النصوص القانونية الجديدة المقدمة إلى المجلس الشعبي الوطني، بشأن أنشطة النقابات والجمعيات وتجريم تمويل الأنشطة العامة المستقلة، وأكد أنه يدين مثل هذه الممارسات التي تريد استبعاد المجتمع المدني المستقل لتحل محلها الزبونية، محذرا من أن الجزائر دفعت الثمن مرارًا وتكرارًا لمثل هذه الأخطاء.

من جانبه، شجب حزب جبهة القوى الاشتراكية قرار حل الرابطة غير المبرر حسبه، داعيا السلطات إلى توخي الحذر من عواقب “تضييق مساحات الحرية” التي يكفلها الدستور وحرمان الجزائريين من المشاركة في الحياة السياسية للبلد.

وأبرز بيان أقدم حزب معارض في الجزائر، أنه “بدلًا من إدراك الحاجة إلى السماح لقنوات التعبير، يعمل المسؤولون في البلاد على إسكات أي صوت مخالف”، لافتا إلى اقتناعه بأن الاستقرار السياسي في البلاد يتطلب احترام الحريات السياسية والجمعوية والنقابية وحرية الإعلام”.

وأكدت جبهة القوى الاشتراكية أنها ستبقى تعارض جميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية تماما مثلما ستكون ضد أي محاولة لتوظيف ذلك في الحملات المعادية للجزائر التي تنفذها المنظمات الدولية الخاضعة للقوى الإمبريالية.

وحذر الحزب سلطات البلاد من “تقليص مساحات الحرية ومنع الجزائريين والجزائريات من ممارسة الحق الأساسي المتمثل في المشاركة في الحياة العامة”، مؤكدا أنه “على استعداد للعمل مع جميع القوى الوطنية لتطوير الإطار التشريعي من خلال طلب إلغاء الأحكام القضائية التي تتعارض مع القانون الأساسي للبلد الذي يضمن حرية التنظيم والتعبير السلمي”.

وعلى المستوى الدولي، عبّرت منظمة المادة 19 (تستمد تسميتها من المادة 19 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان) عن تفاجئها بالقرار القضائي للمحكمة الإدارية بحلّ الرابطة، معتبرة ذلك مسا بمبدأ المحاكمة العادلة والحق في التقاضي على درجتين بما أن آجال الاستئناف تم تجاوزها دون أن تتدارك الرابطة ذلك.

وأبرزت المنظمة الدولية أن الرابطة لها دور هام في المشهد الجمعياتي الجزائري خاصة مع رصيدها النضالي في الدفاع عن حقوق الإنسان منذ نشأتها في 1985. وأعربت عن استنكارها لما وصفته بالاعتداء الصارخ على حرية التجمع المضمونة في دستور 2020 وهذا الهجوم الممنهج في حل الجمعيات الجزائرية المدافعة عن حقوق الإنسان على غرار جمعية “راج” و ” أس. أو.أس” باب الواد، مطالبة السلطات الجزائرية بالتراجع عن “قراراتها التي تساهم في تقلص الفضاء المدني الجزائري بشكل عام والحركة الجمعوية بشكل خاص”.

وكان القضاء الإداري بالجزائر العاصمة، قد أصدر حكما يقضي بحلّ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق للإنسان، وهي جمعية تأسست منذ 32 سنة على يد الراحل علي يحيى عبد النور الذي يوصف بعميد الحقوقيين الجزائريين، وذلك بناء على شكوى لوزارة الداخلية تتهمها فيها بممارسة أنشطة تحريضية.

وفي المبررات التي ساقتها وزارة الداخلية، يذكر منطوق الحكم أن الرابطة الحقوقية قامت بعدة نشاطات وصفها بالمشبوهة، وقدمت تقارير مغلوطة لمنظمات دولية حول حرية تكوين الجمعيات في الجزائر، وذكر أنه مع بداية الحراك الشعبي سنة 2019 حاولت الرابطة تأطير معظم المسيرات مع إصدار بيانات تتهم السلطة بقمه المتظاهرين.

وأبرز الحكم أن الرابطة أصدرت أيضا بيانات تحريضية تتهم السلطة بقمع المسيرات مع تبني مواقف متشددة تعرقل مسار الإصلاحات للإخلال بالنظام العام والتحريض على القيام بحركات احتجاجية، ومنها نشر بيانات لتدويل ظاهرة الهجرة غير الشرعية ونشر الفتنة بين المالكية والإباضية بتبني فكرة الدفاع عن الأقلية الميزابية المضطهدة (أزمة ولاية غرداية سنة 2013)، ومحاولة تدويلها لدى مختلف الهيئات والمنظمات الدولية، ومحاولة التأثير على القضاء عبر تنظيم احتجاجات أمام المحاكم وهي وقائع تفيد صراحة بحياد هذه المنظمة عن أهدافها المسطرة في قانونها الأساسي، وفق القضاء الجزائري.

أبرز الحكم أن الرابطة أصدرت أيضا بيانات تحريضية تتهم السلطة بقمع المسيرات مع تبني مواقف متشددة تعرقل مسار الإصلاحات للإخلال بالنظام العام والتحريض على حركات احتجاجية

ولدى الرابطة التي تأسست في 26 تموز/جويلية 1989، تاريخ حافل في الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة في فترة مؤسسها علي يحيى عبد النور الذي عرف بكونه محامي جميع التيارات السياسية التي دافع عن حقها في النشاط من الإسلاميين لغاية الشيوعيين، وظل ثابتا على مواقفه الصارمة في انتقاد السلطة إلى أن وافته المنية نيسان/أبريل سنة 2021 عن عمر يناهز المائة سنة. لكن الرابطة منذ سنة 2007 عرفت الكثير من الانقسامات التي أثرت على أدائها وتنازعت عدة تيارات وأجنحة على الحديث باسمها.

وفي نفس سياق التعامل القضائي مع المنظمات الحقوقية والسياسية، أعلنت جمعية راج (تجمع أمل شباب) أن قضيتها على مستوى مجلس الدولة ستكون يوم الخميس 26 كانون الثاني/جانفي 2023 للنظر في الاستئناف الذي رفعته لقرار حلها الصادر عن المحكمة الإدارية الابتدائية.

وذكرت راج في بيان لها أنها تتمنى إقرار العدالة للجمعية ولحرية التعبير والتنظيم وتكوين الجمعيات وفقا للمبادئ المكرسة في الدستور الجزائري وفي المواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر. وأبرزت أت إقرار العدالة لجمعية راج يكرس الحفاظ على المكاسب الديمقراطية لانتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 1988 التي تم انتزاعها بعد نضال طويل لأجيال من المناضلين والمناضلات، أما العكس فسيكون حسبها محاولة إسكات وقمع كل الأصوات المعارضة والحق في التعبير الحر والمستقل في المجتمع من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني والإعلام.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى