فريق علمي كويتي يكتشف مخطوطات عربية نادرة في «الأرض المحرمة» باليونان
حقق فريق أكاديمي علمي من جامعة الكويت إنجازا علميا تاريخيا وبحثيا مهما باكتشاف مخطوطات عربية نادرة في أديرة (جبل آثوس المقدس) في اليونان أو ما يسمى (الأرض المحرمة).
ويعد هذا الاكتشاف سبقا علميا عربيا مهما واجهته (آثوس الجبل المقدس) وتحديدا المكتبات والأديرة التي تقبع على سفوحه وتحوي بين جنباتها عددا كبيرا من المخطوطات والرقاع والصحائف الإسلامية العربية النادرة التي لم تدخل ضمن نطاق التراث المعرفي الإسلامي حتى اليوم.
وتولت بعثة فريق كلية الآداب بجامعة الكويت البحث والتنقيب أياما متواصلة مستهدفة بقعة جغرافية ذات حساسية دينية وجغرافية خاصة في المنطقة الواقعة شمالي اليونان ويطلق عليها (الجبل المقدس) أو (حديقة أم الإله) التي لا يسمح بدخولها إلا للرجال فقط ومحرمة على النساء منذ قرون بعيدة.
وفضلا عن ذلك يتطلب دخول تلك المنطقة وزيارتها إجراءات خاصة تقتصر في معظمها على دعوات محددة من سلطة الجزيرة نفسها التي تحتضن الجبل والتي تشرف على كل برامج الزيارة بل وتستضيف في أديرتها وكنائسها الزوار طوال إقامتهم.
وتعتبر تلك المنطقة مكانا نسكيا خاصا بالكنائس الأرثوذكسية وتتبع روحيا سلطة بطريرك القسطنطينية وفي عام 1988 أدرج (جبل آثوس) ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
وقال أستاذ الحضارة الإسلامية في كلية الآداب بجامعة الكويت الدكتور عبدالهادي العجمي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت إن بعثة الكويت تعد أول بعثة عربية علمية متخصصة تزور تلك المنطقة وكانت الكلية والجامعة على تواصل وتنسيق دائمين مع السلطات اليونانية وسفارة أثينا لدى الكويت للاعداد لهذه الزيارة العلمية وبرنامجها.
وأضاف العجمي أن البعثة ورغم بعض الصعوبات الإدارية التي واجهتها خصوصا الحصول على تصاريح الدخول لكن ما يحويه جبل آثوس من أديرة وكنائس ومكتبات لم تستهدف من قبل الباحثين والمؤرخين العرب سابقا ولم تكشف خباياها حتى اليوم «كان يزيدنا إصرارا للوصول إلى أرض الجبل والبحث عن خباياه من مخطوطات ورقاع وصحائف تاريخية نادرة».
وأوضح «أننا من لحظة نزولنا أرض الجبل كنا حريصين على استغلال الأيام الممنوحة لنا حيث استهدفنا ومنذ الساعات الأولى أقدم المقرات والأديرة والأماكن التي تقع فيها المكتبات التاريخية بشكل يضمن للفريق الاطلاع على أهم أماكن المكتبات والأديرة».
وذكر أن كثيرا من المخطوطات العربية النادرة التي طالعتها البعثة رغم صعوبة تاريخها تعود إلى عصور إسلامية متقدمة وجرى نسخها وصناعتها خلال فترة ليست بقصيرة، مبينا أن موضوعات المخطوطات التي اطلع عليها الفريق تعالج موضوعات متنوعة ومظاهر حياتية واجتماعية وطبية ودينية مختلفة من التاريخ الإسلامي.
ولفت العجمي إلى أنه رغم وجود آلاف من المخطوطات العربية والإسلامية النادرة الموجودة في مكتبات ومتاحف أوروبا فإن فريق البعثة الكويتية كان على قناعة بأن الجزء الأكبر من المخطوطات والرقاع التاريخية النادرة لايزال موجود وبكرا بين ثنايا الأديرة والكنائس ورفوف المكتبات الصغيرة الموجودة في مثل تلك المناطق الجغرافية وهو ماكان فعلا.
وقال “وفقا لما اكتشفناه فإن المخطوطات تتناول بعض مجالات المعرفة العربية الإسلامية كالطب والفقه إضافة إلى مخطوطات أخرى عن المسيحية والكتاب المقدس (العهد القديم) لم يدخل الكثير منها سجلات المعرفة الإنسانية والتراثية بالنسبة للباحثين والمؤرخين ولم تدرج ضمن سجلات أو مكتبات الجامعات العربية أو أرشيفها المختلفة.
وذكر أن البعثة كانت حريصة على تغطية جزء موسع من أعمال البحث مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو حية مرفقة بشرح مبسط عن المخطوطة أو المؤلف المرصود لتكون مرجعا يفيد الباحثين فيما بعد إذا أرادوا القيام بزيارات مماثلة لهذه المنطقة أو غيرها.
وأشار إلى أن الفريق البحثي يعكف حاليا وبشكل موسع على دراسة بعض محتوى هذه المخطوطات وأرشفتها ونشرها ووضعها في متناول الباحثين والمؤرخين العرب لتسهيل الوصول إليها والبحث فيها.
وقال العجمي إن فريق البحث يأمل أن تضيف هذه المخطوطات (البكر) بعدا جديدا لمصادر التراث الإسلامي في ضوء توافر معطيات جديدة تتيحها ما احتفظت لنا به بين ثنايا سطورها وصفحاتها المكتوبة.
يذكر أن بعثة فريق كلية الآداب بجامعة الكويت ضمت كلا من أستاذ تاريخ الحضارة العربية الإسلامية الدكتور عبدالهادي العجمي وأستاذ التاريخ الإسلامي الدكتور محمد المرزوقي وأستاذ التاريخ اليوناني القديم الدكتور حسن بدوي.