المغرب العربي

المغرب: تعنيف الأساتذة يثير جدلا ومطالب بمساءلة 3 وزراء في البرلمان

أثار التدخل الأمني لفك الاعتصامات التي خاضها الأساتذة المتعاقدون يوم الثلاثاء المنصرم في العديد من أقاليم المغرب، جملة من ردود الفعل، فقد تصدر الحدث عناوين وسائل الإعلام ومضامين شبكات التواصل الاجتماعي ، لتصير قضية الأساتذة المتعاقدين في قلب النقاش العمومي، وما تطرحه من إشكاليات للحكومة من جهة ولفئة الأساتذة الذين يرفضون صيغة العقود المحددة في الزمن، ويطالبون بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية من جهة أخرى.

وسارع فريق حزب العدالة والتنمية في مجلس المستشارين، إلى طلب استدعاء ثلاثة وزراء لمساءلتهم حول أسباب “استعمال العنف في مواجهة احتجاج أساتذة الأكاديميات على نظام التعاقد ومطالبتهم بتوقيع ملاحق للعقدة”، وفق ما جاء في سؤال كتابي وجهه المستشار البرلماني علي العسري إلى كل من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان ومصطفى الرميد ووزير الداخلية ، عبد الوافي لفتيت ووزير التعليم سعيد أمزازي، ومما ورد في السؤال إن الجميع “فوجئ بالتدخل الأمني واستعمال القوة لفض احتجاجات الأساتذة المتعاقدين”.

وفيما دعا حزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الحكومة إلى الحوار مع الأساتذة المتعاقدين بدل اللجوء إلى العنف وتمكينهم من نفس الحقوق المخولة لفئات المدرسين بالوظيفة العمومية، دون أي تمييز، وفق بلاغ مكتبه السياسي، فإن أحزاب الأغلبية الحكومية أصدرت بلاغا عقب اجتماع هيئة رئاستها مساء أول أمس الأربعاء تؤكد فيه تشبتها بنظام التعاقد معتبرة أنه ينسجم مع “الاختيارالاستراتجي” الذي سارت عليه البلاد فيما يخص الجهوية المتقدمة وانطلاق ورش اللاتمركز الإداري ، معتبرة أن التمسك بهذا الخيار فيه مصلحة للمغرب “ديمقراطيا وتنمويا ويعزز العدالة الإجتماعية تفاعلا مع الخصاص الذي تعبر عنه كل جهة” و عبرت أحزاب الأغلبية أنه “بقدر تأكيد أحزاب الأغلبية على ضرورة صيانة حقوق التلاميذ بضمان استمرار العملية التعليمية، بقدر ما تثمن هذه الأحزاب استعداد الحكومة المعلن لتمتيع أطر الأكاديميات الجهوية بنفس الحقوق والضمانات المكفولة لموظفي الدولة والجماعات الترابية في إطار النظام الأساسي الخاص بهم”.

الوزارة الوصية على قطاع التعليم تفاعلت مع الحدث عبر بلاغ رسمي نشرته على صفحتها الرسمية تدافع فيه عن اختيار التعاقد في التوظيف قائلة: “تعلن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أن تبني هذا النمط من التوظيف من طرف الحكومة جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة من خلال استكمال اللامركزية و اللاتمركز في قطاع التربية الوطنية وملائمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية..” مضيفة في ذات البلاغ أنه خلال جميع مراحل عملية التوظيف هاته تم إخبار جميع الأطر التي تم توظيفها سواء عن طريق المذكرات المنظمة لهذه العملية أو عن طريق الإعلانات عن فتح باب الترشيحات لاجتياز المبارايات أو عند الإعلان عن النتائج النهائية، بجميع البنود المتضمنة في العقود التي وقعها المعنيون بالأمر والتزموا باحترام جميع مقتضياتها بكامل إرادتهم”.

وختمت الوزارة بلاغها بالثناء على نظام التعاقد، مؤكدة أن توظيف الأساتذة أطر (كوادر) الأكاديميات الجهوية قد انعكس إيجابا على المنظومة التربوية، واسترسلت الوزارة في عرض هذه الإيجابيات مشيرة إلى أنه مكن من تجاوز الصعوبات الناتجة عن عدم كفاية المناصب المالية المحدثة لفائدة الوزارة بموجب القوانين المالية من أجل التوظيف، كما ساهم في التقليص من الأقسام المشتركة في الابتدائي والاكتظاظ وفي تجاوز مشكل الخصاص في الأطر التربوية بمختلف الأسلاك التعليمية والذي كان يطرح عند كل دخول مدرسي، مشددة أنها “لن تذخر جهدا من أجل تمكين أساتذتها وأطرها من الظروف الملائمة للاستقرار ومن التحفيز والتكوين لإنجاح العملية-التعليمية، وموازاة مع ذلك فإنها ستحرص كل الحرص على ضمان حق المتعلمات والمتعلمين في التمدرس.

وندد فاعلون سياسيون وجمعويون بالتدخل الأمني لكونه لا يمكن أن يكون حلا لمعضلة الأساتذة المتعاقدين . وعلقت أمينة ماء العينين، البرلمانية عن حزب العدالة و التنمية الذي يقود الإئتلاف الحكومي، “لا يمكن أن يكون تعنيف المتظاهرين سلميا حلا لأية مشكلة كيفما كان نوعها، وأتصور أن مواجهة احتجاجات الأساتذة بالعنف لا يمكن إلا أن يسهم في تأزيم الوضع”، مضيفة في تدوينة لها على الفيسبوك حول الموضوع أن “الحل هو الحوار والإنصات لمطالب الأساتذة وإنصافهم خاصة وأن ملفهم طبعه الكثير من الارتجال والغموض، وهو ما ظهر بوضوح في النظام الأساسي المعتمد من طرف الأكاديميات”.

عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم ـ التوجه الديمقراطي ـ قال:” فيما يخص هذا الملف فقد بدأ في سنة 2016 مع وزيري تعليم سابقين وفي الاجتماعات معهما ومع الوزير الحالي كلهم يجمعون أنه أمر محسوم فيه من طرف الحكومة، التشغيل بالتعاقد ولا شيء غير التعاقد. بالنسبة لنا كجامعة وطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي- وكنقابات تعليمية ست، نلح على أن يحل مشكل الأساتذة المتعاقدين عبر إدماجهم في سلك الوظيفة العمومية، و لا يكون لدينا أستاذ عادي وأستاذ غير عادي ، يجب أن يكون نفس الوضع بحكم أنهم يقومون جميعا بنفس الوظيفة، والتعاقد بالصيغة التي طرحتها الحكومة يكرس الهشاشة في التشغيل والمعنيات والمعنيون يرفضونه” يقول الإدريسي في تصريحه لــ”القدس العربي”، موضحا أن ما تتداوله الوزارة حول كون الأساتذة وقعوا على العقود وهم يعلمون ما بها “نعتبره عقدة الإذعان”، لماذا؟ يسترسل الإدريسي” لأنهم كانوا يعيشون وضعية البطالة بشواهدهم الجامعية وطرحت الحكومة مسألة التعاقد بشكل منفرد لم تشرك النقابات والعقدة لما تكون بالإذعان بسبب الوضعية الاجتماعية الصعبة هذا لا يعني أن الموقع يقبل وأن يعيش العبودية في الوظيفة العمومية في 2019 . المسؤولون كانوا يقولون أنهم لا يريدون محاورة التنسيقيات وإنما النقابات، هذه الحكومة لا تحاور لا التنسيقيات ولا النقابات، حينما تصبح المدرسة العمومية تعيش على وقع الإضرابات المستمرة ولا تحرك هذه الحكومة ساكنا فهذا يزيد من مفاقمة وضعية التعليم المزرية أصلا”، خاتما تصريحه بالقول “يلجأون الآن للمقاربة الأمنية بعدما لم تنفع اللامبالاة والاقتطاع من الأجور، وهذا ليس حلا، يجب التراجع عن التعاقد وإدماج الأساتذة، مبرر الجهوية ليس مبرر للتعاقد يمكن التوظيف في إطار الجهوية كذلك، والغلاف المالي المخصص هو نفسه، إذن التعاقد لامبرر له”.

وما زال إضراب الأساتذة المتعاقدين مستمرا، حيث ينفذون برنامجا احتجاجيا انطلق بالمسيرة الوطنية المنظمة في الرباط في الذكرى الثامنة لحركة عشرين فبراير (النسخة المغربية للربيع العربي)، ويتواصل بإضرابات جهوية ممتدة من الرابع من آذار/ مارس الجاري إلى التاسع منه، حيث تعرضت الاعتصامات الجهوية أمام الأكاديميات بعدة مدن لتدخل أمني عنيف يوم الثلاثاء الخامس من آذار/ مارس، واستمرت أخرى في التالي من الأيام حيث لازال يحتشد الأساتذة رفقة نقابيين ومتضامنين أمام مقر الوزارة في الرباط وأمام الأكاديميات بالمدن الأخرى، ويتوعدون بمزيد من التصعيد في إضراباتهم إلى غاية أن يتم الاستجابة لمطالبهم التي تتمحور أساسا حول رفض صيغة التعاقد والمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية كسائر المدرسين دون تمييز في الواجبات كما الحقوق، وهو التشبث الذي يجعل شبح سنة بيضاء يحوم بالسنة الدراسية الحالية رغم ما عبرت عنه الحكومة من تشبث بضمان حق المتمدرسين .

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى