السعودية

قصة زيت تعصره الجمال مغمضة العينين.. نفط جازان الأصفر

ما إن تصل إلى منطقة جازان، جنوب غرب السعودية، حتى تلفت ناظريك المعاصر التقليدية لزيت السمسم البلدي، الذي يعرف محلياً بـ “السَّليط” والمنتشرة، على جنبات الطريق الدولي ومداخل المحافظات وفي أسواقها الشعبية، كما يشد انتباهك صمود طريقة استخلاص الزيت القديمة باستخدام الجمال، وأدوات الطحن الخشبية أمام الآلات الحديثة، وإقبال الناس عليها في أسلوب متوارث لهذه الصناعة المهمة في المنطقة.

ولزيت #جازان هذا قصص وحكايات وإرث حتى إن “دارة الملك عبدالعزيز” تحتفظ بصورة لعصر السمسم بالجمال التقطها المصور “ويلفرد ثيسجر” عام 1947 في محافظة صبيا التابعة للمنطقة التي تنتج 51% من إنتاج السمسم بالمملكة.

جمال “مغمضة العينين” تعصر

وعن تلك الصناعة تحدث لـ “العربية.نت” علي بن يحيى، أحد ملاك معاصر زيت السمسم، قائلاً: “يحرص الناس على شراء زيت السمسم لأن قيمته الغذائية عالية، ويفوق الزيوت الأخرى في الطعم والرائحة، وتستغرق عملية استخراج الزيت من بذور السمسم المزروعة محلياً ما بين 4 إلى 5 ساعات قد تزيد أو تنقص”.

وأضاف: “نأخذ السمسم ونقوم بتصفيته من الشوائب ومن ثم نصبه داخل (العود) الوعاء الخشبي المفرغ من الداخل، بكمية تقدر بـ25 كيلو من حب السمسم، ويكون هناك خشب للعصر. وتبدأ رحلة دوران الجمل حول المعصرة وتضغط أداة خشبية على السمسم لاستخراج الزيت، الذي يتجمع في منتصف الوعاء الخشبي وتبقى قشور السمسم على حواف وعاء العصر”.

كما أوضح أن الجمل الخاص بالمعصرة تتم تغطية عينيه أثناء رحلة الدوران حتى لا يغير مساره أو يصيبه الملل، ثم يتم ربطه بأدواتها الخشبية بواسطة حبال، ويتم التناوب في المهمة بين عدد من الجمال على مدار اليوم، بحيث يستريح الجمل كل فترة، ويتم تغذيته إلى أن يحين دوره مجدداً بعد سويعات قليلة إن تطلب الأمر.

قيمة غذائية ومادية

أما حول الجدوى الاقتصادية لعملية بيع “السّليط” كما يسميه الأهالي فقال: “أكاد أجزم أنه لا يخلو بيت في المنطقة من هذا الزيت، وهو الأساسي في قلي أسماك الكنعد، وطبخ الخضراوات، وبعض الناس يفضلون تغميس الخبز المحلي فيه مع الثوم والفلفل، قبل أن يضعوه في إناء آخر، كما أنه مقوي للجسم ومنشط طبيعي وفيه أسرار صحية عظيمة”.

وتابع: “هناك من يستخدمه بعيداً عن الغذاء في العناية بالشعر والجلد”.

كما بين أن سعر اللتر منه يتراوح ما بين 50 و60 ريالاً، وقد يرتفع في المواسم التي يكثر فيها الطلب عليه بحسب ما أفاد.

وأوضح أن علب الزيت الصغيرة بحجم 0.30 مللتر سعرها 15 ريالا، وأن هناك إقبالاً عالياً من زوار المنطقة في الإجازات الذين يقدمون على شراء كميات كبيرة على حد وصفه، وأن زبائنه من مختلف مناطق المملكة مثل الرياض وتبوك والشرقية والمنطقة الجنوبية.

النفط الأصفر

وفي نفس السياق، لفت بائع زيت السمسم أحمد هزازي، الذي يعمل في هذه المهنة منذ نحو 20 عاماً: “الناس يفضلون شراء الزيت المصنوع بالطريقة التقليدية على سواه من الزيوت، وهناك سليط مستورد وأرخص من البلدي، لكن الناس لا يشترونه لأنهم يفضلون أخذه من معصرة الجمل التقليدية، لأنه طازج وأطعم وبدون كيماويات”.

فيما أطلق أحد الزبائن وصف “النفط الأصفر” على زيت السمسم قائلاً: “هذا من خيرات بلدنا، ويجب دعم هذه الصناعة وتنظيمها، وفتح مصانع للاستثمار وتصدير زيت السمسم المحلي للخارج وتقدر أن تسميه النفط الأصفر”.

إلى ذلك، أكد علي بن يحيى أن السمسم المحلي يتم جلبه من مزارع في محافظة (بيش) ويتم زراعته في فصل الخريف، مضيفاً أن معصرته تنتج شهرياً حوالي 600 لتر من الزيت.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى