العالم تريند

مراقبون إسرائيليون: أمريكا تؤيد تفكيك “حماس” وحملة برية في غزة.. لكنها تخشى التورّط في أوحالها

عربي تريند_ قالت جهات إسرائيلية، نقلاً عن مصادر أمريكية، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال للرئيس المصري السيسي، خلال مكالمة هاتفية من داخل طائرته، وهو في طريق عودته من تل أبيب، إن إسرائيل وافقت على دخول 20 شاحنة مساعدات إنسانية أساسية عبر معبر رفح، غداً الجمعة.

كما قال مراقبون إسرائيليون إن “حكومة الاحتلال تراجعت عن رفضها إدخال حبة دواء للقطاع نتيجة ضغط أمريكي، وإن الدفعة الثانية من الإغاثة ستكون مقرونة بتقدم في ملف الأسرى والرهائن”. يشار إلى أن نتنياهو قد تراجع عن رفضه الحاسم، وقال إن إسرائيل لا تمانع بدخول مساعدات عن طريق معبر رفح، وأن تصل للمدنيين في القسم الجنوبي من القطاع، مؤكداً أنه يرفض إدخال إغاثة من المعابر الإسرائيلية مع القطاع.

وفيما يتواصل حجيج القادة الغربيين لإسرائيل، مع وصول رئيس الحكومة البريطانية لتل أبيب، تتوجه أنظار الإسرائيليين للحملة البرية التي لا تخرج لحيز التنفيذ في اليوم الثالث عشر للحرب، وسط تساؤلات في الشارع الإسرائيلي عن إرجائها. في المقابل يواصل عدد من الجنرالات والمعلقين العسكريين التحذير من مغبة التسرّع في الحملة البرية، ومن كلفة باهظة في عدد الضحايا من الجنود، معتبرين أن “العجلة من الشيطان”.

محللون: ملامح وتضاريس القطاع تغيرت نتيجة القصف العشوائي وتحويل أحياء كاملة لأكوام ركام، ما أفقد الخرائط العسكرية قيمتها

وطبقاً لهذه التحليلات، فإن إسرائيل تنتظر نضوج الاستعدادات اللوجستية والعملياتية والتدريبية قبيل شن حملة برية، خاصة أن ملامح وتضاريس القطاع قد تغيرت نتيجة القصف العشوائي وتحويل أحياء كاملة لأكوام ركام، ما أفقد الخرائط العسكرية الموجودة بيد القادة العسريين قيمتها.

ويبدو أن إسرائيل تتريث للتثبّت من نوايا “حزب الله” وإيران، لأن اندلاع حرب في الجبهة الشمالية رغم تهديدات واشنطن سيثقل عليها كثيراً. ويضاف لذلك ربما الحاجة الإسرائيلية للبحث عن فرصة لمباغتة “حماس” و”الجهاد” لأن الضربة المفاجئة طالما لعبت دوراً في ترجيح كفتها في المعارك، وربما أيضاً هناك حسابات ترتبط بمصير الأسرى هناك، والرغبة بمعرفة مكان احتجازهم كي لا يمس بهم، وربما محاولة تخليصهم.

وتفسيراً لتحذيرات الرئيس الأمريكي بايدن، الذي اعتبر احتلال القطاع والبقاء فيه غلطة، قالت محررة الشؤون السياسية في القناة العبرية 12 دانة فايس إن هذا الخوف الأمريكي يستند ليس فقط لتجربة واشنطن في حروب سابقة، بل يستند لمعلومات وصلت البنتاغون، وبموجبها؛ هناك وزراء في المجلس السياسي الأمني المصغر يدعون لاغتنام فرصة تاريخية لاحتلال غزة وتهجير الغزيين وبناء مستوطنات داخل القطاع، المفككة منذ فك الارتباط في 2005.

ماذا عن اليوم التالي؟
ضمن قراءة دوافع ونتائج وأثمان زيارة بايدن، قال المحلل السياسي الإسرائيلي في موقع “والا” الإخباري براك رافيد إن الرئيس الأمريكي جو بايدن سأل أعضاء المجلس الحربي المصغر برئاسة نتنياهو عن خطتهم في اليوم التالي بعد انتهاء الحرب على غزة فتلقى جواباً مقلقاً مفاده أنه “لا يوجد حالياً خطة كهذه”.

وطبقاً للمصادر الإسرائيلية أيضاً يقول رافيد إن بايدن لا يعارض عملية عسكرية لتفكيك حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، لكنه يحذّر من التورّط بالوحل الغزي، كما وجدت الولايات المتحدة نفسها عالقة لمدة عقدين في العراق وأفغانستان. ونوّه إلى أن بايدن قد استذكر عدة مرات خلال زيارته الخاطفة، ومن قبلها في خطاباته، هجمة “القاعدة” في 11.09.2001. وفي معظم الأحوال جاء التذكير بذلك من أجل الإشارة لحجم الحدث الجلل في عملية “طوفان الأقصى” في 07.10.2023 و”عذابات الإسرائيليين جراءها”.

ويتابع رافيد: “لكن استذكاراً واحداً في خطابه أمس قبيل مغادرته استهدف تمرير رسالة للحكومة الإسرائيلية وللإسرائيليين مفادها أن التفكير حيوي قبل كل فعل ورد فعل”. ويقول بايدن، ضمن مقارناته، إن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاءً عندما خرجت في حربين على أفغانستان والعراق تسبّبتا بعدد هائل من الضحايا وفقدان موارد هائلة، وانتهتا بعد نحو 20 سنة بدون مكاسب تقريباً.

يشار إلى أن بايدن قال، في خطابه قبيل مغادرته تل أبيب، خلال اللقاء بالقيادات الإسرائيلية، إنه ينبغي طرح أسئلة كثيرة، وتحديد أهداف الحرب بشكل جلي والتثبت بدقة من مدى قدرة الخطوات التي تنفذ على تحقيق هذه الأهداف. ويرى رافيد أن هذه الأقوال كانت موجهّة بالأساس لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وأعضاء مجلس الحربي الإسرائيلي، منوهاً بأن بايدن قد التقاهم قبيل خطابه وسألهم عن اليوم التالي بعد انتهاء الحرب على غزة، وما هي الإستراتيجية بعيدة المدى. ويضيف: “أجاب القادة الإسرائيليون بالقول إنه لا توجد خطة كهذه، على الأقل في المرحلة الراهنة، والآن نحن متركّزون بعملية تفكيك حماس”.

الخوف من أوحال غزة
على غرار مراقبين إسرائيليين آخرين كثر، يقول براك رافيد إن “إدارة بايدن لا تعارض استمرار العدوان على غزة، مثلما لا تعارض حملة برية ربما تنطلق خلال أيام، لكن بايدن ومستشاريه يحذّرون علانية وسراً من أن المسافة قصيرة بين حملة برية على غزة وبين احتلالها من جديد والتورّط بأوحالها”.

ويرى رافيد أن زيارة بايدن تاريخية، بل نقطة ذروة غير مسبوقة في اصطفاف الولايات المتحدة لجانب إسرائيل في حربها على “حماس”، لافتاً لعدم اكتفائه برفع معنويات الإسرائيليين المصابين بـ “هلع الحرب” وتقديمه مساعدات عسكرية ومالية سخية، علاوة على دفعه بوارج عسكرية للبحر المتوسط ربما تحول دون اتساع دائرة الحرب.

رافيد: زيارة بايدن تاريخية، بل نقطة ذروة غير مسبوقة في اصطفاف الولايات المتحدة لجانب إسرائيل

حرب تطول سنوات
رافيد، المعروف بمناهضته لحكومة نتنياهو التي هاجمت إدارة بايدن عدة مرات، يقول إنه من حظ الإسرائيليين أنه رافق العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية في الخمسين سنة الأخيرة، وإنه قد سمع وشاهد كل شيء ولم يكترث بالحكومة الإسرائيلية التي وصفها بالأكثر تطرفاً، لأن مستقبل إسرائيل يهمه أكثر من حكومتها. ويتابع: “كل من اعتقد أنه بالإمكان التخلص من الأمريكيين بان وهمه، ففي هذه الأزمة الأكبر بتاريخ إسرائيل اكتشف الإسرائيليون كم كبيرة تبعية إسرائيل للولايات المتحدة، ولأي مدى هي “عكازتها الأمنية”.

ويخلص رافيد للقول إنه “من شأن هذه الحرب أن تعزز أكثر العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن في اليوم التالي، بعد انتهائها، ما كان لن يكون”. ويضيف: “قدرة رؤساء الحكومة الإسرائيليين على صد ضغوط واشنطن بالتأكيد ستضعف، ستتقلص لحد بعيد احتمالات أن يبصقوا في وجه بايدن”. وفي سياق الحديث عن مستقبل وجدوى ومخاطر الحرب، تقول تسريبات صحفية عبرية أن “الجانب الإسرائيلي أبلغ الجانب الأمريكي، في الاجتماعات المغلقة، أن الحرب على غزة ستكون طويلة الأمد، وقد تستغرق سنوات”.

يحرسنا من “حزب الله” ومن أنفسنا
وضمن قراءة نتائج زيارة بايدن، يتفق مع براك رافيد أيضاً محلل الشؤون السياسية في القناة العبرية 13 نداف أيال بقوله إن الأمريكيين يخشون من الدمج بين قدرات إسرائيل العسكرية القاتلة وبين الشعور بفقدان الثقة بالنفس، مثلما أنهم يخشون أن تقود إيران لحرب إقليمية، ما يجعل الإسرائيليين بحاجة للسيطرة والتحكم. معتبراً أن محبة الولايات المتحدة لإسرائيل حقيقية، لكنها أيضاً أدواتية. وينقل عن ضباط كبار قولهم إن نتنياهو، ورغم تحسن أدائه وخروجه من الصدمة خلال الأسبوع الأول، فإنه فقد بعض ثقته بنفسه وبريق عينيه.

ويتابع: “جو بايدن الأخ الأكبر الرصين يبدو أكثر يقظة وحدة، والإسرائيليون اليوم بحاجة للشعور بالثقة والأمان، خاصة أنهم لا يثقون بحكوماتهم الأخيرة، منذ سنوات، حتى جاءت عملية طوفان الأقصى وزعزعت ثقتهم بالجيش أيضاً، وهذا لا ينكره رئيس هيئة الأركان”.

ويقول أيال إن رئيس حكومة الاحتلال الراحل أرئيل شارون كان يكرر مقولته بأنه على إسرائيل أن تدافع عن نفسها بنفسها، ولكن نتنياهو يتصرف اليوم بطريقة مغايرة، ويبدو أنه مشتاق لأن تكون إسرائيل الولاية الأمريكية الواحدة والخمسين، وهذا منوط بثمن رمزي وجوهري.

رافيد: قدرة رؤساء الحكومة الإسرائيليين على صد ضغوط واشنطن ستضعف، ستتقلص احتمالات أن يبصقوا في وجه بايدن

ويعتبر أيال أن زيارة بايدن حيوية جداً بتوضيحه للمنطقة أنه خلف إسرائيل تقف الولايات المتحدة، وأن تدمير الدولة اليهودية غير وارد.

ويتابع: “برّأ بايدن إسرائيل من ارتكاب مذبحة في المستشفى المعمداني، لكن “عناق الدب” هذا له شروط، فإسرائيل منذ اليوم يفترض أن تضغط “حماس” دون أن تسبب كارثة إنسانية داخل غزة، بدون صور أوبئة وأولاد جوعى وعطشى، والأمر الثاني المقلق أكثر: بايدن وجّه انتقادات مبطنة للمجلس الوزاري المصغر، وشدد على ضرورة تحديد أهداف أكثر وضوحاً للحرب”.

ويشير أيال إلى أن الولايات المتحدة “تشعر أن حليفتها تتذبذب، وتخشى من لقاء فقدان الثقة والقوة العسكرية لدى إسرائيل، مثلما هي قلقة أيضاً من إمكانية قيام طهران أو بيروت بحسابات خاطئة، ما يفضي لحرب إقليمية لها تداعيات دولية، ولذا فإن هؤلاء الحلفاء بحاجة لسيطرة”.

ويختم أيال: “صداقة الولايات المتحدة حقيقية، لكنها أدواتية. هذا هو السبب أن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن يشارك في اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي. إن إرسال واشنطن لحاملتي طائرات للمنطقة لا يأتي للدفاع عن إسرائيل من أعدائها، بل لحمايتها من نفسها، ومن أخطاء ربما يرتكبها قادتها السياسيون والعسكريون، وكافتهم قد فشلوا”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى