العالم تريند

نيويورك تايمز: هجمات المستوطنين في الضفة الغربية وصلت مستويات عالية العام الماضي

عربي تريند_ نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلها في إسرائيل باتريك كينغزلي قال فيه إن العنف المتزايد في الضفة الغربية وصل لمستويات عالية وبخاصة هجمات المستوطنين. وعلى خلاف الفلسطينيين المشتبه بتورطهم في العنف فالمستوطنون لا يعاقبون.

وفي تقريره الذي أعده من بلدة بورين قرب نابلس قال كينغزلي إن المستوطنين تدفقوا من تلك البلدة باتجاه مزرعة فلسطينية وكان يحمل بعضهم العصي ويرمي بعضهم الآخر الحجارة وكلهم مقنعون. وبدأوا بضرب الفلاحين الفلسطينيين والناشطين الإسرائيليين الذين كانوا يزرعون أشجار الزيتون على طرف القرية. ورمى أحدهم سائلا مشتعلا باتجاه سيارة أحد الناشطين وأشعل النار فيها. وجرح سبعة أشخاص على الأقل. وقال كينغزلي إن الهجوم الذي نفذه رعاع المستوطنين في الشهر الماضي صوره ناشط على الفيديو، وهو جزء من العنف المدني المتزايد في كل أنحاء الضفة الغربية منذ العام الماضي.

وفي 2021 وصلت الهجمات التي قام بها المستوطنون على الفلسطينيين والعكس أعلى مستوى، منذ خمس سنوات على الأقل. وتسبب المستوطنون بجرح 170 فلسطينيا على الأقل وقتلوا خمسة، حسب تقارير الأمم المتحدة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الفلسطينيين جرحوا 137 مستوطنا في الضفة الغربية العام الماضي. ويعلق كينغزلي أن الأرقام وإن كانت متقاربة إلا أن دينامية القوة مختلفة. فالمستوطنون ينتفعون من نظام قانوني يعمل على مستويين، حيث يرتكب فيه المستوطن العنف بدون أن يعاقب، أما الفلسطينيون المشتبه بهم فهم عرضة للاعتقال والمحاكمة أمام المحاكم العسكرية.

ومن بين 111 هجوما رصدتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “يش دين” صدرت أحكام في ثلاث حالات. ويحظى المستوطنون بحماية الجيش الإسرائيلي ولا يخشون من خسارة المستوطنات التي يقيمون عليها. وعنف المستوطنين هو الذي يثير القلق الآن ليس بين الفلسطينيين ولكن أجهزة الأمن الإسرائيلية أيضا. ووصفه وزير الدفاع بيني غانتس بأنه “ظاهرة خطيرة” وأعلن عن فرق عسكرية خاصة لمراقبة النقاط الساخنة مثل بورين.

وكتب ضباط الاحتياط الإسرائيليون في كانون الثاني/يناير قائلين إن عنف المستوطنين لا يمثل تهديدا على الفلسطينيين فقط بل وعلى استقرار إسرائيل وصورتها العالمية. لكن إفلات المستوطنين من العقاب أثار القلق من أن الجيش الإسرائيلي لا يقوم بعمل ما هو مطلوب لوقفه. وفي بعض الحالات أدت الهجمات إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم بشكل وسع من سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية. وقال بروسلي عيد، 46 عاما من سكان بورين “لقد شعرت بالخوف والصدمة، هل تتخيل أنك في أرضك ثم تهجم عليك عصابة إجرامية؟” و”يحاولون جعلنا نكره أرضنا”.

واستخدم الإسرائيليون والفلسطينيون العنف منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967 وإقامتها مستوطنات غير شرعية عليها. وتقوم مجموعات صغيرة من المستوطنين بارتكاب العنف الذي يشجبه المسؤولون الإسرائيليون ولا تشارك فيه غالبية المستوطنين. والعنف الأخير الذي زاد بعد حرب الربيع مع غزة وموسم قطف الزيتون في الخريف يظل أقل حدة من فترات شديدة في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. إلا أن منظمات حقوق الإنسان وثقت عددا من الهجمات التي وقف فيها الجيش متفرجا أو تقاعس عن التحرك لوقفها، أو قام بالتحرك متأخرا كما في بورين.

وقال ليور أميحاي، مدير “يش دين”: “شاهدنا، مرة بعد الأخرى كيف وقف الجيش إلى جانب المستوطنين ووفر لهم الحماية” و”هذا يعطي المستوطنين الثقة لمواصلة الهجمات ويؤكد اعتقاد الفلسطينيين أنهم لا يستطيعون طلب المساعدة من أحد”. وفي مواجهة سابقة ببورين بتشرين الأول/أكتوبر، قام مستوطن مقنع بحرق بستان زيتون في الوقت الذي تبادل فيه المستوطنون والفلسطينيون رمي الأحجار، وذلك حسب فيديو سجلته “يش دين”. وقام جندي إسرائيلي بالتقدم وتحدث بشكل مقتضب مع المستوطنين الذين مشوا بعيدا وظلت النار تشتعل بدون أن يتم اعتقال أحد.

وفي مواجهة ثالثة بنفس المكان في كانون الثاني/يناير، أظهر شريط فيديو صفا من ستة جنود يقفون بدون حركة يراقبون تبادل الحجارة بين المستوطنين والفلسطينيين. وأطلق الجنود الغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين وسمحوا للمستوطنين بالابتعاد دون اعتقال. وتم اعتقال مستوطنين من تسعة مستوطنين وتم الإفراج عنهما بانتظار مزيد من التحقيقات.

وبعد هجوم الرعاع في الشهر الماضي اعتقل شخص واحد واحتجز اثنان بدون توجيه تهم لهم. ونفى الجيش الإسرائيلي أي مزاعم بأنه يسمح أو يدعم عنف المستوطنين وقال إنه “كذب” وإن شريطي الفيديو لا يقدمان الصورة كاملة. وفي كل حالة لم يتدخل الجيش لأن عدد الجنود كان قليلا وبانتظار وصول التعزيزات. وفي حالات أخرى أصدر أوامر حجز ومنع تجول ضد المستوطنين الذين يعتبرون تهديدا محتملا.

إلا أن الجنرال يهودا فاتش، قائد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية عبر عن قلقه مما أسماه “إرهاب المستوطنين” وأنه “يقوم بجهود كبيرة لتجنبه”. وقال إن وظيفته هي حماية كل مواطني الضفة الغربية “سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين”. وبالنسبة لسكان بورين فهجمات المستوطنين هي جزء من محاولات إجبارهم على ترك أراضيهم. ومنذ الثمانينات، أصبحت بلدتهم محاصرة بين مستوطنتي يتسهار وجعفات رونين. وبنيت المستوطنتان على أراضي الفلسطينيين وتتمتعان بحماية الجيش الإسرائيلي. ومن بين سكانهما البالغ عددهم 2.000 شخص هناك أتباع لحاخامات متطرفين.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه المستوطنات قانونية حسب القانون الإسرائيلي وغير قانونية بموجب القانون الدولي إلا أن يتسهار وجعفات رونين غير مصرح بهما من الحكومة الإسرائيلية وغير معترف بهما حسب القانون الإسرائيلي. وقام المستوطنون القادمون من صوب هاتين المستوطنين بمهاجمة الفلسطينيين أو تخريب ممتلكاتهم 18 مرة في 2021.

وقالت يش دين إن المضايقات أسهمت بزيادة مساحة المستوطنتين بحوالي 250 فدانا على مدى العقد الماضي، وكلها أراض فلسطينية. ولا توجد تقييمات دقيقة حول أرض الفلسطينيين التي تمت مصادرتها بهذه الطريقة إلا أن دراسة قامت بها بيتسلم وكريم نافوت عن أربع مستوطنات وجدت أن المستوطنين صادروا 9.000 فدان من مزارع الفلسطينيين عبر التخويف.

وتقول آية عيد، 16 عاما “نحن خائفون من اختطافنا أو قتلنا”، وقامت العائلات التي تعيش على حواف القرية بزيادة الحمايات للأبواب والشبابيك لمنع المقذوفات الصاروخية من المستوطنين وركبوا كاميرات حراسة. وأصبح العنف والتخريب ضد المزارعين وأشجارهم أمرا عاما لدرجة أن 11.700 شجرة زيتون اقتلعت العام الماضي.

ويوفر الجيش دوريات للمزارعين كي يصلوا إلى مزارعهم، ولأن الجيش يوفر حراسة مرة أو ثلاث مرات لكل بقعة من الأرض فإن بعض المزارعين لم يصلوا إليها إلا مرتين العام الماضي. وقبل وصول المستوطنين كان موسم قطف الزيتون مثل المهرجان حيث تجمعت العائلات تحت أشجار الزيتون للغناء وشي اللحوم. وقال عبد السلام عسوس، 46 عاما “كان نشاطا مقدسا”. وفي السنوات الأخيرة تراجعت عدد الساعات التي يقضونها في مزارعهم بشكل خفض من مواردهم إلى النصف.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى