منوعات

أم لـ 19 طفلاً من السيليكون.. سيدة تجني ثروة طائلة من عائلة غير بشرية

تفتح الأمريكية جينا كاسوف عينيها كل صباح على صوت منبهها، لتنهض مسرعة نحو غرفة الأطفال حيث تنتظرها “بيبا” ذات الضفائر الشقراء بعيونها الزرقاء اللامعة، لتحملها بحنان وتهمس في أذنها “صباح الخير يا حبيبتي”، ثم تتجه لإيقاظ بقية أطفالها الـ19 الآخرين، لكن ثمة تفصيلاً واحداً يجعل مشهد الأمومة هذا مختلفاً تماماً، فجميع أطفال جينا ليسوا بشراً، بل دمى تحمل ملامح واقعية مذهلة.
من هواية خاصة إلى ثروة حقيقية
لقبت كاسوف نفسها بـ”أم الدمى” وتعيش في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري الأمريكية، واستطاعت تحويل شغفها غير المألوف إلى مشروع مربح بشكل يفوق الخيال، حيث كشفت أنها حققت أكثر من مئتي ألف دولار خلال عام واحد فقط من قناتها على “يوتيوب”، متفوقة على كل ما جناه زوجها وإياها معاً طوال حياتهما المهنية.

وتمتلك هذه الأم الأربعينية، المتزوجة ولديها 5 أبناء بالغين حقيقيين، مجموعة من دمى “ريبورن” المصنوعة من الفينيل والسيليكون الفاخر، منحوتة ومطلية يدوياً بإتقان شديد يجعلها تبدو كرضع حقيقيين، بدأت جمعها منذ 2020، وتتراوح أسعارها بين 2000 إلى 10000 دولار للدمية الواحدة حسب التفاصيل الخاصة بكل واحدة.

عالم افتراضي بتفاصيل حقيقية
أطلقت كاسوف قناتها “الدمى ليست حقيقية” في مارس (آذار) 2024، وبدأت تشارك يوميات أمومتها الفريدة، حيث تطعم دماها، تغير حفاضاتها، تلبسها ملابس جديدة، وتمنح كل واحدة منها شخصية وصوتاً مميزاً، بل وتصطحبها في رحلات تسوق حقيقية لشراء الملابس والطعام ومستلزمات الأطفال.

واستقبل الجمهور محتواها باهتمام هائل، فتحولت القناة إلى مصدر دخل بعد أسبوعين فقط من إطلاقها، وجمعت أكثر من 30000 مشترك يتابعون بشغف روتين الصباح، الأنشطة المدرسية التمثيلية، أوقات الاستحمام، أيام المرض، والاحتفالات بالأعياد مع هؤلاء الأطفال غير البشريين، رغم أن تصوير وتحرير كل مقطع يستغرق أكثر من 5 ساعات.

رسائل مؤثرة من فتيات صغيرات
تكشف “أم الدمى” أن معظم جمهورها فتيات صغيرات دون سن 12 عاماً، يرسلن لها رسائل مؤثرة عبر صندوق بريدها، يكتبن فيها “جينا، هل يمكنك أن تكوني أمي؟” أو “جينا، والدي ترك منزلنا الشهر الماضي” أو “جينا، أحبك كثيراً، هل يمكنني أن أناديك بالعمة؟”، ما جعلها تدرك أن محتواها ليس مجرد ترفيه، بل مصدر راحة وحب لهؤلاء الفتيات.

إلى جانب الأطفال، تتابعها نساء بالغات يستخدمن دمى ريبورن كوسيلة علاجية للتعامل مع الفقد أو الإجهاض أو العقم أو الوحدة، ما دفع كاسوف لتبني مهمة شخصية لإزالة الوصمة عن هذه الهواية.

معركة ضد الانتقادات والسخرية
تواجه “أم الدمى” موجة عنيفة من الانتقادات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يصفها البعض بـ”المخيفة للغاية” و”الحزينة” و”المثيرة للقلق”، لكنها ترد بسؤال استنكاري: “هل وصلنا كمجتمع لدرجة أننا نشاهد رجالاً بالغين يلعبون ألعاب الفيديو ولعبة الأبراج المحصنة ويرتدون أزياء تنكرية في مهرجانات عصر النهضة وإعادة تمثيل الحروب الأهلية، بينما أتعرض للهجوم لأنني أشجع هوايتي الحنونة؟”

وتضيف بحزم: “إذا كان الرجال يمكنهم ممارسة ألعاب الأطفال، فلماذا لا تستطيع النساء احتضان جانبها الحنون واللعب بالدمى؟ إنها معايير مزدوجة”.

وبحسب صحيفة “نيويورك بوست” تدعم الطبيبة النفسية ليزلي كويبل من نيويورك موقف كاسوف، موضحة أن استمتاع النساء البالغات باللعب بالدمى ليس أمراً مرضياً بالضرورة، بل قد يكون شكلاً من اللعب الإبداعي أو الحنين أو تخفيف التوتر أو منفذاً علاجياً مهدئاً للذات، وطالما أنه لا يتعارض مع الوظائف اليومية أو العلاقات، فإن أي نشاط يجلب الراحة والسعادة يجب تطبيعه بدلاً من اعتباره حالة مرضية.

“بيبا” الأقرب و”أم الدمى” لا تهدر الموارد
وأكدت جينا أن “بيبا”، الدمية الشقراء ذات العامين بشخصيتها الجريئة والمرحة، لها مكانة خاصة في قلبها، حيث استوحت صفاتها من ابنتها الحقيقية الصغرى صوفيا البالغة 16 عاماً، وأصبحت نجمة القناة بلا منازع، حيث تحظى بجولات تسوق خاصة تشتري فيها كاسوف ملابس حقيقية وطعاماً ومستلزمات يومية كالحفاضات والضمادات.

كما تؤكد كاسوف أنها لا تهدر الموارد في مقاطعها، فحليب الأطفال الذي تطعمه لدماها منتهي الصلاحية تحصل عليه من بنوك الطعام المحلية، وأي طعام تحضره تأكله بنفسها، وتعيد استخدام علب الزبادي والحفاضات وتملأ زجاجات الدواء بالماء، أما الملابس الجديدة فتتبرع بها لاحقاً للأصدقاء والمتاجر المستعملة.

واختتمت “أم الدمى” حديثها برسالة لمنتقديها: “أقدم محتوى عائلياً للفتيات الصغيرات والنساء في منتصف العمر في كل مكان، لا تبحثوا عن معانٍ عميقة، فقط شاهدوا العرض”، بينما تواصل جني آلاف الدولارات من عالمها الافتراضي الذي أصبح حقيقة مربحة للغاية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى