منوعات

طبيب حول عروض السيرك لثورة طبية عالمية لإنقاذ آلاف الخدج

في مطلع القرن العشرين أنقذ الطبيب الأمريكي من أصول ألمانية، مارتن كوني آلاف الأطفال الخدج من الموت، مستخدماً نهجاً فريداً غير مستوحى من المستشفيات، بل من المعارض والمهرجانات وعروض السيرك العالمية.
ولادة فكرة “الحاضنات في المعارض”
اكتسب الدكتور كوني خبرته بعد أن واجه مع زوجته الممرضة تجربة ولادة طفل خديج، وأدرك الطبيب بعلمه ضرورة توفير التدفئة اللازمة والرعاية الغذائية والاحتضان البشري للبقاء على قيد الحياة.
قرر بناء على ما سبق إنشاء غرف مليئة بالحاضنات في أماكن عامة مثل معارض لندن 1897 ونيبراسكا 1888، وسرعان ما انتقل إلى معارض أتلانتيك سيتي وكوني آيلاند في نيويورك، ليصبح العرض أحد أكثر عوامل الجذب شعبية بين الجمهور، رغم وصفه بالبشع من قبل بعض الجمعيات الطبية.

جدل حول الطبيب

وادعى كوني أنه درس الطب في لايبزيغ وبرلين، وأنه تعلّم على يد الدكتور بيير-كونستان بودين في باريس، ولكن لا توجد سجلات موثقة واضحة تؤكد منحه ترخيص طبي رسمي في الولايات المتحدة.

ومع عرض مشروعه حول الأطفال الخدج، لاقى كوني تشكيكاً كبيراً من المجتمع الطبي، فهناك من قال إن تصريحاته حول تدريبه وشهاداته غامضة أو مبالغ فيها، كما أنه لم يقدم أي وثائق لمشافي سابقة عمل فيها، واكتفى بمعارض الحاضنات ، ما جعله يكتسب صفة الغموض وإثارة الجدل.

ورغم التشكيك العلمي، إلا أن الطبيب استطاع أخذ عدد من الأطفال المولودين قبل الأوان من المستشفيات ومنازل الأهالي، ووضعهم في حضانات طبية حديثة آنذاك، لتصبح معارضه الطبية المبكرة نقطة تحول في حياة هؤلاء الأطفال، بحسب صحيفة “مترو”.

كما أثار الدكتور مارتن كوني جدلاً واسعاً بسبب خلطه بين الرعاية الطبية والعرض العام للأطفال المبتسرين في المعارض والسيرك، حيث اعتبره كثيرون استغلالاً للرضع لتوليد إيرادات من الزوار.

وواجه انتقادات من جمعيات حماية الطفل، مثل New York Society for the Prevention of Cruelty to Children، واعتبرت بعض المقالات الطبية في مجلة Lancet أن عرضه يشبه عرض الدمى أو أي استعراض تجاري، ما جعل المجتمع الطبي يشكك في أخلاقيته ومصداقيته.

وبرغم كل الصعوبات والانتقادات والشكيك، كان نجاحه واضحاً، إذ تجاوزت نسب النجاة للأطفال المعالجين في حضاناته 85% مقارنة بنحو 10% في المستشفيات التقليدية، وكل ذلك دون أن يتحمل الأهالي أي تكلفة.

نجاح طبي وثقة جماهيرية

جذب جناح الحاضنات في معرض شيكاغو العالمي 1933 نحو 1,250,000 زائر، حيث اعتاد البعض على العودة أسبوعياً لمتابعة الطفل المفضل لديهم.

وبعيداً عن الطبيعة المثيرة للجدل للعرض، فقد اعتمد كوني على فريق طبي من ممرضات سريريات ومرضعات لرعاية الأطفال، مع اهتمام صارم بالنظافة والتغذية الصحية، مما ساهم في الحفاظ على سلامة الأطفال.

وبعد وفاة كوني، نقل الأطباء ما تعلموه من معارضه إلى المستشفيات، مما ساعد على تأسيس رعاية حديثة لحديثي الولادة في أمريكا، وكان الطبيب يوليوس هيس من أبرز من استلهموا هذا النموذج، ليصبح رائد حديثي الولادة الأمريكي.

وحتى اليوم، يتذكر من نجوا بفضل حاضنات كوني وذويهم بداياتهم الاستثنائية، معتبرين تجربتهم مزيجاً من الانزعاج والفخر في آن واحد، إذ نجوا من الموت بفضل عرض كان يبدو للوهلة الأولى مجرد سيرك، لكنه كان في الواقع ثورة طبية إنسانية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى