أين تقف مصر في مجال الذكاء الاصطناعي

تسعى مصر لأن تكون رائدة إقليمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال استراتيجية تهدف إلى دمج هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات لتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة الخدمات العامة. وتوضح الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030 أهداف الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على ستة محاور رئيسية تشمل التكنولوجيا، البيانات، الكوادر البشرية، النظام البيئي، البنية التحتية، والحوكمة.
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي والرؤية المستقبلية
تم إطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في يناير 2025، لتؤكد طموح مصر في أن تصبح مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وتهدف الاستراتيجية إلى أن تبلغ مساهمة الذكاء الاصطناعي نحو 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العقد، وهو ما يمثل خطوة كبيرة نحو اقتصاد أكثر تطوراً واعتماداً على التكنولوجيا.
وتشمل الاستراتيجية إنشاء مرصد وطني للذكاء الاصطناعي لمتابعة التقدم وقياس الأثر، وضمان تطبيق التكنولوجيا وفق المعايير الأخلاقية، بما يضمن توافق التطوير مع أهداف التنمية المستدامة. كما تهدف هذه المبادرة إلى توفير قاعدة بيانات دقيقة تساعد صانعي السياسات والشركات على اتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى تحليل بيانات موثوق.
الذكاء الاصطناعي في التعليم وتطوير القوى العاملة
تدرك مصر أهمية التعليم في صقل مهارات المستقبل، ولذلك بدأت خططاً لإدراج مادة الذكاء الاصطناعي كمقرر إلزامي في التعليم قبل الجامعي. الهدف هو تجهيز الأجيال القادمة للتعامل مع اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا الرقمية، والقدرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في حياتهم المهنية والشخصية.
كما حددت الحكومة هدفاً لتدريب 30,000 متخصص في هذا المجال بحلول عام 2030، بالتعاون مع شركات تقنية عالمية. من بين هذه المبادرات، برنامجIBM SkillsBuild الذي يستهدف تزويد أكثر من 100,000 متعلم بمهارات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. وتتيح هذه البرامج للمشاركين اكتساب خبرات عملية عبر ورش عمل، مشروعات تدريبية، وشهادات معترف بها عالمياً، ما يعزز فرصهم في سوق العمل المحلي والدولي.
الذكاء الاصطناعي في الحكومة والخدمات العامة
تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة العمليات الإدارية الحكومية وتحسين تقديم الخدمات، بما يسهل على المواطنين الوصول إلى المعلومات بسرعة وكفاءة. وتشمل أبرز المبادرات اعتماد المساعدين الافتراضيين KMT في البوابات الحكومية، مما يقلل من أوقات الانتظار ويوفر تجربة أكثر سلاسة للمستخدمين.
في الوقت نفسه، بدأت مصر ودول أخرى في توظيف روبوتات المحادثة الذكية في قطاعات متعددة، لاسيما التجارة الإلكترونية. بعض الكازينوهات الإلكترونية مثل 10bethttps://www.10bet.com/vip/ تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمة عملاء سريعة وفعالة عبر روبوتات الدردشة، مع إمكانية التواصل مع موظفين فعليين من خلال المحادثة الحية أو البريد الإلكتروني أو الهاتف عند الحاجة. هذا التوازن بين الخدمة الذكية والدعم البشري يتيح تجربة أكثر تفاعلية وراحة للعملاء.
الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية
في مجالالرعاية الصحية، يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين توزيع الموارد وتقديم تشخيص أدق. وتشمل المشاريع التجريبية في مصر مجالات مثل الري الذكي، الذي يساعد على زيادة الإنتاجية الزراعية، والتصوير الطبي، الذي يعزز دقة التشخيص ويكشف الأمراض في مراحل مبكرة.
تُظهر تجارب التصوير الطبي قدرة الخوارزميات على اكتشاف أمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل أسرع من الطرق التقليدية، ما يسرع من وتيرة العلاج ويحسن نتائج المرضى. كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المرضى، ما يمكّن الأطباء من اتخاذ قرارات أفضل بناءً على أنماط دقيقة مستخلصة من البيانات الكبيرة.
النظام البيئي للشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي
يشهد النظام البيئي للشركات الناشئة نمواً ملحوظاً مدفوعاً بالدعم الحكومي وتشجيع الابتكار. شركات مثل ORXTRA تعمل على تطوير حلول ذكاء اصطناعي تغطي قطاعات متعددة، أبرزها الاتصالات والتعليم والتجارة الإلكترونية.
تستهدف الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي دعم أكثر من 250 شركة ناشئة وتعزيز البحث العلمي وبناء القدرات المحلية. من خلال توفير حاضنات أعمال، منح، وتسهيلات، يمكن لهذه الشركات أن تنمو وتبتكر حلولاً عملية تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي، مع خلق فرص عمل جديدة ورفع مستوى التنافسية المصرية على الساحة الدولية.
التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي
رغم التقدم، تظل قضايا حماية الخصوصية وأمن البيانات من التحديات الأساسية التي تحتاج إلى تنظيم ومتابعة مستمرة. يتطلب التعامل مع هذه القضايا تعاوناً فعلياً بين الحكومة، القطاع الخاص، والشركاء الدوليين لضمان نمو مستدام ومتوازن.
تُظهر تجربة دول مثل سنغافورة وكندا وألمانيا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الخدمات العامة ويحفز النمو الاقتصادي دون رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه. في سنغافورة، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التخطيط الحضري وإدارة المرور، بينما تُوظف كندا هذه التكنولوجيا لتسريع التشخيص الطبي، وتستفيد ألمانيا من الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة الإنتاج الصناعي ودقته.
الكلمة الأخيرة
تشترك مصر مع هذه الدول الرائدة في تركيزها على التعليم والمهارات الرقمية. ومن خلال برامج التدريب الجامعية، المبادرات الحكومية، وحاضنات الأعمال، تعمل مصر على إعداد جيل قادر على قيادة التحول الرقمي وابتكار حلول عملية.
تعكس الاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي رؤية واضحة نحو تنمية وطنية مبنية على التكنولوجيا. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، الصحة، الحكومة، وخدمة العملاء، تؤسس مصر لاقتصاد رقمي متطور، يعزز القدرة التنافسية الإقليمية ويجذب الاستثمارات والتخصصات التقنية. هذه الخطوات تجعل مصر في موقع يمكنها من استغلال الذكاء الاصطناعي لدعم النمو المستدام وابتكار حلول عملية تلبي تحديات المستقبل.