تفاصيل اكتشاف نقوش صخرية عمرها 12 ألف عام بالسعودية

كشف فريق دولي من الباحثين عن مجموعة من النقوش الصخرية الضخمة شمال السعودية، تعود إلى نحو 12 ألف عام، وتمثل حيوانات بالحجم الطبيعي مثل الجِمال والغزلان والوعول، وتشير إلى وجود مجتمع بشري في المنطقة خلال فترة مجهولة في التاريخ.
وذكرت دراسة نشرتها دورية Nature Communications أن هذه النقوش تقدم دليلاً مباشراً على توفر مصادر المياه العذبة في شمال الجزيرة العربية، ما ساعد على استقرار البشر وتوسعهم في المنطقة رغم الظروف المناخية القاسية.
وأوضحت الدراسة أن شمال الجزيرة العربية شهدت ندرة كبيرة في شواهد النشاط البشري بين 25 و20 ألف سنة، وحتى نحو 10 آلاف سنة، في فترة اتسمت بالجفاف الشديد، لكنها لم تكن خالية تمامًا من البشر.
وأشار الباحثون إلى أن هذه الندرة تعكس صعوبة الظروف البيئية التي حدت من استقرار المجتمعات أو جعلت أنشطتها أقل وضوحًا في السجل الأثري.
كما أكدت الدراسة أن البشر في مناطق أخرى من الشرق الأوسط تمكنوا خلال الفترة نفسها من تبني الزراعة والرعي والتكيف مع بيئات متنوعة، بينما ظل شمال الجزيرة العربية منطقة أقل وضوحًا في النشاط البشري.
وأظهرت بحوث سابقة أن النشاط البشري المرتبط بالواحات في المنطقة بدأ تقريبًا قبل 10 آلاف سنة، وهو ما يتوافق مع اكتشاف النقوش الجديدة.
وشملت المسوحات والحفريات التي أجراها الفريق البحثي في صحراء النفود تحليل الرواسب، ما بين 16 ألفًا و13 ألف سنة، وأظهرت أن المنطقة شهدت تزايدًا تدريجيًا في توافر المياه على شكل بحيرات موسمية، ما خلق بيئة أكثر ملاءمة للحياة البشرية.
وأكدت الاكتشافات أن توفر المياه شجع الإنسان على التعبير الفني وإنتاج أدوات مادية تعكس حضوره المستمر في المنطقة.
وشملت النقوش المكتشفة أكثر من 130 نقشًا بالحجم الطبيعي، تمثل الجمال والماعز الجبلي والخيول والغزلان والأبقار البرية، إلى جانب نقوش أصغر تصور البشر والحيوانات، ما يعكس ثراء المشهد الفني وتنوع الرموز لدى السكان.
كما عثر الفريق على 532 أداة حجرية من مواقع متعددة، وأظهرت التحليلات أن بعض أشكالها قد تشير إلى صلات ثقافية مع مجتمعات أخرى في الشرق الأوسط، ما يعكس شبكات تواصل مبكرة بين المجتمعات.
ورجح الباحثون أن نفس الجماعات أنتجت النقوش والأدوات معًا، مع التأكيد على الحذر في تفسير العلاقة المباشرة بينهما بسبب نقص الأدلة القاطعة.
وأكدت الدراسة أن غياب الربط المباشر لا يقلل من أهمية النتائج، بل يبرز قدرة الإنسان على التكيف مع المناخ القاسي وإدارة موارده في بيئة صحراوية متغيرة.
وأوضحت أن النقوش الضخمة تعكس تنظيمًا اجتماعيًا يسمح بتخصيص وقت وجهد للمهام غير المرتبطة بالبقاء فقط، ما يدل على وجود حد أدنى من الاستقرار الاجتماعي بفضل توفر المياه الموسمية.
ولفتت إلى أن المنطقة لم تكن مجرد صحراء مقفرة كما كان يُعتقد، بل بيئة نشطة شهدت حضارة فنية وبشرية، ساهمت في تطوير أدوات معقدة وتواصل ثقافي مستمر.
وأشار الباحثون إلى أن صحراء النفود الكبير، بمساحتها البالغة 65 ألف كيلومتر مربع وارتفاع كثبانها الذي يصل إلى 150 مترًا، لا تزال تحمل الكثير من الاكتشافات الأثرية، بما في ذلك بقايا فيلة عملاقة وخيول وغزلان منقرضة، وأقدم المصائد الحجرية في العالم، ما يؤكد أن الجزيرة العربية كانت موطنًا للحياة البشرية منذ آلاف السنين.
تفاصيل اكتشاف نقوش صخرية عمرها 12 ألف عام بالسعودية – صور