منشور سابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حول قطر يثير (تساؤلات) واسعة

أثار منشور سابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي على منصة “إكس”، أثنى فيها على الجهود الدبلوماسية لقطر أثناء حرب غزة، تساؤلات واسعة في إسرائيل.
وذكر تقرير نشره موقع “واللا” العبري، أن رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، نشر تدوينة على منصة “إكس” أثنى فيها على الجهود الدبلوماسية لقطر أثناء الحرب.
وقد جاء ذلك في أكتوبر 2023، بعد 10 دقائق فقط من انتهاء اجتماع حضره في مكتب رئيس الوزراء في تل أبيب، بحضور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاره السياسي آنذاك يوناتان أوريتش. ووفقا لجدول الأعمال، حضر الاجتماع أيضا المتحدث باسم نتنياهو، عوفر غولان.
وقال هنغبي في منشوره بتاريخ 25 أكتوبر الساعة 11:55 صباحا: “يسعدني أن أقول إن قطر أصبحت طرفا فاعلا وأساسيا في تسهيل الحلول الإنسانية. إن الجهود الدبلوماسية القطرية حاسمة في هذا الوقت”.
وبحسب جدول أعمال رئيس الوزراء، فقد حضر هنغبي اجتماعا مع نتنياهو وأوريتش بدأ في الساعة 11:45 صباحا. وفي الساعة 12:00، بدأ نتنياهو اجتماعا آخر، ما يؤدي إلى الاستنتاج بأن هنغبي نشر تدوينته التي أشاد فيها بقطر فور انتهاء الاجتماع الذي حضره أوريتش، وفق التقرير.
وعلى الرغم من أن جميع هذه المواد متاحة عبر الإنترنت، فقد جرى الكشف عن جدول أعمال رئيس الوزراء بعد طلب لحرية المعلومات قدمته منظمة “هتسلحة” غير الحكومية، في حين أن منشور هنغبي متاح للجميع على منصة “إكس”.
وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل التحقيق لموقع “واللا” إنها لا تعلم ما إذا كان توقيت منشور هنغبي، المتزامن مع الاجتماع الذي حضره أوريتش ورئيس الوزراء، قد جرى التحقيق فيه، لكن وفقا لأحد هذه المصادر، فإنه “بالتأكيد أمر يجب التحقيق فيه”.
وعلاوة على ذلك، يتعارض منشور هنغبي بشكل مباشر مع رواية المحامي عميت حداد، ممثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال في جلسة استماع عقدت في أبريل الماضي أمام محكمة الصلح في ريشون لتسيون إن أوريتش لا يمكن اعتباره موظفا عاما أو حكوميا فيما يتعلق بجرائم الاحتيال وخيانة الأمانة.
والسبب في ذلك، بحسب حداد، هو أن من لا يعتبر موظفا حكوميا أو عاما لا يمكنه الاجتماع في مكتب رئيس الوزراء مع رئيس مجلس الأمن القومي في قضايا تتعلق بالسياسة.
وحسب التقرير، يظهر فحص آخر لجدول أعمال رئيس الوزراء لشهر أكتوبر 2023 أن أوريتش التقى هنغبي مرة أخرى على الأقل، إضافة إلى لقائه السكرتير العسكري لنتنياهو آنذاك، اللواء آفي غيل.
مقال عبري يسخر من نتنياهو وعائلته: لا نحتاج إلى قنبلة من إيران لمحو إسرائيل
عقد الاجتماع بعد عشرة أيام من أحداث 7 أكتوبر، أي في 17 أكتوبر 2023، في مكتب رئيس الوزراء في تل أبيب، وكان عنوانه “التحضير لاجتماع”.
ويضع هذا الاجتماع أيضا الادعاء بأن أوريتش لا يمكن اعتباره موظفا حكوميا أو عاما فيما يتعلق بجرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، لأنه يشارك في أهم الاجتماعات في مكتب رئيس الوزراء.
وجاء في التقرير أنه في أبريل الماضي، أفاد حداد في المحكمة في ريشون لتسيون بأن أوريتش ليس موظفاً حكوميا، بينما ردت ممثلة الشرطة قائلة: “وفقا لمنهجيتك هو ليس موظفا عاما- ووفقا لمنهجيتنا هو كذلك”.
ومع ذلك، وفي الجلسة نفسها، أوضح حداد أنه طلب تعيين أوريتش كموظف حكومي أو موظف عام، بل واتصل بالنيابة العامة مذكرا إياها بذلك، لكن الطلب لم ينفذ. وأوضحت النيابة العامة آنذاك لحداد أن أوريتش لن يعين كموظف حكومي بسبب الإجراءات الجنائية المستمرة ضده.
إلى جانب ذلك، قال رئيس الوزراء نتنياهو بنفسه في مؤتمر صحفي في مايو الماضي إنه أصدر تعليماته لمستشاريه الإعلاميين، بمن فيهم يوناتان أوريتش، بمهاجمة قطر.
وبالتالي، فإن أوريتش- على الأقل وفق تصريحات نتنياهو- تحدث معه بشأن قطر، بحسب “واللا”.
هذه التطورات أثارت تساؤلات عديدة، إذ كشف تقرير نشره أفيشاي غرينتزفيغ على قناة “i24″ أن أوريتش كان في صدد الحصول على تصنيف أمني، لكنه قرر الانسحاب بعد أن تبيّن له أنه سيسأل في اختبار جهاز كشف الكذب التابع لـ”الشاباك” عما إذا كانت له علاقات بدول أو جهات أجنبية.
ورد مكتب رئيس الوزراء على التقرير بالقول: “لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. هذا خبر كاذب تماما، وتقرير مليء بالأكاذيب يصل إلى حد التشهير ويشكل أساسا لدعوى قضائية”.
وفي اليوم نفسه الذي نشر فيه هنغبي تدوينته، أدلى نتنياهو ببيان صحفي تناول فيه أهداف الحرب: القضاء على حركة حماس وبذل كل جهد ممكن لإعادة المحتجزين إلى ديارهم. وقال نتنياهو: “نحن نفعل ذلك من دون اعتبارات سياسية”. كما أشار إلى توقيت العملية البرية للجيش الإسرائيلي التي حددت في الكابينت الحربي، مضيفا: “سيتعين على الجميع تقديم إجابات، بمن فيهم أنا، ولكن كل ذلك سيحدث فقط بعد الحرب”.
من جهتهما، أصدر المحاميان عميت حداد ونوعا ميلشتاين بيانا جاء فيه: “يوناتان أوريتش لم يتحدث أبدا مع رئيس مجلس الأمن القومي أو أي مسؤول سياسي/حكومي آخر بشأن قطر، ولم يعمل قط على تعزيز أو خدمة مصالح قطر في إسرائيل”.
في المقابل، قالت حملة “أحرار في وطننا”: “يجب أن تهز فضيحة (واللاه) المنظومة بأكملها في إسرائيل. يجب أن يطالب رئيس مجلس الأمن القومي بإقالة أوريتش فورا. ففي مكتب فاسد مثل مكتب رئيس الوزراء، يمكن للمتحدث الرسمي أن يطلع رئيس مجلس الأمن القومي، بعد شهر من المذبحة، على دولة تدعم الإرهاب وتحقق ملايين الدولارات من ذلك”.
ورد مكتب رئيس الوزراء في بيان: “مستشارو رئيس الوزراء لم يناقشوا قضايا سياسية مع رئيس مجلس الأمن القومي أو رئيس الوزراء، وأي ادعاء آخر هو كذب. أي منشورات لرئيس مجلس الأمن القومي هي على مسؤوليته الشخصية. وخلال الحرب، انتقد رئيس الوزراء نتنياهو بشدة سلوك قطر وقناة الجزيرة التي تسيطر عليها، ودعا إلى ممارسة ضغط سياسي على قطر من أجل إطلاق سراح المحتجزين”.
ولم يصدر أي رد من مكتب رئيس مجلس الأمن القومي على طلب “واللا” للتعليق.
وتعرف القضية إعلامياً باسم “قطر غيت” (QatarGate)، وهي فضيحة سياسية في إسرائيل تتمحور حول مزاعم بتلقي مستشارين ومساعدين مقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أموالاً من جهات قطرية. وتشير هذه المزاعم إلى أن الهدف كان تحسين صورة قطر وتعزيز مصالحها في إسرائيل، خصوصا في ظل وساطتها بمفاوضات إطلاق سراح الأسرى.
وتشمل التحقيقات شخصيات بارزة من المستشارين الإعلاميين والسياسيين المقربين جدا من نتنياهو.
من جانبها، نشرت وزارة الإعلام الدولية في قطر في أبريل الماضي بيانا قالت فيه، ردا على “التقارير الإعلامية الكاذبة حول عملية الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل”: “تعرب دولة قطر عن استنكارها الشديد للتصريحات الإعلامية من قبل بعض الإعلاميين والوسائل الإعلامية التي تزعم قيام دولة قطر بدفع أموال للتقليل من جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة أو أي من الوسطاء في عملية الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل”.
وأكد البيان أن “هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تخدم سوى أجندات تهدف إلى إفساد جهود الوساطة وتقويض العلاقات بين الشعوب الشقيقة، كما أنها تمثل حلقة جديدة في مسلسل التضليل وتشتيت الانتباه عن المعاناة الإنسانية والتسييس المستمر للحرب”، محذرا من “انزلاق هؤلاء الأشخاص نحو خدمة مشاريع لا هدف لها إلا إفشال الوساطة وزيادة معاناة الأشقاء في فلسطين”.