سعودي ترك مجاورة الملايين ليصدح في سوق تمور لـ 3 عقود

مع بزوغ كل فجرٍ جديد تصدح حنجرة أحمد المزيد، أحد أبناء محافظة عنيزة التابعة لمنطقة القصيم وسط السعودية، والبالغ من العمر 64 عاماً، الذي ترك عمله في أحد البنوك، بالقرب من الملايين، فاتحاً أبواب المزايدة على بعض أنواع التمور، المعروضة في سوق محافظته، ويعد ضمن أكبر أسواق التمور في العالم.
المزيد في لحظة من الصفاء، قرر فتح قلبه لـ”العربية.نت”، نابشاً أجزاء من ماضيه وتاريخه، منذ أن كان شاباً يافعاً، حتى اليوم، معبراً عن صعوبة الحياة في الماضي، على عكس ما هي عليه اليوم، والتي تعددت فيها وسائل التطور والرفاهية، واختصار الوقت والجهد.
حين بلغ المزيد سن السابعة عشرة وكان ذلك عام 1399 للهجرة، أي بين عامي 1978 – 1979 ميلادي، اختار الاعتماد على الذات، وقرر البحث عن عمل، وبالفعل ذلك ما كان، إذ حصل نظير تفوقه في لغة المال والأرقام، على وظيفة بأحد البنوك السعودية، لكن شغفه في الحياة الريفية، المرتبطة بالزراعة، والفلاحة، وتربية المواشي، حالت دون استمراره في العمل البنكي، ليعود إلى منطقته واختار آنذاك ممارسة “الدلالة” وهو مصطلح معروف في السعودية على العاملين في المزايدات السوقية، واستقر في سوق التمور في منطقة القصيم، وعنيزة تحديداً منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.
اليوم الأول
ما كان مغرياً للمزيد، هو اقتحامه هذه المهنة، التي حصد منها في اليوم الأول من ممارستها مبلغاً جيداً، ما دفعه للاستمرار في هذا المجال المُدر للمال، وفقاً لرأيه.
من الدلالة إلى الاستثمار
وحسب رواية أحمد المزيد، فإنه عاماً بعد عام، بدأ بالاقتناع بأن عمله لا يكفي، واتجه إلى الاستثمار من خلال المشاركات السنوية في مهرجان التمور في محافظته، وأسس علاقات جيدة مع كبار التجار، واكتسب خبرةً واسعةً في هذا المجال، وفهم دهاليز البيع وجني الأرباح.
السوق وصقل المواهب
ويأخذ المزيد تجربته كشاهد على ضرورة عدم التردد، وهي رسالة وجهها للشباب من أبناء جلدته، الذين حذرهم من الخوف، ودعاهم في ذات الوقت إلى التحلي بالشجاعة لدخول التجارة، التي قد تعود بعوائد مالية باهظة على الفرد، يمكن أن تغنيه عن الوظيفة.
مهنة الدلالة
وتختصر مهنة الدلالة، وهي مهنة قديمة يقوم فيها الشخص “الدلال أو السمسار” بدور الوسيط بين البائع والمشتري، لإتمام صفقة تجارية، في شتى المجالات وعموم الأسواق، بحيث يقوم الدلال بالبحث عن المشترين أو البائعين، والتفاوض بينهم لتسهيل إتمام الصفقة، ليحصل على نسبة من قيمة الصفقة.
الدلاّل بين الكوميديا والصوت العالي
ولكل دلاّل أو “وسيط” في لغة العصر الحديث، أسلوبه الخاص في ممارسة مهنته، إذا يعتمد البعض منهم على الكوميديا لجذب المتسوقين والمشترين، ما يخلق حالة من الالتئام حوله، فيما ينتهج البعض منهم ممارسة رفع الصوت عبر مكبرات، بطريقة غير عادية، جُلها يعتمد على أسلوب مناداة غير مألوف.
الفرق بين الشريطي والدلاّل
والشريطي والدلاّل – وهما مصطلحان يطلقان في السعودية والخليج على وسطاء البيع – فهما يمارسان ذات المهنة، في سياق بيع وشراء أي سلعة كانت، لكن الاختلاف بينهما يكمن في تفاصيل الأدوار، إذ أن الأول “أي الشريطي” يعتمد على الشراء بأسعار منخفضة، لإعادة بيعها لتحقيق الربح، وغالباً ما يعتمد على مهاراته التفاوضية وخبرته في السوق، فيما يعتمد الدلاَل على عملية تسهيل البيع والشراء بين البائع والمشتري مقابل عمولة، يتم الاتفاق عليها مسبقاً.