السعودية

السعودية تفتح باب التملك للأجانب.. والقطاع العقاري يستعد لقفزة كبرى

في أول رد فعل على موافقة مجلس الوزراء السعودي، أمس الثلاثاء، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على نظام تملك غير السعوديين للعقار، شهدت أسهم قطاع التطوير العقاري في سوق الأسهم السعودية قفزات قوية تجاوزت 6% ما يؤشر على قفزة نوعية تنتظر القطاع مستقبلاً.

وبينما تلقت الأسهم القرار بإيجابية، أجمع محللون وبنوك استثمار، على أهمية القرار في دعم وتعزيز المنتج العقاري وتشجيع الاستثمارات العقارية النوعية.

يستهدف النظام المحدث لتملك غير السعوديين للعقارات المدن الكبرى ويتماشى مع خطط السعودية الاستثمارية الضخمة في أعمال البناء.

وفي سياق متصل، قالت مديرة الأبحاث للمملكة العربية السعودية لدى نايت فرانك الشرق الأوسط، لارا عويضة، إن نظام تملك الأجانب للعقار في السعودية يمثل “تحولاً كبيراً” للقطاع السكني، إذ يفتح الباب أمام تدفق رؤوس الأموال والخبرات العالمية ويستقطب المطورين الدوليين إلى السوق السعودية.

وأوضحت عويضة، في مقابلة مع “العربية Business”، أن سوق العقارات سجل في الربع الأول من عام 2025 قيمة إجمالية بلغت 60 مليار ريال، 65% منها كانت صفقات سكنية، مما يعكس قوة الطلب حتى قبل صدور القانون الجديد.

وبينت أن العاصمة الرياض ومدينة جدة تستقبلان العدد الأكبر من المستثمرين، مدعومة بالمشاريع الضخمة والفعاليات الكبرى. ففي الرياض، شكلت مبيعات المنازل 61% من قطاع العقارات بزيادة 3% على أساس سنوي، مدفوعة بنمو السكان وتوسع البنية التحتية وتحسن نمط الحياة. أما جدة، فموقعها الساحلي يجعلها وجهة مثالية للمشاريع السكنية متعددة الاستخدامات والمشاريع الفاخرة والعائلية.

ارتفاع الطلب
وشددت على أن القدرة الشرائية هي التحدي الرئيسي لقطاع السكن، مؤكدة أن القانون الجديد يحمي مصالح المواطنين بوضع آليات تنظيمية خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، لضمان تحقيق التوازن العقاري.

وتوقعت زيادة المعروض مع ارتفاع الطلب، ما سيمنح استقرارًا للسوق العقارية في السعودية.

وأوضحت أن القانون الجديد يمنح فرصة للمستثمرين المحليين لدخول سوق العقار السكني في المملكة، الذي يعد من أسرع الأسواق السكنية نموًا عالميًا.

وأشارت عويضة، إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الوحدات السكنية في الرياض إلى نحو 1.7 مليون وحدة بحلول عام 2030، مقارنة بـ 1.4 مليون وحدة في أواخر عام 2024، مما يوفر فرصًا استثمارية واعدة للأجانب والمحليين. كما ستواصل الشركة الوطنية للإسكان جهودها في تطوير مشاريع الإسكان الميسر.

من جانبه، قال مدير تحرير الاقتصاد في صحيفة الرياض خالد الربيش، إن النظام الجديد يسمح بتملك الأجانب للعقار في المدن السعودية الكبرى ومكة والمدينة بشروط محددة، وسيكون التملك في مكة والمدينة متاحا للمسلمين فقط وفي مشاريع كبرى محددة مثل “مسار مكة”.

وأضاف الربيش، في مقابلة مع “العربية Business”، أن تملك الأجانب في الرياض وجدة، سيكون محصورا في مناطق محددة وفق ما ستحدده اللائحة التنفيذية، ويُتوقع أن يرفع القرار جودة المشاريع من خلال دخول الاستثمارات الأجنبية.

وبشأن مدى تأثيره على أسعار العقار، قال الربيش، إن الهدف من القرار ليس رفع الأسعار، بل تحسين نوعية المشاريع عبر استثمارات نوعية.

ستحدد الهيئة العامة للعقار قريبا مناطق التملك المسموح بها للأجانب لتجنب التأثير السلبي على الأسعار، ولا يتوقع ارتفاع كبير في الأسعار لأن التملك سيكون محدودا وموجها، وسيحفز النظام الجديد دخول شركات تطوير عقاري عالمية خاصة في مشاريع كبرى بالرياض، وفق الربيش.

3 أهداف رئيسية
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية، خالد المبيض، إن ‎نظام تملك الأجانب للعقار يحقق 3 أهداف رئيسية، هي حماية مصلحة المواطن الأساسية، ودعم المشاريع العملاقة والمدن الجديدة، وتشجيع الاستثمارات العقارية المتخصصة.

وأوضح المبيض، أن حماية مصلحة المواطن الأساسية، تتمثل في ضمان ألا يؤثر تملك الأجانب للعقارات سلبا على المواطن، أو يُنافسهم في شراء المساكن، مع الحرص على تحقيق منفعة حقيقية للمواطنين.

ويتمثل دعم المشاريع العملاقة والمدن الجديدة، في تمكين بيع العقارات ضمن هذه المشاريع للأجانب؛ لاجتذاب العملة الصعبة وتعظيم العوائد الاقتصادية منها، ويشجع الاستثمارات العقارية المتخصصة، عبر تيسير عمل الشركات الأجنبية الرائدة في تطوير المشاريع العقارية الكبرى، وضمان حقوقها الأساسية لا سيما في حفظ وتوثيق ملكيتها، وفق المبيض.

وتوقع خالد المبيض، أن يركز النظام على المدن الكبيرة والجديدة مثل نيوم والبحر الأحمر، وأيضاً يشجع الاستثمار في المدن الصغيرة.

الإقامة المميزة وتملك الأجانب للعقارات
من جانبها، ذكرت بحوث المجموعة المالية “هيرميس” في مذكرة بحثية في يناير الماضي، أن تعديل قانون تملك الأجانب في السعودية، خاصة إذا شمل تقليل الحد الخاص بالإقامة المميزة المرتبطة بامتلاك العقارات، سيؤدي إلى تعزيز الطلب على العقارات من قبل المستثمرين غير السعوديين، خاصة المغتربين والأجانب الراغبين في الاستفادة من برامج الإقامة المميزة. هذا التغير من المتوقع أن يوسع قاعدة المشترين ويزيد من نشاط السوق العقاري، مما يدعم نمو القطاع بشكل أكبر.

وتعتقد “هيرميس” أن هذه الخطوة، قد تُحدث نقلة نوعية في القطاع. حالياً، يشترط الحصول على الإقامة المميزة تملك عقار لا تقل قيمته عن 4 ملايين ريال سعودي، وهو رقم يُعد عائقاً أمام شريحة واسعة من الوافدين. لكن التوجه الجديد قد يشهد خفض هذا الحد، ما من شأنه أن يفتح الباب أمام موجة جديدة من الطلب، ويمنح السوق دفعة قوية نحو النضج والانفتاح.

الوافدون، الذين لطالما شكّلوا جزءاً كبيراً من النسيج الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، قد يصبحون قريباً من أبرز اللاعبين في سوق العقارات السكنية. أما غير المقيمين، فقد يجدون في المدن المقدسة – مكة المكرمة والمدينة المنورة – وجهة استثمارية وسياحية جذابة، خصوصاً في ظل الطفرة التي تشهدها السياحة الدينية.

لكن التحديات لا تزال قائمة. فغياب منتجات رهن عقاري مخصصة للأجانب، إلى جانب هيمنة العروض الحكومية على السوق، يحدّ من قدرة الوافدين على الدخول بقوة. كما أن نموذج البيع على الخارطة، الذي تم تطبيقه حديثاً، لم يترسخ بعد بما يكفي ليكون أداة فعالة في هذا التحول.

ومع ذلك، فإن تخفيف القيود، سواء عبر التشريعات أو عبر تسهيلات الإقامة، قد يكون الشرارة التي تُطلق العنان لمرحلة جديدة من النمو العقاري في المملكة، وتُعيد رسم خريطة التملك والاستثمار في واحدة من أكثر الأسواق ديناميكية في المنطقة.

تستهدف السعودية توفير أكثر من مليون منزل وأكثر من 362 ألف غرفة فندقية، وأكثر من 7.4 مليون متر مربع من مساحات التجزئة، بالإضافة إلى 7.7 مليون متر مربع من المساحات المكتبية الجديدة بحلول نهاية العقد.

سوق الأسهم السعودية
وعلى مستوى سوق الأسهم السعودية، رجحت “هيرميس” استفادة شركات مثل “رتال” والتي ارتفع سهمها 6.76% اليوم الأربعاء، بالإضافة إلى شركات أخرى تكيفت مع النموذج الجديد للبيع على الخارطة، مثل “العقارية” والتي ستستطيع استغلال الفرص بشكل أسرع بعد التعديلات نظراً لحجم محفظة أصولها العقارية الضخمة.

كما أن تقليل الحد للإقامة المميزة المرتبط بامتلاك العقارات سيوفر حافزاً أكبر للأجانب لشراء العقارات، وهو ما سيدعم بشكل مباشر تطور السوق بشكل أوسع وأكثر تنوعاً، بحسب تقرير “The Year ahead 2025″، والذي اطلعت عليه “العربية Business”.

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى