بين الإدمان والاكتئاب.. كيف يغير البلوغ الأزرق حياة الشباب؟

في عصر تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية، ظهرت مصطلحات جديدة تعكس تأثير هذه التقنيات على حياتنا، من بين هذه المصطلحات”البلوغ الأزرق”.
ويُستخدم مصطلح “البلوغ الأزرق” لوصف المرحلة التي يبدأ فيها الأفراد، خصوصًا المراهقين، في التفاعل المكثف مع التكنولوجيا والإنترنت.
وتشير الدراسات إلى أن هذه المرحلة تتسم بتغيرات في السلوك والعادات، مثل زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والاعتماد على الأجهزة الذكية في الحياة اليومية.
تكشف الأبحاث أن التفاعل المكثف مع التكنولوجيا قد يحمل آثارا سلبية على الصحة النفسية، فبينما توفر التكنولوجيا أدوات مهمة للتعلم والتواصل، إلا أن الإفراط في استخدامها يرتبط بظهور مشكلات مثل القلق، الاكتئاب، العزلة الاجتماعية، وتدني تقدير الذات، خاصة لدى فئة المراهقين.
أشارت دراسة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي والسريري عام 2018 إلى أن تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يوميًا يؤدي إلى انخفاض مستويات القلق والاكتئاب. ويفسر الباحثون ذلك بأن التصفح المتكرر يعزز المقارنة الاجتماعية، ويؤدي إلى شعور بعدم الكفاية أو العزلة.
وفي دراسة أخرى نُشرت في دورية سليب هيلث، تبين أن استخدام الهواتف أو الشاشات قبل النوم يؤثر سلبًا على جودة النوم، ويؤخر إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النعاس، بسبب التعرض المستمر للضوء الأزرق، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم وتغيرات مزاجية.
كما ربطت دراسة لجامعة بنسلفانيا بين كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتدني تقدير الذات، بالإضافة إلى زيادة مشاعر الوحدة. ويرجع ذلك إلى التفاعل المتكرر مع محتوى “منمق” يعرض حياة الآخرين بصورة مثالية، مما يعزز شعور الفرد بالنقص.
وفي عام 2020، أظهرت دراسة نشرتها مجلة نيتشر كوميونيكيشنز أن التبديل المستمر بين التطبيقات والأجهزة الذكية يقلل من قدرة الدماغ على التركيز طويل الأمد، نتيجة اعتياده على التفاعل السريع والاستجابة الفورية دون تفكير معمق.
من جانب آخر، توصلت دراسة أعدتها جامعة بيتسبرغ عام 2017 إلى أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل يزيد من الشعور بالوحدة، على عكس ما قد يُعتقد، إذ إن العلاقات الرقمية لا تعوض التفاعل الإنساني المباشر.
تجمع الدراسات على أهمية تحقيق توازن صحي بين استخدام التكنولوجيا والحياة الواقعية. ويشمل ذلك تحديد أوقات محددة لاستخدام الأجهزة الذكية، وتشجيع الأنشطة البدنية، والمشاركة في التواصل الحقيقي مع الآخرين.
كما يبرز دور الأسرة والمربين في توجيه الأطفال والمراهقين نحو الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا، ومراقبة المحتوى الذي يتعرضون له، بما يضمن استفادتهم من مزايا العالم الرقمي دون الوقوع في مخاطره النفسية والسلوكية.