قطر

قطر وأميركا: 200 مليار دولار شراكة اقتصادية تتجه للارتفاع

تُوصَف العلاقات الاقتصادية بين قطر والولايات المتحدة، بالاستراتيجية والقوية المتنوعة، إذ تشمل شراكة تجارية وكذا الاستثمار والطاقة والتعاون المالي، وتُعد واشنطن من أبرز الشركاء التجاريين للدوحة، ويتجاوز حجم الشراكة الاقتصادية بين البلدين 200 مليار دولار، واستثمرت قطر مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأميركي، ما وفّر عشرات الآلاف من الوظائف في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وتعمل في السوق القطرية أكثر من 220 شركة مملوكة بالكامل للجانب الأميركي، إضافة إلى 640 شركة أُقيمت بالشراكة بين الجانبين، وفقاً لتصريحات رسمية. ويبدأ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأربعاء، زيارة إلى قطر تستمر ليومين.

واعتبر سفير الولايات المتحدة لدى قطر، تيمي ديفيس، خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد الماضي في الدوحة، أن الزيارة تعكس رغبة قيادتي البلدين بالاحتفاء بالأعمال التجارية والاقتصادية التي تجمعهما، متوقعاً الإعلان خلال الزيارة عن اتفاقيات في قطاعات متعددة، مثل: التعليم، والدفاع والأمن، والتجارة والاستثمار، والقطاع الصحي، لافتاً إلى إجراء محادثات حول إيجاد مسارات وقطاعات جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين.

ووصف الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة قطر، جلال قناص، العلاقة بين قطر والولايات المتحدة بالاستراتيجية، موضحاً في حديث مع “العربي الجديد” أن هذه العلاقة تركز اقتصادياً على جوانب غاية في الأهمية، فقطر هي دولة محورية في أمن الطاقة العالمي، إذ تساهم في توفير الغاز والنفط، وتتشارك الدولتان في مشروع “غولدن باس” في تكساس، والبالغ حجم الاستثمار فيه نحو 11.5 مليار دولار، إذ تمتلك شركة قطر للطاقة ما نسبته 70% من المشروع، بينما تمتلك شركة إكسون موبيل 30%، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع 18 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، ويتوقع أن يبدأ الإنتاج في نهاية العام الجاري.
شراكة تجارية واستثمارية

وأشار قناص إلى قوة العلاقات التجارية والاستثمارية بين الولايات المتحدة وقطر، إذ وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى 5.6 مليارات دولار في 2024، مقدّراً الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة حالياً بنحو 70 مليار دولار، مستثمرة في مجالات مثل العقارات والتكنولوجيا وغيرها. وعززت الدولة الخليجية استثماراتها في الولايات المتحدة، من خلال جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي)، والذي افتتح مكتباً في مدينة نيويورك عام 2015، حيث دخلت شركة الديار القطرية، التابعة للصندوق السيادي، الاستثمار العقاري في أميركا، عبر مشروع “سيتي سنتر دي سي” في العاصمة واشنطن باستثمارات تصل إلى أكثر من 1.5 مليار دولار.

وحقق المشروع قيمة مضافة للسوق العقاري في الولايات المتحدة، من جهة مواصفات الجودة والكفاءة، واستخدام أنظمة صديقة للبيئة تتواءم مع معايير الاستدامة والأبنية الخضراء، لتتبعه مشاريع عديدة، منها فندق كونراد واشنطن بمساحة 30 ألف قدم مربع في قلب العاصمة الأميركية، والذي طورته الديار بالشراكة مع هاينز الأميركية للعقارات الدولية، ضمن سبعة عقارات طورتها “الديار القطرية” مع هاينز.

70 % زيادة في التبادل التجاري بين قطر وهونغ كونغ

وفي نيويورك، استحوذ صندوق الثروة السيادي القطري على فندق “بارك لين”، المطل على منطقة “سنترال بارك” الشهيرة وسط المدينة، ويتكون من 46 طابقاً، مقابل 623 مليون دولار. وفي عام 2020، تعهّد الصندوق السيادي القطري باستثمار 45 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات المقبلة، مع استثمارات رئيسية جرت في قطاعات متعددة، بما في ذلك النفط والغاز، والتكنولوجيا المالية، والعقارات، وإنتاج الأغذية، والضيافة، وغيرها. واحتلت قطر صدارة الدول الأجنبية الأكثر استثماراً في ولاية نيويورك خلال عام 2023، وذلك بقيمة استثمارات بلغت مليار دولار، وفقاً لما نقلته صحيفة “الشرق” القطرية، عن تقرير لموقع “The Real Deal”.

في يناير/ كانون الثاني 2022، أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية توصلها إلى اتفاق لشراء 50 طائرة طراز بوينغ 737 ماكس، إضافة إلى طلب منفصل لشراء 34 طائرة شحن ذات محركين من طراز بوينغ 777 إكس. وقدّرت الناقلة الوطنية القطرية القيمة الإجمالية للاتفاق بأكثر من 20 مليار دولار، واعتُبر “أكبر التزام شحن في تاريخ بوينغ من حيث القيمة”، ومن المتوقع تسليم أول دفعة من طائرات الشحن الجديدة إلى قطر في عام 2027.
حوارات استراتيجية

وتجسيداً للعلاقات المتينة والمزدهرة، انطلق الحوار الاستراتيجي السنوي بين قطر والولايات المتحدة في دورته الأولى في واشنطن مطلع عام 2018، وناقش الطرفان آفاق الشراكة في مجالات الدفاع، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة التطرف، والتجارة، والاستثمار، ووقّع الجانبان مذكرات تفاهم مختلفة وخطابات نوايا في مجالات التجارة الثنائية والاستثمار والتكنولوجيا وغيرها.

وفي مارس/آذار 2024، عُقد الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي، دورته السادسة في واشنطن، وناقش قضايا التعاون الأمني، والتجارة والاستثمار، والتغير المناخي، إلى جانب الصحة العالمية، والمساعدات الإنسانية، والتنمية الدولية، والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري.

في 30 إبريل/ نيسان الماضي، دخلت مؤسسة ترامب أول اتفاق تطوير عقاري لها في قطر، إذ وقّعت شركة الديار القطرية اتفاقية مع شركة دار غلوبال لتطوير نادي ترامب الدولي للغولف في سميسمة شمالي الدوحة، الذي يضم ملعب غولف فاخراً، مكوناً من 18 حفرة، ونادي غولف، ومجموعة حصرية من الفلل الفاخرة التي تحمل علامة “ترامب التجارية”، وحضر إريك ترامب، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة ترامب ونجل الرئيس الأميركي، حفل توقيع الاتفاقية، وقال في بيان: “نحن فخورون جداً بتوسيع نطاق علامة ترامب التجارية في قطر، من خلال هذا التعاون الاستثنائي مع الديار القطرية ودار غلوبال”، مضيفاً: “سيعكس نادي ترامب الدولي للغولف في سميسمة ومجمّع الفلل الفاخرة أعلى معايير الجودة لدينا”.

وتُعتبر الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي في قطاع النفط والغاز في قطر، وهو ما ظهر جلياً في تأسيس البلدين خلال السنوات الأخيرة مجلس الأعمال المشترك، والذي يهدف إلى تسهيل التبادل التجاري والاستثمار، وتشمل صادرات الولايات المتحدة إلى قطر: الطائرات، والسيارات، والآلات والمعدات الكهربائية، والأجهزة البصرية والطبية، والمنتجات الصيدلانية.

بينما تشمل صادرات قطر إلى الولايات المتحدة: الأسمدة، والألومنيوم، والغاز الطبيعي المسال. وحسب السفير الأميركي لدى قطر “من المتوقع أن تشهد زيارة الرئيس ترامب اتفاقات حول التعاون الرياضي، حيث ستستضيف الولايات المتحدة بطولة كأس العالم 2026، كما ستستضيف لوس أنجليس دورة الألعاب الأولمبية عام 2028، فيما ستستضيف الدوحة بطولة كأس العالم لكرة السلة عام 2027”.

ولفت تيمي ديفيس إلى إدراك واشنطن والرئيس ترامب وقادة الأعمال في الولايات المتحدة، أن دولة قطر تُقدم فرصاً رائعة للشركات والمستثمرين الأميركيين، فضلاً عن كونها تُقدم استثمارات مستدامة في الولايات المتحدة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى