السعودية

ترمب في الدرعية… زيارة تاريخية إلى مهد الدولة السعودية

في مشهد استثنائي يعكس البعد التاريخي للعلاقات السعودية الأميركية، زار مساء اليوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب منطقة الدرعية، مهد الدولة السعودية الأولى، برفقة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في خطوة لافتة تمزج بين السياسة والرمزية الثقافية.
لم تكن زيارة الرئيس الأميركي للدرعية، التي تأسست على ضفاف وادي حنيفة عام 850 هـ على يد الأمير مانع المريدي الجد الثاني عشر للمؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، محض مصادفة، بل تعكس عمق الارتباط بالجذور التاريخية للدولة السعودية. وقد تحوّلت الدرعية على مر القرون إلى مركز حضاري وسياسي في قلب الجزيرة العربية، بعدما كانت نقطة الانطلاق التي وحدت معظم أقاليمها تحت راية الدولة السعودية الأولى.
ويعد ترامب أول رئيس أميركي يزور الدرعية، متنقلاً بين معالمها التراثية، مثل حي الطريف المسجل ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي في اليونسكو، ومنطقة البجيري، وقصر العوجا، وحي غصيبة، وهي مواقع لا تزال تحتفظ بطابعها المعماري الأصيل، وتعبّر عن مرحلة مفصلية في تاريخ المملكة.
تُعرف الدرعية بلقب “جوهرة نجد”، وارتبطت عبر التاريخ بالعلم والثقافة والتنوير، إذ شهدت في عهد الإمام محمد بن سعود انطلاقة ثقافية وفكرية حولتها من مدينة صغيرة إلى حاضنة حضارية، ومرجعية سياسية للعالم الإسلامي في ذلك الوقت.
ووفق تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، فإن الدرعية كانت مركزاً للتعلم والفنون ومقصداً للتجار والعلماء، ما منحها مكانة متميزة في وجدان السعوديين، واعتُبرت رمزاً للوحدة والانبعاث السياسي في جزيرة العرب.

وتولي رؤية السعودية 2030 اهتماماً بالغاً بالدرعية، حيث يتم العمل على تطويرها وتحويلها إلى إحدى أبرز الوجهات الثقافية والسياحية في العالم. ويقود هذا التوجه مشروع ضخم لتأهيل المنطقة، بتكلفة تتجاوز 236 مليار ريال، ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية، وربط الأجيال الجديدة بتاريخ بلادهم.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، جيرارد إنزيريلو، أن المشروع يُعيد إحياء الدرعية كمركز للتراث والضيافة، ويحولها إلى نقطة جذب عالمية، بما يتماشى مع مستهدفات السياحة والثقافة ضمن برامج التحول الوطني.
تمثل الدرعية في الوجدان السعودي أكثر من مجرد مدينة تاريخية، فهي تجسيد للإرث السياسي والثقافي للدولة السعودية، ومنارة لهوية وطنية تشكلت عبر قرون. وتحمل زيارة ترامب إليها دلالة على إدراك عالمي متزايد لرمزية المكان، واعترافاً بالدور المتنامي الذي تلعبه السعودية على الساحة الدولية.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى