الإمارات تسبق 5 دول كبرى في إلزامية دمج الذكاء الاصطناعي بالتعليم

تتصدّر دولة الإمارات سباق الذكاء الاصطناعي في التعليم بين دول العالم، باعتبارها أعدّت منهاجاً دراسياً متكاملاً في هذا التخصص، يُدرَّس إلزامياً لطلبة المدارس الحكومية من مرحلة الروضة وحتى الصف الـ12.
وكشفت مقارنة تحليلية أجرتها «الإمارات اليوم» – بين تجربة دولة الإمارات وتجارب خمس دول أخرى هي: الولايات المتحدة الأميركية والصين والمملكة المتحدة وسنغافورة والهند، صنّفتها تقارير مؤسسة ومعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي في عام 2024، بأنها أكثر الدول استخداماً للذكاء الاصطناعي في التعليم – أن دولة الإمارات دمجت الذكاء الاصطناعي في التعليم فعلياً عبر مناهج وطنية شاملة، فيما تركزت جهود الدول الأخرى على توظيفه كأداة داعمة لتحسين جودة التعليم، وتحليل البيانات ورفع كفاءة المخرجات، من دون أن يصل ذلك إلى شمولية المنهج المماثلة للتجربة الإماراتية.
وقال خبراء التعليم لـ«الإمارات اليوم» إن الإمارات رسخت ريادتها عالمياً في الذكاء الاصطناعي، عبر خطوات استراتيجية غير مسبوقة، إذ أصبحت أول دولة تعتمد الذكاء الاصطناعي مادة دراسية رسمية تُدرّس للطلبة في جميع الحلقات، ما يعكس رؤيتها لبناء جيل متمكن من أدوات المستقبل.
رؤية متكاملة
وأكد رئيس التعليم المستمر وخبير المناهج والتقنيات التعليمية، الدكتور عطا عبدالرحيم، أن ما يميّز تجربة الإمارات هو «التحول من الاستخدام الجزئي للذكاء الاصطناعي كأداة مساندة، إلى دمجه كمكوّن رئيس في العملية التعليمية، بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة»، وأضاف أن هذه الخطوة نقلة نوعية غير مسبوقة، تضع الإمارات في موقع متقدم عالمياً، وتؤهلها لإعداد جيل يمتلك المهارات الرقمية منذ الصغر.
وأوضحت أستاذة تقنيات التعليم وتطوير المهارات، الدكتورة منى جابر، أن المقارنة «تعكس فارقاً واضحاً في الرؤية الاستراتيجية، حيث تتعامل الإمارات مع الذكاء الاصطناعي كمنهج تفكير وثقافة معرفية يجب تأسيسها مبكراً، بينما تركز الدول الأخرى على توظيف أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء التعليمي فحسب»، وأكدت أن «هذه الفجوة في النهج ستنعكس مستقبلاً على مخرجات التعليم، ومدى جاهزيتها لمتطلبات سوق العمل المتغيّر».
وقال مستشار تطوير نظم التعليم الرقمي، الدكتور أحمد الجنابي، إن «الإمارات استطاعت بناء بيئة تعليمية متكاملة تدعم الذكاء الاصطناعي، بدءاً من تطوير المناهج، مروراً بتأهيل الكوادر التعليمية، وصولاً إلى الاستثمار في البنية التحتية الذكية». وأضاف: «على الرغم من التقدّم التقني الذي تحققه دول مثل الصين والولايات المتحدة، فإنها لاتزال تفتقر إلى نموذج وطني موحد لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم العام، ما يمنح الإمارات الأفضلية في هذا السباق».
الإمارات تتفوق
وفي سياق متصل، تشير نتائج المقارنة التي أجرتها «الإمارات اليوم» إلى أن الإمارات تتفوق على نظيراتها من الدول الكبرى من حيث تكامل الرؤية، وشمولية التطبيق، وتسارع التنفيذ، حيث بات الذكاء الاصطناعي جزءاً أصيلاً من المنظومة التعليمية وليس مجرد أداة تقنية، ويُعدّ ذلك مؤشراً على نضج الرؤية الإماراتية وأسبقيتها في إعداد أجيال قادرة على التعامل مع معطيات العصر الرقمي، بمهارة واقتدار.
وركزت المقارنة، التي استندت إلى الاطلاع على الأنظمة التعليمية للدول المذكورة، ومعلومات ورادة بتقرير مؤسسة ومعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي عن عام 2024، على ثلاثة محاور رئيسة، تضم السياسات والاستراتيجيات التعليمية، وتطوير المناهج، ومستوى التطبيق العملي للذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات التعليمية.
الإمارات.. ريادة في التعليم الذكي
تُعدّ دولة الإمارات أول دولة في العالم تطلق منهجاً دراسياً متكاملاً للذكاء الاصطناعي، وتُدرّسه كمادة رسمية للطلبة من مرحلة الروضة حتى الصف الـ12، في خطوة تعكس رؤية مستقبلية لبناء جيل قادر على التعامل مع متغيرات الثورة الصناعية الرابعة. وتشمل جهود الدولة تدريب المعلمين، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحفيز الابتكار داخل البيئة المدرسية، إلى جانب إطلاق مبادرات مثل «المدرسة الرقمية»، و«جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي».
الولايات المتحدة الأميركية
وفي الولايات المتحدة الأميركية يُعدّ الذكاء الاصطناعي جزءاً من تطوير المهارات المستقبلية في مراحل التعليم العالي، وبعض مدارس التعليم العام. وعلى الرغم من وجود مبادرات رائدة على مستوى الجامعات والشركات التقنية، مثل «Google for Education»، فإن دمجه في المناهج المدرسية لايزال متبايناً بين الولايات، ويعتمد بدرجة كبيرة على الشراكات المحلية.
الصين.. استراتيجية وطنية
وتبنّت الصين خطة وطنية طموحة منذ عام 2017 لتعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم، عبر تطوير مناهج، وتوسيع نطاق التدريب التقني، وتجريب الفصول الذكية، كما تعمل على جمع البيانات التعليمية وتحليلها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لتحسين الأداء الأكاديمي، إلا أن تركيزها الأكبر لايزال على المرحلتين الثانوية والجامعية فقط.
المملكة المتحدة.. نهج تدريجي
وتركز المملكة المتحدة على دمج المهارات الرقمية ومفاهيم الذكاء الاصطناعي ضمن مناهج الحوسبة والمقررات التقنية، مع وجود دعم حكومي لتعزيز التدريب المهني والتقني للمعلمين. وعلى الرغم من توافر المحتوى التعليمي المتقدم، فإن التطبيق لايزال محدوداً في المراحل الابتدائية والمتوسطة.
سنغافورة.. نموذج قائم على البيانات
وتمثّل سنغافورة نموذجاً متقدماً في توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء الطلبة وتخصيص التعليم وفق احتياجاتهم، مع تطوير أدوات تعليمية ذكية، وتطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتُدمج هذه التقنيات بشكل منظم ضمن بيئة تعليمية تفاعلية، تركز على الكفاءة وتحسين جودة التعلم.
الهند.. محو الأمية الرقمية
وفي الهند، تركز الجهود على دمج الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى التعليم، خصوصاً في المناطق الريفية، وأطلقت الحكومة مبادرات مثل «AI for All»، بالتعاون مع شركات تقنية عالمية، إلا أن البنية التحتية المحدودة، والتفاوت في مستوى المدارس، لايزالان يشكلان تحدياً كبيراً أمام التوسع السريع.