لغز المرض الغامض بالدماغ في كندا.. العلم ينفي والقلق يتصاعد

أظهرت دراسة علمية جديدة، خضعت لمراجعة أكاديمية دقيقة، عدم وجود أدلة على إصابة سكان مقاطعة نيو برونزويك الكندية بمرض دماغي غامض، وهو ما يتعارض مع روايات العديد من العائلات في المنطقة، التي لا تزال مقتنعة بوجود مشكلة صحية غير مفسّرة تهدد أبناءها.
وجاءت هذه النتائج في وقت تستعد فيه سلطات المقاطعة لإجراء تقييم خاص بها يشمل أكثر من 220 حالة يُشتبه في إصابتها بأعراض عصبية غامضة، في محاولة لتقديم إجابات واضحة للعائلات التي يلاحقها هذا الغموض الطبي منذ عدة سنوات.
وقد نُشرت الدراسة في مجلة JAMA الطبية الأمريكية، واعتمدت على مراجعة مستقلة لـ25 حالة من أصل 222، سبق أن شخصها طبيب الأعصاب أليير ماريرو المقيم في مدينة مونكتون.
فريق الباحثين، الذي ينتمي إلى مؤسسات كندية عدة من بينها جامعة تورونتو وشبكة Horizon الصحية في نيو برونزويك، خلص إلى أن الحالات التي شملتها الدراسة لم تكن ناتجة عن مرض جديد، بل تعود إلى أمراض عصبية معروفة مثل ألزهايمر وباركنسون، بالإضافة إلى اضطرابات عصبية وظيفية، وإصابات دماغية رضحية، وحالات سرطان انتشاري وصلت إلى الدماغ.
ورغم الطابع العلمي للدراسة، إلا أن الشكوك لا تزال تسيطر على كثير من العائلات، التي ترى أن التقرير الجديد يتجاهل مرة أخرى احتمالية وجود تلوث بيئي هو السبب في تفشي هذه الأعراض الغامضة.
القلق حول هذا “المرض المجهول” بدأ في عام 2021، حين أبلغت السلطات الصحية في نيو برونزويك عن أكثر من 40 حالة ظهرت عليها أعراض تشبه مرض كروتزفيلد جاكوب، وهو مرض تنكسي نادر وخطير يصيب الدماغ.
وفي عام 2022، أصدرت لجنة إشراف مستقلة تقريراً أكدت فيه أن المرضى يعانون من حالات مرضية معروفة، نافيةً وجود “تجمّع مرضي” يشير إلى متلازمة عصبية جديدة.
لكن الجدل لم يتوقف؛ فقد كشف تقرير سابق نشرته صحيفة الغارديان أن بعض العلماء أعربوا عن قلقهم من وجود “أمر واقعي يحدث” في نيو برونزويك، ملمحين إلى أن التحقيق أُوقف مبكراً رغم وجود مؤشرات مقلقة.
كما أشار تقرير الغارديان إلى رسالة كتبها الدكتور ماريرو في فبراير (شباط) 2025، ذكر فيها أن عدد الحالات المماثلة ارتفع إلى 507 حالة في مقاطعات كندية مختلفة، بينها نوفا سكوشا وأونتاريو وكيبيك، وأن عدداً من المصابين لا تتجاوز أعمارهم 45 عاماً.
الدراسة الأخيرة أوضحت أن نتائج التشريح لـ11 حالة من أصل 25 أظهرت أن احتمال وجود مرض جديد “ضئيل للغاية” بنسبة تقل عن 0.001. فيما رأى الباحثون أن سبب تضخّم هذه القضية يعود إلى “تشخيصات خاطئة” و”معلومات مضللة” تداخلت وأدت إلى ضرر متفاقم.
ولفت التقرير إلى أن أكثر من نصف الأشخاص المؤهلين للمشاركة في الدراسة رفضوا ذلك، مما أثار تساؤلات حول حجم الثقة بين المرضى والمؤسسات الصحية. كما ألقى الباحثون باللوم على “الاعتماد المفرط على الفحوصات التكميلية” و”التقييمات السريرية غير الدقيقة”، التي ساهمت في تعزيز فكرة وجود مرض غامض.
مرض دماغي يقتل 40 شخصاً في كندا.. والسلطات تحقق – موقع 24أثار انتشار مرض دماغي غامض في مقاطعة نيو برونزويك جنوب شرقي كندا حالة من القلق، بعد تسجيل مئات الإصابات وعشرات الوفيات.
من جهته، أعلن الدكتور ماريرو رفضه الكامل لما جاء في الدراسة، معبّراً عن “صدمته” لقيام تحقيق بهذا الحجم من دون علمه، مؤكداً أن لديه “الكثير من الأسئلة حول المنهجية والمحتوى”.
أما رئيسة وزراء المقاطعة، سوزان هولت، التي تولت المنصب مؤخراً، فتعهّدت بإجراء “تحقيق شامل وجاد” لمعرفة الحقيقة، مشيرة إلى أنه يجب على الحكومة بذل كل ما في وسعها لفهم ما يصيب السكّان ووضع حد له.
كما أكد كبير المسؤولين الطبيين في نيو برونزويك، الدكتور إيف ليجيه، أن نتائج دراسة JAMA لن تؤثر على قرار المقاطعة باستكمال التحقيق الخاص بها حول الحالات الـ222 التي أبلغ عنها الكتور ماريرو رسمياً، مشيراً إلى أن النتائج النهائية والتوصيات ستُنشر في تقرير علني خلال الأشهر المقبلة.