هذه قصة اللوحة الفنية المعلقة في مكتب ولي العهد السعودي

لطالما أظهر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اهتماماً بدعم المواهب الوطنية في مختلف المجالات، بما في ذلك الفنون والثقافة، إذ جرت العادة أن تنتشر الكثير من الصور الخاصة في مكتب ولي العهد فيما يبرز فيها لوحات فنية معلقة في حائط مكتبه في تجسيد واقعي لإيمانه بالقيمة الفنية التي تحملها تلك اللوحات لرسامين معظمهم سعوديون.
غير أن هذه المرة برزت لوحة فنية ملفتة في تفاصيلها الجمالية، وذلك في أثناء استقبال الأمير محمد بن سلمان للسفراء المعينين حديثاً، إذ تحمل توقيع الفنان السعودي محمد العجلان، مبينة فلسفته في إبراز الحرف العربي كعنصر بصري أساسي، في هذه الأثناء، يقول العجلان في لقاء أجرته معه “العربية.نت”: “بطبيعتي أستلهم كل شيء، جمادًا كان أو حيًا، بالحرف الذي يحمل كل شيء وأحمله عن ظهر قلب”.
في سياق متصل، تعتمد اللوحة عناصرها من الخط العربي، إذ تبرز الحرف العربي كمكون أساسي في العمل الفني، ويقول العجلان إنه بدأ العمل عليها في عام 2019، معتبراً الإبداع “رحلة مستمرة لا تُقاس بالزمن”.
ظهور مستمر للوحات الفنانين السعوديين في مكاتب ولي العهد ظهور مستمر للوحات الفنانين السعوديين في مكاتب ولي العهد
كما يضيف الرسام السعودي محمد العجلان: “الفكرة الرئيسية التي أردت إيصالها عبر العمل تجسدت في العلاقة الجمالية حول الفن والخط العربي”، مشيرا إلى أن هدفه الأسمى تأسيس مدرسة فنية بهوية عربية تنسب إليه، وتابع قائلاً: “رسالتي الفنية الدائمة تتمثل بتذوق اللغة العربية والحرف العربي بجميع نغماته”.
“كان شعوري كشعور الحرف حينها.. وتشرفت معهن حين عُلّقت في مكان قائد مسيرة الحرف والثقافة للوطن الحبيب”.. بهذه الكلمات يعبر الفنان السعودي محمد العجلان عن شعوره أثناء رؤيته لعمله معلقاً في مكتب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
من جهته، يرى الدكتور حكيم عباس، الناقد التشكيلي، أن العجلان فنان تشكيلي ناضج في رؤيته الفنية، متفرغ بالكامل للفن، ومؤثر في الساحة التشكيلية السعودية، ويحتل مكانة مهمة ضمن الصف الأول من الفنانين التشكيليين، وأعماله أصبحت مصدر إلهام وتأثير للفنانين السعوديين الهواة والمبتدئين، ما يعكس عمق طرحه الفني.
وتابع قائلا: “لا يمكن تصنيف أعماله ضمن مدرسة تشكيلية محددة وفق القواعد الأكاديمية، إذ إن البعض ينظر لأعمال الفنان العجلان بأنها شيء ما في عالم فن الحروفية. وآخرون يرونها ضمن الفن التعبيري، وبعضهم يكتفي بتسميتها تجريد”. ويرى بن عباس بعضها خاصة في الآونة الأخيرة في المجال التعبيري، ولكن جميعها تستخدم التجريد المطلق أحيانا وتارة التجريد النسبي. وأوضح خلال حديثه مع “العربية نت”: “ولأن الفنان هو بالأصل خطاط محترف، جاء أسلوبه كل هذا معا. كل هذا مجتمعا. إنه أسلوب العجلان والبناء التشكيلي الخاص به.
وأوضح الناقد التشكيلي أن أسلوب العجلان في استخدام الحرف العربي يأتي بثلاثة أشكال مختلفة كعنصر بصري رئيسي متشابك، أحيانًا ملتزم بشكله المعروف في فن الخط، وأحيانًا غير ملتزم بقوانينه، ويظهر بألوان متعددة أو بدرجات الأبيض والأسود، وآخر كعنصر متداخل في الكتل التشكيلية الملونة، مما يخلق عالماً متكاملاً من الرموز، فضلاً عن التجريد الديناميكي للحرف، إذ تظهر الحركات الخطية دون التزام دقيق بالنسب الرياضية، ما يمنحها طابعًا حرًا وهائمًا.
يشار إلى أن محمد العجلان فنان تشكيلي وخطاط وباحث في فلسفة الحرف العربي ومحكم دولي في فنون الخط العربي، أقام معرضه الشخصي الأول عام 1416ھـ بعنوان “السبع معلقات ومعلقة الخط العربي”، ثم معرضه الشخصي الثاني عام 1435ھـ بصالة تجرید بالریاض بعنوان “والھوى حرف مجید”، ثم توالت معارضه الشخصیة التي حظیت باھتمام المھتمین بتجربته الفنیة، وأشاد بھا نقاد كثر من المملكة والوطن العربي.